شهدت بورصة الانتخابات على مر الأنظمة بمراحل من الصعود والهبوط باختلاف الحاكم واختلاف سياسته، حيث تباينت فرص التواجد القبطى تحت القبة المرموقة بحسب تعاقب الحكومات واختلاف المشهد السياسي، إلا أن دستور 2014 قد منح الأقباط فرصًا أكبر للتمثيل داخل البرلمان ب24 مقعدا لتصبح نسبة الأقباط فى الاستحقاق الحالى هى الأكبر فى تاريخ الانتخابات البرلمانية، إلى أن يأتى الناخبون ليقلبوا المشهد رأسًا على عقب فى أكبر نسبة للعزوف عن التصويت فى البرلمان، ما أدى لظهور حالة من التجاوزات والفساد والرشاوى وأحيانا التجاوزات الأمنية التى سعت إلى نجاح مرشحين على حساب المرشحين الآخرين، أما الأقباط فيعدون الحصان الرابح فى هذه الانتخابات، حيث ارتفعت الكوتة الخاصة بهم فى البرلمان، ما ساعد على فرص أكبر للنجاح، إلا أن الأمر قد بدأ مفاجئا بخوض الأقباط مرحلة الإعادة على مختلف المحافظات وسط تنبؤات بالمزيد من الأصوات بعد نجاح 12 مرشحا ودخول 22 جولة الإعادة ونجاح 7 منهم. وما زاد الوضع ارتباكًا المصير المنتظر للأقباط المنضمين لحزب النور الذين أعلنوا استياءهم من تردى الأوضاع الانتخابية فى الوقت الذى اتهم النور القيادات الأمنية بمحاولة تهديد كبار العائلات من الإدلاء بأصوات لصالح حزب النور، فأصبح أقباط النور فى وضع حرج، حيث لم يحقق انضمامهم للنور الهدف المرجو من الحزب الذى انتموا إليه للهروب من سطوة الكنيسة والبعد عنها لعدم الاهتمام بأوضاعهم، إلا أنه يبدو أن الملجأ والملاذ لم يكن قويا، حيث ظلم أقباط النور بسبب الظلم الواقع على النور، على حد تعبير البعض، ما جعل بعض الأقباط يندم على الانضمام للنور فى ظل نجاح غير مسبق ومنقطع النظير لأقباط قائمة "فى حب مصر" والأقباط المستقلين والبعض الآخر قال إنه باق فى النور سواء نجح فى البرلمان أو خسر، فاختيارنا للنور لم يكن للفوز بالانتخابات، وإنما اختيارنا لحزب متفقون مع أهدافه.
سيناريوهات منتظرة خلق خروج حزب النور خاوى اليدين من ماراثون الانتخابات البرلمانية حالة من الضبابية حول مصير الأقباط المنضمين لقوائمه بالمرحلتين الأولى والثانية، لتطرح تساؤلات عدة: هل ينسحب الأقباط أم يستمرون على القوائم بالمرحلة الثانية؟ أم يرتضون بالمشاركة السياسية فقط دون انتظار مقاعد بالبرلمان؟ فى هذا السياق قال نادر الصيرفي، المتحدث باسم رابطة أقباط 38 والمرشح القبطى على قائمة حزب النور السلفي، إن الأقباط داخل البرلمان لديهم نسبة ولا أحد يستطيع أن يؤثر عليها سواء كانت نسبة التصويت عالية أو قليلة، مشيرًا إلى أن المقاعد الفردية هى التى قد يلحقها بعض التأثير. وتابع الصيرفى أن الحزب سيعقد اجتماعًا لمراجعة ما حدث فى الانتخابات من تجاوزات قد تؤثر على نسبة الأصوات للحزب، وسيتم اتخاذ القرار بشأن الفترة القادمة وإمكانية المشاركة من عدمها فى الانتخابات، منوهًا بأن الأقباط لم ينضموا لحزب النور من أجل الانتخابات، فالأقباط جزء من الحزب باقون سواء بنجاحنا فى البرلمان أو مكملون داخل الحزب. وأشار الصيرفى إلى أن النتيجة لا تعبر عن الواقع وإنما مخالفة له، منوهًا بأن قائمة حزب النور واجهت العديد من التجاوزات فى حقها والتى أثرت على نسبة التصويت لها والتى تمثلت فى سيطرة المال ومنع مندوبى القائمة من الاقتراب من اللجان فى حين السماح لمندوبى القائمة المنافسة "فى حب مصر" من التواجد داخل اللجان وبدء الدعاية للقائمة المنافسة قبل موعدها والاستمرار حتى انتهاء مدة الدعاية وتخصيص الكنيسة غرفة عمليات بادعاء تسهيل انتخاب الأقباط وإعلامهم برقم اللجنة والمكان. ونوه الصيرفى بأن هدف الكنيسة توجيه الأقباط إلى قائمة فى حب مصر، لأن الأقباط ليسوا عديمى الوعى إلى الحد الذى يجعلهم يحتاجون لمن يرشدهم لأماكن الانتخاب ورقم اللجان، معبرًا عن استيائه البالغ من وقوف الدولة على الحياد فى وقت كان لابد لها أن تتحرك لمواجهة التجاوزات، حيث وقعت قائمة "فى حب مصر" بين الادعاءات بأنها قائمة الدولة وأخرى بأنها قائمة الكنيسة، وبين هذا وذاك خدع الشعب. ومن ناحيته، قال هانى سمير، أحد الأقباط المرشحين فى الانتخابات البرلمانية، إن الأقباط المنتمين لحزب النور لم يخسروا بانضمامهم، فالحياة السياسية مكسب وخسارة، والمرشحون الأقباط فى النور مستمرون سواء بالمكسب أو الخسارة، مؤكدًا أن قلة نسبة التصويت بسبب أن نسبة الإقبال كانت ضعيفة وخاصة من الشباب، حيث حدث عزوف تام عن الانتخابات والأرقام غير متوقعة.
عازر: الجهد سبب نجاح القائمة ودورى تشريعى ورقابى فى البرلمان أقباط اختاروا الحصان الرابح كما قال البعض، فاختيار قائمة فى حب مصر كان الاختيار الأصح، لأن أقباط القائمة حققوا نجاحا فى المرحلة الأولى ما جعلهم يطوون صفحة الانتخابات ويبدأون التفكير فى عملهم ودورهم البرلماني. من جانبها، أكدت مارجريت عازر، أمين عام حزب الجبهة الديماقرأطية وإحدى القبطيات المرشحات الناجحين فى المرحلة الأولى من خلال قائمة فى حب مصر، أن دورها سواء كانت قبطية أو لكونها امرأة لم يختلف عن دور أى نائب آخر فى البرلمان، مشيرة إلى أن الأقباط ولأول مرة يشعرون بحصولهم على نسبة جيدة فى البرلمان فى أمل للزيادة من أجل تحقيق نجاح برلمانى نحقق من خلاله الأهداف المرجوة. وأشارت عازر إلى أنه سيكون لها دور تشريعي ورقابي محاولة أن تولى اهتمامها إلى تحسين قوانين العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة والتعليم والصحة. وأكدت أن نجاحها كان وراء جهد القائمة وليس جهد شخص مستقل ومتابعة وسائل الدعاية وشعور المواطن بأن القائمة ستحقق له ما يريد هو كان السر وراء النجاح في البرلمان الحالى الذى يعد من أخطر البرلمانات، خاصة أن نسبة المرأة والأقباط والشباب تحسنت عن السابق فى ظل الظروف والأوضاع التى تركت للبرلمان من أجل إعادة النظر فيها.
سياسيون: "أقباط قائمة فى حب مصر هم الفائزون" وعلى صعيد آخر، قال مختار غباشي، الخبير السياسي، إن الأقباط لم يفشلوا فى المرحلة الأولى، فقد نجحوا على قائمة "فى حب مصر" والنسبة المتبقية من المقاعد للمرحلة الثانية وصلت إلى 103 مقاعد، بينما اختلف الأمر فى الفرد، حيث نجح 4 مرشحين ولا يوجد بينهم قبطى واحد، مشيرا إلى أن الأقباط نسبتهم محددة 6 فى القوائم الكبيرة و2 فى القوائم الصغيرة. وأشار غباشى إلى أن الحديث على أن جولة الإعادة بها 20 قبطيا لم يشر إلى أى شيء، وذلك لأنها ليست نتيجة نهائية وحاسمة، حيث من المرجح نجاح 5 أو 6 منهم كحد أقصى، فضلا عن 27 مقعدا الذين يعينهم الرئيس والتى تضم بعض الأقباط والفئات التى لها كوتة داخل البرلمان، مؤكدا أن حزب النور عوقب من قواعده ومن باقى التيار الإسلامى رغم ثقتنا فى أن تكون حملة لا للأحزاب الدينية عاملا على التعاطف مع حزب النور. وأوضح غباشى أن الظروف الأمنية كانت سببا فى إحجام التيار الإسلامى عن النزول، ما أدى إلى ضآلة التصويت، لكن هذا لا يؤثر على الأقباط بشكل عام، لأن نسبتهم ثابتة إلا إذا انسحب النور من الانتخابات، منوها بأن عدم نجاح الأقباط على المقاعد الفردية يرجع إلى أنهم كوادر مجهولة أو منتمية للحزب الوطنى، وبالتالى الفئتان مكروهتان للشعب المصرى الذى افتقد وجود المرشح الذى يقدم مطالبه ويعبر عنه.
النور: "قلة أصوات قائمة النور سببها التهديدات الأمنية" وأكد ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، أن نسبة التصويت أقل فى مرحلة الإعادة عن المرحلة الأولى، مبررا ذلك بأن أتباع المرشحين فى هذه الجولة يئسوا ولا يوجد ما يحفزهم للخروج فى جولة الإعادة. وأشار برهامى فى تصريحات ل"المصريون" إلى أن الحزب سعى إلى حث قواعده وكل الناخبين من أجل المشاركة، مؤكدا أن التجاوزات فى المرحلة الأولى كانت سببا فى قلة التصويت ولم يقتصر الأمر على التجاوزات فقط وإنما إعراض الشعب وروح الإحباط بسبب الوضع الاقتصادى والتجاوزات الأمنية التى سيطرت على الأمر والحملات الإعلانية الموجهة التى تعرف بالناخب وتوجهه ما تسبب فى إعراض الناس عن التصويت. وتابع برهامى أن موضوع رأس المال لم ينته بانتهاء المرحلة الأولى، فقد شهدت مرحلة الإعادة وقبل التصويت بيوم حالات مشابهة، حيث قام أحد مرشحى جولة الإعادة بتوزيع الأموال فى دائرة العامرية، وقدم الحزب بلاغا يشمل تسجيلات بالصوت والصورة ولا أحد يلتفت إليها، مشيرا إلى أن قوات الأمن وجهت أمرا مباشرا لكبار العائلات لعدم التصويت لحزب النور، نافيا عدم علمه بالمصير المنتظر لهم فى المرحلة الثانية، متمنين تحقيق نسبة من المقاعد فى المرحلة الثانية.