يتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدا من التصعيد والتضييق ضد قوى المعارضة وحركات الإصلاح في مصر على اختلاف انتماءاتها وتوجهاتها، بعد أن كشفت مصادر سياسية مطلعة ل "المصريون" أن عددًا من مستشاري الرئيس مبارك يعكفون هذه الأيام على وضع خطة سياسية – أمنية ترمي لاحتواء جماعة "الإخوان المسلمين" على وجه الخصوص، بالإضافة إلى جماعات المعارضة الأخرى في الشارع المصري . وربطت المصادر بين تلك الخطوة المرتقبة والإعداد لملف توريث السلطة الذي أثار موجة من الاحتقان في مصر، ملمحة إلى أن لجوء النظام لسياسة احتواء المعارضة جاء بناءً على نصائح أمريكية بضرورة احتواء "الإخوان" وباقي الحركات الإصلاحية قبل المضي قدمًا في تنفيذ خطوات التوريث العملية. وكشفت عن أن الإدارة الأمريكية حذرت منذ فترة النظام المصري من استمرار تنامي قوة "الإخوان" بسبب الفشل الحكومي وتزايد نسبة البطالة والفقر وتفشي مظاهر الفساد، وطالبت بضرورة وقف هذا التنامي المطرد للجماعة بعد أن أكدت استحالة تنفيذ مسلسل التوريث في ظل سيطرة الإخوان على الشارع ، وتصاعد موجات الغضب الشعبي والاحتقان السياسي على كافة الأصعدة في مصر . وأشارت المصادر إلى أن النظام أدرك أن الإجراءات القمعية ل "الإخوان" وباقي الحركات الإصلاحية بما فيها حركة القضاة أدت إلى تنامي موجة الرفض الشعبي لمسلسل التوريث، فضلاً عما أثاره القمع البوليسي للمظاهرات في الشارع المصري من انتقادات دولية. وأوضحت أن هذه التداعيات دفعت النظام إلى التفكير في وسائل غير تقليدية لتحجيم صعود "الإخوان" ، واختراق الجماعة عن طريق عقد صفقة سياسية مع بعض قياداتها، أو السماح للمنشقين عنها بإنشاء حزب خاص بهم. وحسب المصادر؛ فإن هناك تباينًا كبيرًا في الآراء بين مستشاري الرئاسة حول أسلوب التعامل مع "الإخوان"، إذ يرى فريق أن احتواء الجماعة والسيطرة عليها يمكن أن يكون عن طريق إحداث انشقاق داخلي في صفوفها عبر استمالة بعض القيادات المؤثرة لعقد صفقة سياسية معها ، تمنح بمقتضاها شرعية سياسية على أساس مرجعية إسلامية غير متشددة. وفي المقابل، يرى الفريق الآخر أن إضعاف "الإخوان" يمكن أن يتم عبر الاستعانة بشباب حزب "الوسط" المنشق عن جماعة "الإخوان" ، والذي يبدو - من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي - أكثر اعتدالاً وأقل تشددًا من القيادات المسيطرة على الجماعة حاليًا. وفي هذا الإطار، كشفت المصادر عن تأييد مجموعة من مستشاري الرئيس لفكرة منح حزب "الوسط" الشرعية القانونية لممارسة العمل الحزبي، بهدف اجتذاب المنشقين عن "الإخوان" إلى صفوفه، بما يمتلكونه من مرجعية إسلامية معتدلة ومتوافقة مع قواعد الدولة المدنية والقبول بمشاركة الأقباط معهم. ورجحت المصادر أن يؤدي هذا إلى إحداث شرخ داخل الجماعة وإضعاف نشاطها في الشارع، بالإضافة إلى استغلاله كورقة دعائية في الرد على الاتهامات الموجهة للنظام بقمع الجماعة. واعتبر هذا الفريق أن السيطرة الحقيقية للنظام على الوضع في مصر لن تتأتى إلا عبر الاعتراف بكل القوي السياسية الموجودة على الساحة ومنحها شرعية التواجد ، وذلك في إطار صفقات يعقدها النظام مع قيادات تلك القوى والتيارات السياسية على النحو الذي يضمن تحقيق الأهداف التي يريدها النظام. ورجحت المصادر أن تشهد المرحلة القادمة لقاءات بين مسئولين بارزين في مؤسسة الرئاسة وقيادات من الإخوان ومن الحركات السياسية الإصلاحية على الساحة المصرية ، ومن ضمنهم القضاة. وحذرت من أن فشل الحوارات القادمة سيكون له نتائج خطيرة على النظام ، حيث سيجد أن الخيار الأخير المتاح أمامه في هذه الحالة هو القمع السياسي للوصول إلى ما يريده. ولفتت إلى أن ما يشغل النخبة السياسية المقربة من النظام الحاكم هذه الأيام هو كيفية العمل على تهدئه الأجواء لمرور مسلسل التوريث دون مشاكل أو اضطرابات سياسية وشعبية تؤثر على الاستقرار.