يبدو أن الصومال كُتب عليه المعاناة، فكلما لاحت الفرصة لحل أزمة كان على موعد مع أزمة جديدة، فبعد أن تجددت الدعوات لإيجاد حل بين الحكومة وحركة الشباب، كما جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أثناء زيارته لمقديشو مؤخرًا، تفجرت مشكلة البرلمان الصومالي بإقالة رئيسه، شريف حسن الشيخ آدم والذي رفض هذه الإقالة، وتمسك بمنصبه قائلًا: إن فترة رئاسته لم تنته بعد. ففي خلال اليومين الماضين كان 301 من نواب البرلمان الصومالي قد عرضوا وثيقة رسمية للرئيس الشيخ شريف أحمد يطالبون فيها باختيار رئيس جديد للبرلمان الصومالي وعزل شيخ آدم. وكان أحد النواب في البرلمان الصومالي -المفوض من قبل نواب البرلمان البالغ عددهم 301 المناهضين شرعية فترة شيخ آدم - اجتمع مع الرئيس الصومالي، وحث على ضرورة إجراء الجلسة البرلمانية في وقتها المحدد، وحماية الدستور الصومالي. وأفاد النواب المعارضون لمدوبي بأن شيخ شريف أحمد استقبل وثيقتهم الصادرة عنهم، لكنه لم يستجب لمطالبهم بعد، وسط تخوفات بأن هذا الخلاف الحاد بين البرلمان الصومالي سيكون له تبعاته على الحكومة الصومالية، وبحسب المراقبين فإن من الممكن أن ينقسم البرلمان الصومالي مابين مؤيد ومعارض لشيخ آدم. ومن جانبه أكد رئيس البرلمان الشيخ شريف حسن الشيخ آدم ، في مؤتمر صحفي أن فترة رئاسته لم تنته، متمسكًا في الوقت نفسه بشرعيتها. وأكد آدم للصحفيين في قصر الشعب الصومالي أن النواب الصوماليين المناهضين لشرعية رئاسته في البرلمان لا يفكرون بمصلحة الأمة الصومالية. وفي المقابل أفاد نواب في البرلمان الصومالي في وقت سابق عبر الإذاعات المحلية أن شرعية آدم في رئاسة البرلمان انتهت، بينما ذهب آخرون إلى عدم مشاركة جلسات البرلمان طعنًا في شرعية رئاسة آدم . وذكر آدم أن فترة رئاسته مرتبطة بوجود البرلمان الصومالي، واستبعد انتهاء فترة رئاسته. وأشار إلى أنه على استعداد تام للاستقالة من منصبة إذا اقتضت الحاجة لذلك، وبما يخدم صالح الشعب الصومالي. معارضة شديدة أما الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد فقد تحدث لأول مرة عن الخلاف الجديد بين بعض النواب ورئيس المجلس شريف حسن الشيخ آدم. وقال في بيان صحفي صدر من مكتبه بأنه قلق بشأن القرار المباغت والعاجل الذي اتخذه بعض نواب البرلمان، والذي بموجبه تم سحب ثقة البرلمان عن رئيسه شريف حسن. وذكر الرئيس بأن هذه الخطوة غير الجديدة من نوعها تزامنت مع ظرف استثنائي وحساس يمر به الوطن، مضيفًا إلى خطورة هذه الخطوة غير المتوقعة في مسيرة الدولة وإنجاز مهامها في الفترة المتبقية لها. وذكر البيان الصحفي أن الرئيس يبحث عن الظروف التي أدت إلى أن يقيل أعضاء من البرلمان رئيس المجلس. وأوضح شيخ شريف أن الصومال في الوقت الراهن يمر بظروف استثنائية، كالقتال الدائر بين الدولة وحركة الشباب، وكيفية تنفيذ خارطة الطريق، وتوصيل الإغاثات الإنسانية إلى المنكوبين المتضررين. وناشد شيخ شريف أعضاء البرلمان إلى الوصول لاتفاق وحل سريع للخلافات القائمة بينهم، وتحمل مسئوليتهم في سير أعمال البرلمان بصورة حسنة، وضرورة الالتزام بقوانين الدولة. وذكر شيخ شريف في البيان ضرورة موافقة كل خطوة، تتخذها الهيئات الدستورية، للظروف القائمة في الوطن، ويأتي هذا البيان في وقت طالب فيه نائب رئيس البرلمان عبد الولي مودي من الرئيس أن يوضح موقفه من قرار الإقالة، ومدى صلته به، وإلا سيعتقد أنه متورط في الخلاف الدائر بين أعضاء البرلمان. من جانبه، أعرب مبعوث الأممالمتحدة في الصومال أحمد ولد عبد الله، عن قلقه العميق حيال أزمة البرلمان الصومالي، التي خرجت إلى العلن منذ أن أشعل وتيرتها نواب في البرلمان الصومالي، يصل عددهم إلى أكثر من 80 نائبًا, الأمر الذي دفع غالبية النواب إلى الانضمام للقائمة المطالبة بإقالة رئيس البرلمان الحالي. وعلى صعيد ردود الفعل الدولية فقد حذر بيان صادر عن السفارة الأمريكية في العاصمة الكينية نيروبي من مغبة استمرار الخلافات الداخلية للبرلمان، كما حث البيان مسئولي الحكومية الانتقالية الصومالية على تطبيق بنود اتفاق "كمبالا"، وعلى العمل بموجب "خارطة الطريق" التي وضعت لتجاوز المرحلة الانتقالية في الصومال، كما حذر الاتحاد الأوروبي نواب البرلمان الصومالي من التمادي في خلافاتهم، وحث مكتب الاتحاد الأوروبي في نيروبي الأطراف المعنية على العمل لتطبيق الاتفاقية التي وقعها كبار مسئولي الحكومة في كمبالا برعاية من الأممالمتحدة. وقد استنكر في وقت سابق رئيس إقليم بونت لاند الخطوة التي اتخذها أعضاء في البرلمان الصومالي، والتي أقالوا بموجبها رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم، واعتبر عبد الرحمن شيخ محمد فرولي تلك الخطوة محاولة لتفجير أزمة قد تؤدي إلى تأجيل المؤتمر الاستشاري الذي سيعقد في مدينة جرووي، وقال: إن الأعضاء الذين فجروا الأزمة يسعون لتأجيل الانتقال من المرحلة الانتقالية التي من المقرر أن تكون بعد سنة، كما اتهم فرولي أولئك الأعضاء بأنهم أمراء الحرب السابقون في الصومال، وأنهم يخشون من عدم إعادة اختيارهم إلى البرلمان بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. وكانت وفود دولية من الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة وصلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو لحل الأزمة البرلمانية. والتقى وفد أممي بقيادة “كريستال منهل” نائب مبعوث الأممالمتحدة مجموعة من النواب الذين أعلنوا مؤخرًا سحب ثقتهم عن رئيس البرلمان الصومالي “شريف حسن شيخ آدم”. كما تتواصل لقاءات منفصلة في “فيلا صوماليا” حيث القصر الرئاسي، بين الوفود الدولية وبين كل من الرئيس الصومالي “شريف شيخ أحمد” ورئيس البرلمان “شريف حسن شيخ آدم. تسوية الخلافات وترمي هذه اللقاءات إلى تسوية خلافات سياسية داخل البرلمان الصومالي التي بدأت تتصاعد إثر إعلان أعضاء في البرلمان الصومالي مؤخرًا حجب ثقتهم عن رئيس البرلمان الصومالي. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تفاءل البعض خيرًا بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للصومال مؤخرًا، والذي قال فيها : إن الصومال أمامه فرصة لاستعادة الاستقرار بعد عقدين من الحرب، وحث كينيا على بذل كل ما في وسعها لمساعدة اللاجئين الصوماليين. وتعهد في أول زيارة يقوم بها أمين عام للأمم المتحدة إلى الصومال منذ عام 1993 بفتح مكتب للمنظمة في العاصمة مقديشو التي تمزقها الحرب في يناير المقبل. كما زار بان مخيمًا للاجئين في كينيا المجاورة، حيث قال إنه تأثر بشدة بمأساة الصوماليين الفارين من المجاعة، خاصة مع تفاقم الأوضاع الأمنية في المخيم في الأسابيع الأخيرة، بعد أن أجبرت الهجمات عمال الإغاثة على وقف بعض عملياتهم. وفي مقديشو قال بان: إن زيارته تستهدف إظهار التضامن مع الشعب الصومالي، والتعهد بمواصلة الدعم الدولي. وأضاف في مؤتمر صحفي عقب لقائه بالرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد: "أعتقد أننا الآن في مرحلة حرجة.. وأمام لحظة للفرص الجديدة لمستقبل الشعب الصومالي. وتابع: "لدينا بصيص أمل للفرصة". وقال: إنه لا بد من بذل المزيد من الجهد سياسيًا وعسكريًا وإنسانيًا. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، مسلحي حركة الشباب المعارضة إلى وقف العنف والمشاركة في عملية السلام في الصومال. ولكن جماعة الشباب الإسلامية قالت في بيان أنها لا تعترف بالأممالمتحدة كهيئة مشروعة تنظم الشؤون الصومالية. وأدانت زيارة بان، واعتبرتها "محاولة عقيمة تستهدف دعم المعنويات المنهارة لجنود الاتحاد الإفريقي في الصومال".