حينما شاهدت الاحتفالية الميلويودرامية على أبواب صالة الاستقبال بمطار القاهرة الدولى ، وقت وصول طبيب الأسنان الثائر الشاب " أحمد حراره " البالغ من العمر 31 سنة ، عائداً من فرنسا التى ذهب إليها بالأمل فى عودة النور لنصف نعمة البصر الأخيرة ، التى سرقها منه صائد العيون ضابط الأمن المركزى القناص فى أحداث التحرير يوم 19 نوفمبر ، بعد أن فقد الأولى قبل ذلك فى 28 يناير ، ذلك الضابط الذى يستحق القصاص " والعين بالعين " وهذا العقاب يحقق عدالة السماء الإلهية ، ليعيش هو الآخر فى ظلمة بصر طيلة حياته كى يتذكر ما ارتكبه من جُرم شنيع فى حق إنسان ثائر على الظلم لتحقيق العدالة لسائر المجتمع بما فيهم صائد العيون نفسه . رأيت ملامح قسمات وجهه ذات نسيج جمع الحُزن الذى حاول إخفاءه بنظارته السوداء ، وإخفاء ما فقده من رؤية النور ، وربما هى نعمة لكى لا يرى المجرم الظالم الذى أفقده النصف الآخر من بصره . كان صائد العيون مُجرم فى العلن ارتكب جريمته بفجر شديد ، وهى جريمة بشعة تبعتها جريمة ثانية ، ارتكبها هذه المرة بكل خسة طبيب بمستشفى الدمرداش ، بخداع الطفل " رضا عبد العزيز " الذى رقد على فراشه مُستسلماً لحقنة التخدير ، ويغيب عن الوعى تحت مشرط طبيب تملكته مشاعر الخيانة ، ونحى ضميره جانباً ليسرق العين اليُمنى ل رضا ، بعد إصابته فى أحداث اشتباكات بين الأمن المركزى والمتظاهرين فى محيط وزارة الداخلية . لم يعرف الطفل حقيقة الخيانة الوضيعة إلا بعد سفره إلى ألمانيا ، حيث اكتشف الأطباء هناك أن عينه اليمنى سُرقت ووضعت محلها عين زجاجية بدلاً منها . . فكانت فجيعة الطفل كبيرة ، والحدث ذاته مثير للخجل ومُسىء لسُمعة الطبيب المصرى لص العيون ، حيث إن الأطباء الألمان استنكروا الجريمة التى تلطخ سُمعة مصر كلها ، ويالها من مُفارقات الحادث الأول فقد فيه طبيب الأسنان أحمد حرارة عينه اليسرى ، وفقد الثانية برصاصة غادرة من قناص صائد العيون ، والطفل رضا يسرق عينه طبيب تخلى عن ضميره وشرف المهنة وخان عقيدته ، وألقى مشاعره الإنسانية فى سلة المهملات ، ليسرق عين طفل كى يبيعها بالمال . ما هذا الجنون ؟! الذى سيطر على عقل وضمير هذا وذاك ، الضابط المجرم ملازم أول محمد الشناوى ، والطبيب الخائن الذى لا يزال مجهولاً حتى الآن ، الأول يفترض أنه يحمى أمن وسلامة المواطن ، والثانى يفترض أنه يداوى الجراح ، ما ظهر منها وما بطن وهو دور الطبيب . لكن الذى حدث هو خلاف ذلك تماماً ، ففى الوقت الذى نثور فيه على الظلم والقهر من حاكم مُستبد ، ونعمل جميعًا للقضاء على الفساد بكل قوة يخرج من بيننا أعوان الشيطان ، ويلطخون عُرس الثورة الأبيض ببقع سوداء على ثياب الثوار . . ألم يكفهم سيل الدماء الأحمر القانى الذى نزف من أجل مصر ؟ ألم يكفهم أعداد الضحايا الشهداء ؟! من أجل حُرية وكرامة المصريين ؟! . . [email protected]