الرياض طلبت تأجيل اجتماع تشكيل القوة العربية المشتركة لنزع الغطاء العربي عن مساع مصرية إماراتية للتدخل العسكري في ليبيا التقارب المصري - السوري يزعج الرياض.. وفيتو سعودي - تركي ضد أي دور مستقبلي للأسد
قررت جامعة الدول العربية، تأجيل اجتماع مجلس الدفاع العربي، المكون من وزراء الخارجية والدفاع العرب، والذي كان مقررًا عقده يوم الخميس الماضي لمناقشة بروتوكول تشكيل "القوة العربية المشتركة"، إلى أجل غير مسمى بناء على طلب السعودية. وقالت الأمانة العامة للجامعة العربية في بيان إنه "تقرر تأجيل الاجتماع" الذي كان مقررًا الخميس بعد تلقي الجامعة العربية مذكرة من السعودية تطلب الإرجاء وتأييد البحرين وقطر والكويت والإمارات والعراق لهذا الطلب. وهذه المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل الاجتماع، حيث كان مقررا عقده أواخر يوليو الماضي، وتم الإعلان عن تأجيله ل27 أغسطس الجاري، قبل تأجيله مجددًا إلى أجل غير مسمى، ما أثار تساؤلات عن أسباب التأجيل. وكان قرار تشكيل القوة قد اتخذ في القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ في مارس الماضي، بعدما اقترحت مصر إنشاءها "دفاعًا عن الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب الذي يتهدد العديد من الدول العربية، وفي ظل استفحال تنظيم داعش"، إلا أن إقرارها عمليًا يبدو متعثرًا. ويعزو محللون التأجيل إلى التوتر الذي يخيم على العلاقات المصرية - السعودية، بعد أن كانت قد شهدت طفرة تكللت بزيارة ولى ولى العهد السعودى محمد بن نايف للقاهرة مؤخرًا ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق أول صدقى صبحي، وزير الدفاع. وأضافوا أن الطلب الذى تقدم به مندوب السعودية بجامعة الدول العربية لتأجيل اجتماع مجلس الدفاع العربي لم يكن مستغربًا فى ظل التحفظ السعودى الخليجى على تشكيل "القوة العربية المشتركة". وأوضحوا أن "تجاوب السعودية مع الجهود المصرية بهذا الصدد، كان في إطار مسعى لدفع مصر للانخراط بقوة فى دعم عملية "عاصفة الحزم" باليمن بقوات برية وهو ما لم تتجاوب معه القاهرة بقوة، بشكل دعا الرياض للعودة لتحفظاتها لاسيما أنها تحظى بدعم عدد من الدول الخليجية". وهو ما أكده مقربون من دوائر الحكم بالسعودية، إذ قال الكاتب السعودي جمال خاششقجي إن "القوة العربية المشتركة لن ترى النور"، ما اُعتبر تراجعًا من السعودية عن تأييدها التكتيكي المؤقت لهذه القوة، وانحيازها للقوى العربية الرافضة لتشكيل القوة التي يعتبرها الرئيس عبدالفتاح السيسي ذراعًا لتحقيق حلمه بإخضاع الثوار الليبيين وتشكيل حكومة موالية له تمكنه من السيطرة على نفط الشرق الليبى وتوظيفه لإنقاذ الاقتصاد المتداعى من أزمته. وبحسب هؤلاء، فإن "مطالبة الرياض بتأجيل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب جاء لقطع الطريق على مساعى القاهرة وبعض الدول العربية المعارضة للربيع العربى لإيجاد غطاء عربى للتدخل فى ليبيا بهدف مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتمدده فى الشرق الليبى، وهو الهدف الذى يخفى الهدف الاستراتيجى هو دحر الثوار الليبيين وتمكين خليفة حفتر وبرلمان طبرق وحكومة الثنى من مقاليد الأمور فى ليبيا، وهو أمر لا يحظى بدعم الرياض". وترى الرياض بحسب المحللين أن "مساعى بعض الدول العربية للتدخل فى ليبيا والانحياز لفصيل سياسى مسئول عن تعثر جهود مندوب الأممالمتحدة برناردينو ليون لإزالة العقبات أمام الوصول لاتفاقية تنهى الأزمة الليبية هو ما دفع الرياض لرفع غطائها عن هذه القوة، ودفع هذه الدولة للبحث عن خيارات جديدة للتدخل فى ليبيا على غرار ما شهده عام م 2014من هجمات طائرات مجهولة على أهداف تابعة للثوار الليبيين ومطار معتيقة الدولى لترجيح كفة عملية الكرامة التى يقودها خليفة حفتر". وقال الدكتور خالد الزعفرانى، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن الانحياز لفصيل معين فى ليبيا سيزيد من حدة التوتر فى الداخل الليبى ويمثل تكثيفًا للحملة على التيار الإسلامى "السنى" الذى تتجه الإستراتيجية السعودية للمراهنة عليه خلال المرحلة القادمة، لصد المد الإيرانى والتمدد فى كل من اليمن وسوريا والعراق، بعد أن غدا يمثل خطرًا شديدا وغير مسبوق على الأمن القومى السعودي". واعتبر الزعفراني، أن "التقارب السعودى مع التجمع اليمنى للإصلاح وحركة حماس الفلسطينية، وهما حركتان محسوبتان على جماعة الإخوان المسلمين سيكون له تأثيرات بلا شك على الموقف السعودى من الأزمة الليبية، ما يدعوها لتبنى موقف متحفظ من أى تدخل عربى منحاز لأحد أطراف الصراع الليبي". ولم يستبعد الزعفرانى أن تقف السعودية موقفًا معارضًا لرفع حظر تصدير السلاح إلى حكومة عبدالله الثنى وبرلمان طبرق المنحل، باعتبارهما يفتحان الطريق أمام تعثر جهود السلام فى ليبيا، مؤكدًا أن طلب الرياض تأجيل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية لتشكيل القوة العربية كان بهدف الحيلولة دون القيام بعمل عسكرى عربى ضد "داعش" كغطاء للقضاء على ثوار ليبيا. ولا تتوقف الخلافات بين مصر والمملكة العربية السعودية عند حد القوى العربية المشتركة ولا الأزمة الليبية، بل تمتد إلى الأزمة السورية؛ فالرياض لا تبدي استياءها من الدعم المصرى المبطن لحكم بشار الأسد، ومساعيها لضمان دور له فى سوريا المستقبل. وهو موقف لا يحظى بأى أى قبول لدى الرياضوعواصم إقليمية مهمة مثل أنقرة والدوحة، حيث تريان أن أى مستقبل للأسد لا يجب أن يكون مطروحًا على مائدة التفاوض فى حين أن القاهرة ترى أن تأمين دور للنظام السورى سواء ببشار أو بدون هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة البلاد وهو موقف يلقى معارضة مع القوى المناهضة للأسد. وأقر الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، بوجود تباينات بين القاهرةوالرياض فيما يتعلق بعدد من الملفات من بينها الملفان السورى والليبى، حيث تفضل الرياض إمكانية التسوية السياسية مع القوى الثورية، من بينها الحركات الإسلامية فيما ترى مصر أن تمدد داعش من الحدود المصرية تشكل خطرًا شديدا على أمنها القومي. ولفت إلى وجود بعض المشكلات الفنية التى تعوق اجتماعات وزراء الخارجية والدفاع لتشكيل القوى العربية المشتركة فيما يظل الخلاف على مصير الأسد بين الطرفين. وكشف فهمى عن وجود صفقة يجرى تدوالها بين عواصم القرار الدولى لتسوية للأزمة السورية قد تجمع عدد من الأطراف الإقليمية المتصارعة حول الداخل السورى، تدور حول وقف إطلاق النار والخروج الآمن للأسد مع بقاء دور لنظامه فى المشهد لإدارة المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى تسيير الأعمال وإعمار سوريا وإعداد البلاد لانتخابات تشريعية وصياغة دستور جديد للبلاد.