كشفت مصادر ل"المصريون"، أن السيناتور الأمريكى جون كيرى أبلغ "الإخوان المسلمين" خلال الاجتماع الذى عقده مع قادة حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية للجماعة، خلال زيارته القاهرة فى الأسبوع الماضى أن واشنطن ستقف مع الخيار الديمقراطى للشعب المصرى، ولن تقبل بأى حال التراجع عن الموعد المحدد لتسلم السلطة لحكومة مدنية ورئيس منتخب، لكنه فى الوقت ذاته أكد أنها لن تكون طرفًا فى أى صراع قد ينشب بين الجماعة و"العسكرى" وستقف على الحياد. وأكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى للإخوان، خلال اللقاء الذى حضره مندوب من جهاز الأمن القومى بناء على طلب من الإخوان، تطلع واشنطن لإقامة علاقات مع الحكومة المصرية القادمة بغض النظر عمن سيشكلها، الأمر الذى أثار ارتياحًا شديدًا لدى جماعة الإخوان، لكنه فى الوقت ذاته يمثل عامل إزعاج للمجلس العسكرى خشية من أن يؤدى هذا الأمر إلى جعل "الإخوان" يتبنون مواقف متشددة إزاء مطالب المجلس المستقبلية، بحسب المصادر ذاتها. وكانت أجواء التوتر هيمنت على العلاقة بين "الإخوان" والمجلس العسكرى خلال الأيام الماضية وظهر ذلك بوضوح فى انسحاب الجماعة من عضوية المجلس الاستشارى، اعتراضًا على تصريحات اللواء مختار الملا حول أن مجلس الشعب القادم لا يمثل المصريين، وأنه لن يختار اللجنة التى ستضع الدستور الدائم، الأمر الذى أثار مخاوف من تكرار سيناريو المواجهة بين "العسكر" و"الإخوان" كما حدث فى عام 1954. غير أن هذا السيناريو استبعده قياديون بارزون بالجماعة ومنهم الدكتور محمد البلتاجى، الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة" بالقاهرة، الذى قال إن إمكانية حدوث مواجهة بين الإخوان والمجلس العسكرى المسلحة يبدو مستبعدًا فى ظل حرص الجماعة على إقامة علاقة طبية مع جميع الأطراف بشكل يؤمن تسلم السلطة لحكومة مدنية ورئيس منتخب بحلول يوليو القادم. كما استبعد العميد صفوت الزيات الخبير الاستراتيجى إمكانية تكرار هذا السيناريو، وتراجع المجلس العسكرى عن وعوده بتسلم السلطة فى يوليو، قائلاً إن الشعب المصرى والقوى الإقليمية والدولية لن تقبل بهذا الأمر. وأكد أن مواقف الإدارة الأمريكية واضحة بهذا الصدد، وقد أبلغت المجلس العسكرى خلال الموجة الثانية من الثورة ضرورة تسلم السلطة لحكومة مدنية، وتحديد جدول زمنى لنقلها فى أقرب وقت، كما أن تصريحات السفيرة الأمريكية آن باترسون تسير فى إطار دعم الخيار الديمقراطى. واعتبر أن تأكيد جون كيرى لقادة "الحرية والعدالة" على التزام واشنطن بالحياد "يبدو أمرًا طبيعيًا، فواشنطن لن تدعم أى نظم ديكتاتورية كما كان يحدث خلال العقود السابقة، فهذا خطأ لن تكرره فى المستقبل، بل ستسعى لدعم الديمقراطيات الجديدة فى إطار استراتيجية واضحة لدعم مصالحها". بيد أن الدكتور عماد جاد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب"الأهرام" أبدى تخوفًا من وقوع أزمة بين "الإخوان" و"العسكر"، وإن كان قد استبعد الانزلاق لسيناريو 1954، فى ظل رفض الشعب وقواه الثورية والإسلامية لأى تراجع عن تسلم السلطة لحكومة مدنية ورئيس منتخب. وأوضح جاد، أن واشنطن تبدو فى حيرة، فتراجعها عن دعم المجلس العسكرى سيكرس من هيمنة الإسلاميين على المشهد، فى حين أن دعمها للعسكر يعرض مصالحها فى مصر للخطر، وهو أمر قد يستطيع من خلاله تفسير ما تردد عن حيادها فى أى أزمة بين الإخوان والمجلس العسكرى.