للمرة الثانية على التوالي منذ توليه السلطة يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدةبنيويورك وتبعها مؤتمر الإرهاب والمناخ الذي انعقد العام الماضي، وذلك في سعيه المستمر للحصول على تأييد دولي ببقائه في السلطة في مصر وقطع الطريق أمام محاولات جماعة الإخوان في ملاحقته خارجيًا. وأكد خبراء في العلاقات الدولية, أن السيسي حقق مكاسب متنوعة من خلال حضوره الدائم للمحافل الدولية، وذلك لاستغلال حضور رؤساء الدول وعقد لقاءات ثنائية وعلاقات من شأنها فتح مزيد من التعاون مع مصر في مختلف المجالات، هذا بالإضافة إلى التأكيد على دور مصر المحوري في المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم أجمع. قال الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن زيارة السيسي ل"نيويورك" وحضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر الإرهاب حققت نجاحات متباينة، إلا أن تأثيره الحقيقي لن يظهر في الوقت الراهن, مضيفًا أن الزيارة تمت في وقت قصير, وتقييمها سيكون أمرًا صعبًا، لا سيما أن آثارها قد تظهر في المستقبل. وأضاف "حسين" أن السيسي شرح موقف مصر من الأحداث في المنطقة وتكلم عن السلام في منطقة الشرق الأوسط, في الوقت الذي تجاهلت فيه القوى الكبرى الحديث عنه، مضيفًا أنه لم يتحدث أحد عن قضية فلسطين سوى الرئيس المصري والرئيس الفلسطيني والرئيس الإيراني إلا أنه تحدث عنه بشكل مغاير. وأوضح أن السيسي بيّن موقف مصر من محاربة الإرهاب ومن السعي نحو التنمية ورأيه في بعض القضايا العربية. وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة إن مصافحة أوباما للسيسي في قمة مكافحة الإرهاب هو أمر طبيعي، لا سيما وأن أمريكا هي الدولة المستضيفة, والأمر كان سيحدث بالمثل إذا ما كان المؤتمر في القاهرة، مؤكدًا أن مصر لم يكن لديها خلافات سياسية مع أمريكا وإنما اختلافها في وجهات النظر وهو أمر مشروع, فالحكومة الأمريكية تتعاون مع المعارضة ومع الحكومة الرسمية, وربما يكون لهم آراء وأفكار مخالفة للحكومة الرسمية, لكن في الأساس هي موجهة للشأن الداخلي الأمريكي من أجل كسب المعارضة لا سيما في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأمريكية. واستطرد حسين قائلاً: "أوباما خص الرئيس السيسي بالمصافحة لكون المنطقة العربية والشرق الأوسط تشهد اضطرابات كثيرة، ومصر دولة وزن كبير في المنطقة لا يمكن تجاهلها أو تجاهل رئيسها. وأكد أن السيسي لم ينجح في تغيير وجهة النظر الأمريكية تجاه ضرورة الإطاحة بالأسد من سوريا إلا أنه رأى أن الإطاحة به في الوقت الحالي لن تجدي نفعًا ويجب أن تكون تدريجية وفق خطة مدروسة. وأردف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة أن تواجد الرئيس السيسي في المحافل الدولية سيحقق له انتشارًا دوليًا واسعًا من خلال اهتمام الصحف العالمية بما يقوله بجانب لقاء زعماء ورؤساء الدول المختلفة واستثمار هذه اللقاءات في فتح آفاق للتعاون في شتى المجالات ربما تظهر آثارها في المستقبل, كما أن سفره المتكرر يؤكد أن مصر مستقرة والشعب يدعمه, كما أن التقاءه بزعماء الدول سوف يسهل له عملية عقد الصفقات والاتفاقيات, بعضها يتم الإعلان عنه والبعض يتم إخفاؤها لأسباب متعددة. وفي سياق متصل، يقول الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق, إن تواجد السيسي بشكل دائم في المحافل الدولية وحضوره للعام الثاني على التوالي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يأتي لكونه يمثل جميع السلطات في ظل غياب البرلمان وعدم تطبيق الدستور ووجود رئيس وزراء جديد. وأضاف أن السيسي يسعى لتعريف نفسه أمام الدول المختلفة وتثبيت شرعيته الخارجية في حكم مصر بعد الحصول عليها في الخارج, وذلك من خلال حضوره المنتظم للجمعية العامة التي يحضرها جميع رؤساء الدول, كما أن لديه رغبة في التعرف على البلدان وقادة الدول، خاصة أنه جاء من خلفية عسكرية ولم يكن لديه علاقات سياسية, ويريد أن يحصل على شهرة إعلامية كبيرة في العالم من خلال الظهور المتكرر أمام وسائل الإعلام وهذا شيء غير مؤثر بالسلب على مصر. وتابع: "رغم الزيارات الخارجية المتكررة إلا أن هناك العديد من الملفات الهامة لم يستطع السيسي حسمها حتى الآن، وعلى رأسها ملف نهر النيل والتي تتحكم فيها إسرائيل وأمريكا من خلال دعمهما لإثيوبيا وتسهيل عملية بناء السد, بالإضافة أن حديث السيسي عن السلام والإرهاب لابد أن يتم تطبيقه أولاً في الداخل المصري حتى يستطيع العالم تقبله خارجيًا". ومن جانبه، يرى الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، أن حضور الرئيس السيسي لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرصة جيدة للتواصل مع جميع زعماء وقادة الدول المختلفة, ويظهر أن مصر لن تكون الحديقة الخلفية للولايات المتحدةالأمريكية، لاسيما بعد أن أصبحت مصر شريكًا استراتيجيًا وقويًا للعديد من الدول الكبرى وعلى رأسها روسيا وألمانيا وفرنسا، وذلك من خلال عقد صفقات كبرى بين البلدين مما يعمق ترابط الصداقة بينهما. وأوضح أن السيسي التقى العديد من المثقفين والشخصيات الدبلوماسية الكبيرة في أمريكا، على هامش اللقاء الذي يحرص على التواجد فيه بشكل دائم من أجل المحافظة على مكانة مصر في المحافل الدولية، مشيرًا إلى أن لقاءه المتنوع مع قادة الدول سيحقق له المزيد من الحصول على الدعم المتنوع والتعاون في مجالات الاقتصاد المختلفة. واعتبر اللاوندي أن هذه الزيارة مناسبة لتصحيح مسار العلاقات المصرية الأمريكية، مشيرًا إلى أهمية أن تكون علاقة مصر جيدة مع القوى الكبرى باعتبار أنها دولة إقليمية مهمة.