مدرسة نوال يؤانس تنضم لمنظومة التعليم بأسيوط بتكلفة 11.7 مليون جنيه    تضامن أسيوط تشارك في مشروع تعليمي نوعي    أسعار الفاكهة في أسواق الدقهلية اليوم الخميس 18سبتمبر 2025    الزملوط يتابع أعمال الإنشاءات بالمبنى الخدمي التابع لمركز حسن حلمي    السيسي يوافق على اتفاق لإنشاء مركز تحكم إقليمي بالإسكندرية وبروتوكول تجنب ازدواج ضريبي    الوزير " محمد صلاح ": الشركات والوحدات التابعة للوزارة تذخر بإمكانيات تصنيعية وتكنولوجية وفنية على أعلى مستوى    ارتفاع حصيلة شهداء غزة ل 65,141 مُنذ بدء الحرب على غزة    80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين من الهلال الأحمر المصري عبر قافلة زاد العزة ال40    بعد افتتاح سفارتها في القدس.. فيجي الدولة الجزرية الصغيرة التي أثارت جدلًا دوليًا    بدء إضرابات واسعة ضد خطط التقشف في فرنسا    الهلال الأحمر الفلسطيني: الوضع الصحي في غزة كارثي والمستشفيات عاجزة عن الاستيعاب    محمد صلاح يفض شراكته مع هنري ويحقق رقما تاريخيا    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    محاضرة فنية من فيريرا للاعبي الزمالك قبل مواجهة الدراويش    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    المشدد 15 عامًا لتاجري المخدرات بالشرقية    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    بعد اختفاء إسورة أثرية.. أول تحرك برلماني من المتحف المصري بالتحرير    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    عبد العاطي يلتقي وزير الصناعة السعودي    جامعة بنها الأهلية تشارك في مؤتمر "الجامعات الرقمية في العالم العربي 2025" بمسقط    الوادي الجديد تحذر: لا تتعاملوا مع وسطاء لتخصيص الأراضي    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    "الرحلة انتهت".. إقالة جديدة في الدوري المصري    "ملكة جمال".. سيرين عبدالنور تخطف الأنظار في جلسة تصوير جديدة    النقل تناشد المواطنين الالتزام بقواعد عبور المزلقانات حفاظًا على الأرواح    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    «دون ترخيص ونسخ مقلدة».. «الداخلية»: ضبط مكتبتين تبيعان كتبًا دراسية مزورة في الشرقية    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    مشتريات أجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات الخميس    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    ملك إسبانيا في الأقصر.. ننشر جدول الزيارة الكامل    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    جولة مفاجئة لنائب الوزير.. استبعاد مدير مناوب بمستشفى قطور المركزي    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    "الألفي": الزيادة السكانية تمثل تحديًا رئيسيًا يؤثر على جودة الخدمات    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مفاجأة، إمام عاشور يستعد للرحيل عن الأهلي في يناير    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    تحالف الأحزاب المصرية يدشن «الاتحاد الاقتصادي» لدعم خطط التنمية وحلقة وصل بين الحكومة والمواطن    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفجيرات باريس وأخواتها في ميزان العقل!
نشر في المصريون يوم 20 - 11 - 2015

لسنا بصدد استعراض تاريخي لعمليات الإرهاب الأسود في التاريخ الحديث، إذ يكفينا تناول النتائج العملية المترتبة على مثل هذه العمليات منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، أي ما يقرب من عقد ونصف من الزمان لنستخلص الكثير من الحقائق.
ولسنا بصدد الإعلان عن براءة التعاليم الإسلامية من تلك الجرائم، فالإسلام من الأساس ليس في خانة الاتهام الصحيح المبني على رؤية عقلانية ومنطقية، ليَهُبّ المسلمون للدفاع عن تعاليمه السمحة، ومع افتراض قيام أفراد متعصبون مهووسون مسلمو الديانة ببعض هذه العمليات، يظل الإرهاب الأسود المرتبط بالهوس والتعصب الديني أو الأيديولوجي لا دين له ولا وطن أو جنسية، فهو مرتبط أكثر ما يرتبط بنظريات التعصب الأعمى والهوس العقائدي سواء للدين أو المذهب أو القومية أو العرق أو الطائفة أو اللون أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية والاقتصادية.. فالإرهاب الأسود مارسه عالميا في العقود الأخيرة -على سبيل المثال لا الحصر-: السيخ والناكسالاتيون (الهند)- نمور التاميل (سيرلانكا)-فارك اليسارية (كولومبيا)-جيش الرب (أوغندا)-حزب العمال الكردستاني اليساري (تركيا)-طائفة اوم (اليابان)-منظمة ايتا الانفصالية (اسبانيا)-الحزب الشيوعي البيروفي (بيرو)-الجيش الجمهوري الايرلندي (ايرلندا)- مجموعة الجيش الأحمر (ألمانيا)-الألوية الحمراء (ايطاليا)- قبائل الهوتو والتوتسي (رواندا)- التفويض بالقتل لمجرد الاختلاف السياسي (دول ما بعد الربيع العربي).. إنه إرهاب اسود موزع على قارات العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه بكل دياناته وثقافاته وظروفه السياسية والاقتصادية!
لكننا في المقابل لا نستطيع ان ندفن رؤوسنا في الرمال، فننفي علاقة الإسلام بالإرهاب الأسود ثم نمضي مرتاحي الضمير ونترك العالم من حولنا يفتش في دوافع مرتكبي تلك المجازر ممن يدينون بالإسلام، ويفتش كذلك في بعض النصوص الإسلامية التي يؤولونها-جهلا أو غرضا- بالتحريض على ممارسة العنف والإرهاب الأيديولوجي الأسود، هناك علاقة ما –مرصودة بالفعل عالميا وإقليميا ومحليا- بين كثير من هذه العمليات الأكثر شهرة إعلامية وبين أفراد من المسلمين وتتبناها تنظيمات تنتهج الإرهاب الأسود على خلفية تأويل كارثي لنصوص شرعية إسلامية (القاعدة-أنصار بيت المقدس-داعش- بوكو حرام............).
في هذا الإطار لابد من النظر في بعض الحقائق اللافتة حتى يدرك المتعاطفون مع تلك التنظيمات الفكرية الشاذة غياب العقل والمنطق والحسابات السياسية ومفهوم التوازنات الدولية والمصالح الإقليمية عن منظري تلك التنظيمات، فضلا عن الغياب الكامل لمنهج النظر الرشيد في الفقه الإسلامي، فربما اختلفت العقول في فهم وتأويل النصوص الدينية، لكنها لا تخطئ بالتأكيد قراءة النتائج والمآلات، لأنه لا يخطئها باستمرار إلا عميان البصر والبصيرة غائبو العقول.. حيث تبرز حقائق لافتة منها:
1 – نتائج عكسية كارثية.. فإن كانت التنظيمات التي تؤصل للإرهاب الأسود تتذرع بضرب مصالح الدول والمجتمعات المناوئة لها أو التي تؤيد الكيان الصهيوني وتدعمه، والتي تفرض سيطرتها على مقدرات امتنا، أو تعتبر تلك العمليات الحمقاء رسائل ردع لتلك القوى العالمية، فهاك النتائج التي تحصلت عليها الأمة من جراء وفي أعقاب غالب تلك العمليات-بداية من الحادي عشر من سبتمبر مثالا- ( احتلال عسكري لأفغانستان ثم العراق- تشديد الرقابة والتعنت مع الجاليات المسلمة في أوربا وأمريكا- مزيد من العداء والإسلاموفوبيا تجاه كل ما هو مسلم- ممارسة مزيد من الضغوط على الأنظمة في العالم العربي والإسلامي للتضييق على كل ما هو متدين- تعقيدات في إجراءات السفر والتنقل للمسلمين في الدول الغربية- اعتبار الإرهاب على خلفية إسلامية هدفا استراتيجيا مما يبقي على قيادات الصقور متماسكة وقوية أمام شعوبها للقيام بمهمة مواجهة ذلك الإرهاب، بمعنى إعطاء الطرف الأكثر تشددا وتعنتا ضد المسلمين في حكومات الدول الغربية مبررات الاستمرار أمام شعوبهم والمجتمع الدولي!- زرع العداء والكراهية للمسلمين تحرشا بأفراد الجاليات وإساءة إلى رموز الإسلام ومقدساته وفي مقدمتها تكرار الإساءة الإعلامية لما يعتبرونه شخص النبي صلى الله عليه وسلم!!)..
2 – لماذا ينجح إرهاب الدولة المنظم في تحقيق أهدافه ويفشل إرهاب القطاع الخاص؟! فكل حركات العنف سابقة الذكر –سواء كانت على خلفية يسارية أو انفصالية أو دينية- لم تؤتِ ثمارها لم تحقق أهدافها المعلنة، في حين أن عنف الدولة المنظم (قمع الأنظمة) عادة ما يحقق أهدافه كاملة من إرهاب دول الجوار وفرض الهيمنة والسيطرة وفرض حالة الرعب والاستكانة على الشعوب عندما تمارس الدولة إرهابها الأسود ضد مواطنيها! فإقليميا تنعم دولة الكيان الصهيوني بحدود شبه آمنة بسبب ممارستها البلطجة والإرهاب الأسود ضد جيرانها، وعالميا تفرض الولايات المتحدة هيمنتها بنفس الأسلوب تقريبا.. ومحليا تجد الشعوب تخضع لإرهاب النظم الحاكمة، وتصاب الرعب القاتل فلا ترفع أصواتها في استنكار ممارسات النظام في الوقت ذاته الذي يزيدها فيه إرهاب المنظمات الإرهابية إلا كراهية لها واستنكارا لأفعالها واحتشادا لمواجهتها، رغم أن خطر الموت واحد لكنه في حالة إرهاب الدولة يصيبها بالصدمة والرعب، وفي حالة إرهاب القطاع الخاص يحشدها في معركة قد تكون مستميتة ضده!! القضية لا تتعلق بالقيم الأخلاقية إذن بقدر ما تتعلق بالقدرة والتفوق واتساع الرقعة والاحتمالية الأكثر للتغلب! الشعوب إذن تدين للمنتصر بصرف النظر عن قيمه وأهدافه ووسائله!
3 – قراءة واسعة-وإن كانت سريعة- في دوافع الإرهاب الأسود بتوزيعته العالمية-غير مقتصرة على منظمات إسلامية كما يروج السطحيون- نجد أن مبعثه ليس في نصوص معتقدات أتباع تلك المنظمات – سواء نصوص أصلية أو محرفة- وإنما مبعثه الأساس انه يأتي كرد فعل تلقائي للإرهاب المنظم للدولة وهضمها لحقوق الشعوب أو الأقليات أو الطوائف أو الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الأكثر فقرا.. إن غياب فرص تغيير الواقع والوصول السلمي لتحقيق الأهداف –التي قد يكون بعضها مشروعا وعادلا- وغياب الديمقراطية –وليست الصورية- وفرص تداول السلطة وتوزيع عادل للثروة هي البيئة الخصبة التي تنمو فيها منظمات الإرهاب الأسود على اختلاف مرجعياتها الأيديولوجية!!
سؤال أخير نطرحه على المتعاطفين مع مطالب منظمات الإرهاب الأسود المحسوبة على المرجعية الإسلامية.. سؤال يأتي أيضا في إطار إعمال العقل في فهم النص : لماذا لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام في مكة بالقيام بعمليات اغتيال لأئمة الكفر وصناديده من أمثال أبي جهل وأبي لهب وأمية بن خلف وبن معيط وبن المغيرة وغيرهم؟! لقد كاد هؤلاء للإسلام ونكلوا بالمسلمين نكالا جعلهم مجرمي حرب بامتياز مما جعل إهدار دم عشرة من الباقين منهم بعد فتح مكة –رغم عموم صفح الإسلام وكرم عفو نبيه صلى الله عليه وسلم- حكما عادلا وإن تعلق الواحد منهم بأستار الكعبة.
لماذا لم يشكل النبي صلى الله عليه وسلم خلايا تقوم بتصفيتهم رغم سماحه بعمليات قريبة لهذا النوع في المدينة المنورة بعد قيام الدولة بشكل استثنائي جدا ولظروف بالغة الدقة والخصوصية؟ -عملية قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي حرض على المسلمين وذاع له شعرا في هجاء الإسلام ورسوله ونسائه- وهل للإجابة على هذا السؤال علاقة باختلاف واجبات الدولة عن واجبات الأفراد والمنظمات الأهلية؟
لقد آن لنا أن نزن القيم والأهداف والأفعال في ميزان العقل والمقاصد والنتائج والمآلات لنقول في اطمئنان كامل أن تفجيرات باريس إنما أصابت قلب أمة المسلمين دون غيرهم!!

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
عضو الاتحاد العالمي للإبداع الفكري والأدبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.