كيف يكون المعتصمون مسالمين بينما يحرقون المبانى ويلقون بكرات النار على مقار مجلس الوزراء ومجلسى الشعب والشورى تمهيدًا لاقتحامها وحرقها؟! النفاق السياسى وحده وراء استقالة البعض من المجلس الاستشارى احتجاجًا على ما جرى.. والنفاق السياسى وحده جعل عمرو موسى يخرج من الاجتماع مطالبًا بالتحقيق الفورى لأن الأفراد المسئولين عن تأمين هذه المبانى دافعوا عنها من محاولات إحراقها، والتى نجحت بالفعل فى حرق مبنى هيئة الطرق والكبارى، وأشعلت النار فى مبان أخرى. لا أحد يقر قتل معتصمين.. لكن هل يمكن تركهم يقومون بتخريب وتدمير المنشآت الحيوية بعد ساعات قليلة من نجاح المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية؟! كيف لعاقل أن يضع الشعب الذى خرج وانتخب فى كفة ميزان، ويضع مائة معتصم فى الكفة الأخرى، فإذا بأهل السياسة والنشطاء وضيوف التوك شو والمجلس الاستشارى يرجحون كفة المخربين؟! ما أظنه إلا عملا تخريبيا لإجهاض الانتخابات ووقف عملية انتقال السلطة، ولا تعدو الشعارات التى يرفعها المخربون داعية لتسليم المجلس العسكرى فورًا سلطاته لإدارة مدنية سوى مهزلة حقيقية، فالهدف قطع الطريق على الإجراءات الديمقراطية الجارية لأن الناس اختارت عبر الصناديق غير ما يريدونه. لا توجد دولة فى العالم تسمح لعدد محدود من الأفراد بمنع الحكومة من دخول مقرها، مقرونا بإصرار غير برىء على الفوضى ومنع الشرطة من استرجاع الأمن فى البلاد بعد بوادر طيبة ظهرت خلال الأيام الماضية استشعرها الناس لأول مرة منذ 28 يناير الماضي. حدث يوم الجمعة تحول خطير فى سلوك المعتصمين والمتظاهرين، ما يعنى أننا أمام موجة جديدة لا تتحمل نفاق السياسيين، فقد رأينا استهدافا للممتلكات العامة والخاصة، ومحاولات مستميتة لحرق مبانى السيادة مثل مجلس الوزراء ومجلسى الشعب والشورى ووزارة النقل، وكان أكثرها استماتة موجهًا نحو مبانى البرلمان، فى رسالة واضحة للغاية بشأن الانتخابات ونتيجتها الصادمة التى تأكدت بإعلان مؤشرات الجولة الثانية. بالتوازى مع ذلك قامت برامج التوك شو فى معظم القنوات المصرية الخاصة بالتعبئة والتحريض، وظهر ذلك بوضوح فى القناة التى يمتلكها نجيب ساويرس. لا يعقل أن تقف الأجهزة الأمنية صامتة مكتوفة اليدين خوفًا من الانتقادات والنفاق السياسي، بينما يواصل مجموعة من الصبية الحرق والمداهمة والتخريب الذى اضطر معه مجلس حقوق الإنسان إلى إصدار نداء يطالبهم بالكف عن مهاجمة الممتلكات العامة والخاصة؟! حرية الاعتصام لا تعنى إطلاقًا حربة التخريب، ومطالبة الدولة بالصمت إزاء ذلك عمل غير وطنى وغير أخلاقي، لا مثيل له فى أكبر الدولة تمتعًا بالديمقراطية والحريات. المناقشات الجارية حاليًا والتصريحات العنترية الرافضة لتدخل قوات الأمن لحماية المنشآت الحيوية، تقدير خاطئ لحجم الخسارة التى سنجنيها جميعًا على المستوى الأمنى والسياسى والاقتصادى. إذا كان المخططون أطلقوا هذه العملية لوقف استكمال الانتخابات بعد النتائج الجيدة التى سجلتها قوى التيار الإسلامي، فإن الشعب الذى سجل حضوره الطاغى خلال الجولتين السابقتين من حقه المطالبة بمواجهة حاسمة لتلك المؤامرة، والتى ظلت قناة نجيب ساويرس تدعمها طوال ليل الجمعة وصباح السبت من خلال ضيوف التوك شو. أحدهم قال من خلال تلك القناة إنه مع آخرين اجتمعوا بجون كيرى وسألوه لماذا تكرر الولاياتالمتحدة خطأها عندما أيدت الإطاحة بشاه إيران وتركت الملالى يتولون الحكم، بقبولها النتائج الحالية فى الانتخابات المصرية والتفاوض مع التيار الإسلامى والقبول به على رأس الحكم فى مصر. إنها دعوة صريحة لواشنطن للتدخل من أجل وقف العملية الانتخابية، يجب أن يستيقظ الوطنيون المخلصون الخائفون على بلدهم، فأحداث شارع مجلس الشعب ليست بريئة ومن يدعمها لن يغمض لهم جفن. [email protected]