«قوة عسكرية عربية مشتركة»، «جيش عربى موحد».. مفاهيم طُرحت على مائدة حوار القمة العربية، وخرج القرار بعرض الأمر على اجتماع يضم رؤساء الأركان للدول الموافقة على تشكيل تلك القوة العسكرية العربية المشتركة، وهذا جوهر الموضوع: ما الدول العربية الموافِقة على تشكيل تلك القوة العسكرية العربية؟ فمن حيث الشكل هناك ترحيب من أغلب الدول العربية، ولكن من حيث المضمون هناك خلاف جذرى بين الأطراف العربية حول تشكيل القوات العسكرية العربية المشتركة تتمثل فى خمسة محاور: المحور الأول- يتعلق بالإجابة عن مهمة تلك القوات العسكرية المشتركة من حيث التدخل فى بعض الأزمات والملفات كالملف السورى، فموقف «بعض الأطراف العربية» مثل المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج الأخرى يتناقض مع الموقف المصرى فى طرق حل الأزمة السورية، وما العلاقة بين تلك القوات العسكرية العربية والتحالف الدولى للحرب على تنظيم «داعش» فى العراق وسوريا؟ ويأتى الملف «الليبى» كواحد من المتناقضات بين مصر وبعض دول المغرب العربى «تونس والجزائر» فى آليات الحل والمواجهة فوجهة النظر «الجزائرية»، تعتمد على الحوار مع بعض الجماعات المسلحة «فجر ليبيا نموذج»، وهذا التصور يتناقض مع الموقفين المصرى والإماراتى. المحور الثانى- هناك تصوُّر من جانب بعض الدول بتوسيع التحالف العسكرى بضم تركيا إليه لخلق تحالف عسكرى «سُنّى» لا «عربى»، يكون قادرا على إحداث توازن إقليمى مع «إيران»، التى يتسم وضعها بالتمدد فى لبنانوالعراق واليمن وسوريا، ومحاولة التأثير على أوضاع الشيعة فى البحرين وشرق السعودية، فضلًا عن وجود احتمال بقرب توقيع صفقة تفاهم بين إيران والدول الغربية فى ما يخص ملفها النووى. بعبارة أخرى، يعوق إنشاء هذه القوة ارتباط بعض الدول العربية بعلاقات وثيقة مع بعض القوى الدولية والإقليمية، والتى ترى فى هذه القوة تهديدا مباشرا لمصالحها ونفوذها مثل (تركياوإيران والولايات المتحدةالأمريكية)، وهو ما قد يعرقل مفاوضات إنشاء القوة، حيث إن الموافقة المبدئية لبعض الدول العربية على إنشاء قوة مشتركة لا يضمن بالضرورة إنجاز المهمة. المحور الثالث- ممَّ تتشكل تلك القوات، خصوصا من حيث تشكيل القوات البرية وقيادتها ومركز القيادة ومكان القوات؟ وما الأنشطة التدريبية التى تقوم بها بما يجعلها مغايرة عن المناورات العسكرية «غير الدورية» بين الدول العربية، كالتى أُجريت بين مصر والسعودية، ومصر والإمارات خلال الأعوام الماضية. المحور الرابع- العلاقة بين تشكيل تلك القوات العربية المشتركة واتفاقية الدفاع العربى المشترك، وهل هى بديل عن تلك الاتفاقية أم أنها تمثل تفعيلًا لتلك الاتفاقية. المحور الخامس- هل ستكون تلك القوة العسكرية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب العابر للحدود أم جيشا عربيا يلعب دورا أكبر ليس على مستوى الداخل العربى ولكن على مستوى الإقليم ككل. أخيرًا، هناك الكثير من التحديات التى تواجه إنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة من حيث توحيد وجهات النظر بين الأطراف العربية تجاه معالجة الأزمات السياسية والأمنية التى تمر بها المنطقة العربية، وهو المحدد الرئيسى لظهور تلك القوة العسكرية العربية المشتركة وهذا ما ستجيب عنه الدول العربية خلال الأشهر الأربعة القادمة.