أكد الرئيس التونسي منصف المرزوقي أن الوضع في مصر أعقد من تونس في التعامل مع حماية الحريات العامة، خصوصا مع صعود التيار الإسلامي .. مشيرا إلى ضرورة إيجاد توازن بين كافة أطراف العملية السياسية في مصر بقدر ما أوجده التونسيون بشكل نسبي، مما ساهم في نجاح تجربتهم حتى الآن. وقال المرزوقي في حوار خاص لبرنامج (الحياة اليوم) بثته اليوم الأحد إن التجربة التونسية طمأنت كل المواطنين التونسييين، حيث أكدت التجربة أن القائمين على السلطة لديهم ما وصفه ب"الخبرة والإرادة السياسية" للتعايش وحل المشكلات، دون الوصول إلى مرحلة من مراحل فساد الدولة وإفساد المجتمع. وردا على رسائل السلطات التونسيةالجديدة للمؤسسة العسكرية والجيش، قال المرزوقي "إننا لم نكن بحاجة لبعث رسائل للجيش لأنه من حمى الثورة، ولم يقبل أن يتدخل أو يضر بالمواطنين التونسيين"، كما يحدث في تجربة سوريا" .. مؤكدا أن الجيش يحمي الشرعية الثورية في تونس، ولذا لم يجد الثوار صعوبة في التعامل معه. وأوضح أن الجيش قبل بشرعية الصناديق، ووصول حزب إسلامي للسلطة من خلال الانتخابات، وبالتالي فإن المؤسسة السياسية لم تكن بحاجة لطمأنة الجيش، وإنما كانت بحاجة للاعتراف بدوره في حماية الثورة وتمكينه من القيام بواجباته ومسئولياته على أكمل وجه. وأضاف أن عدم تغيير رئيس أركان الجيش التونسي تعد رسالة طمأنة للجيش، وتأكيد على دوره في حماية الثورة والشرعية .. مشيرا إلى أن الطبقة المتوسطة ليس لديها أية مشكلات مع الجيش، فهو لا يشكل خطرا، ولا يريد الدخول كلاعب سياسي، فالعلاقة طبيعية بين نظام سياسي ثورى، وجيش جمهوري وطنى يؤدي دوره في حماية البلاد في إطار شرعي. وفيما يتعلق بقبول التعددية خاصة حرية المرأة، قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي إن الدولة المدنية وظيفتها حماية كل الأطراف، وليس أن تكون طرفا في المعركة، وحماية حريات كل الأطراف والتيارات المتناقضة في المجتمع وإن مصر وتونس مليئة بالتناقضات، " ولذا يجب على الدولة المدنية حماية كل الأطراف دون الدخول في صراع لصالح طرف على آخر، كحماية العلمانيين ضد الإسلاميين والعكس" .. مؤكدا أن الدولة إذا أصبحت طرفا في هذه الصراعات فانها تفقد وظيفتها الأساسية في حماية الحريات العامة للجميع. وحول دور السلطة الثورية التونسية في التعامل مع أهالي الشهداء والمصابين خلال أحداث الثورة، قال المرزوقي إنه أثناء جولته الانتخابية في بنزرت قابل والدة أحد الشهداء التي قامت بتعليق صورة ابنها على ملابسه وعاهدها أن تلك الصورة ستبقى على ملابسه لحين حل مشكلة الشهداء والجرحى في تونس وتعويضهم، حيث يعد هذا الملف من أصعب الملفات في تونس بعد الثورة. وأضاف أنه قام بعد انتخابه كرئيس لتونس بزيارة هذه السيدة والدة الشهيد في منزلها، مؤكدا لها أنه سيبقي على هذه الصورة حتى يتمكن من إنهاء كافة مشاكل وحقوق كل الشهداء والمصابين في ثورة الياسمين العظيمة بتونس. وأكد المرزوقي أن الدستور هو العقد الاجتماعي لكل الأطراف .. داعيا كل المصريين ألا يتركوا كتابة الدستور للتقنيين من القانونيين والسياسيين، ويجب أيضا أن تشارك فيه كل الأطراف الاجتماعية والقوى السياسية، حتى يصبح العقد المشترك بين كل هذه الأطراف في صياغة الدستور. وأشار إلى أنه انطلاقا من هنا يصبح للدستور قيمة حقيقية يتمسك به كل المصريين والتونسيين من خلال تجميع كل الأطراف ومشاركتها في إعداده ومناقشته وصياغته بطريقة تضمن حماية حقوق الجميع وطمأنتهم على الورق ثم الدخول بعد ذلك لمرحلة التطبيق العملي التي لا تقل صعوبة عن مرحلة الصياغة والإعداد.