عودة زمن المقالات الممنوعة والصحف المعطلة

البلشى: على الصحف ألا تخضع لمطالبات الحذف.. وعيد: السلطة تعادى الصحافة

تعرضت العديد من الصحف ومن بينها "المصريون" في الآونة الأخيرة للتضييق، في ظل اعتراضات على مضمونها التحريري، وبشكل خاص مقالات الرأي، كما في واقعة منع نشر مقال الكاتب الصحفي جمال سلطان رئيس تحرير "المصريون" في عددها الصادر الأسبوع الماضي، الذي حمل عنوان "لماذا لا يتوقف السيسي عن دور المفكر الإسلامي"، والذي كان ينتقد انشغال الرئيس بتجديد الخطاب الديني مقارنة بقضايا أخرى لم تحظ بالاهتمام المطلوب.
كما تعرضت جريدة "الصباح" الأسبوعية لموقف مماثل، بسبب الاعتراض على مقال للدكتور أحمد رفعت نجل الدكتور رفعت سيد أحمد، الذي ينتقد الناشط السياسي محمد بدران رئيس حزب "مستقبل وطن"، ويصفه فيه بأنه الفتى المدلل لرئيس الجمهورية وان "مستقبل وطن" خارج من بطن النظام، وهو ما تسبب في منع طباعة الصحيفة.
وهذه حلقة في مسلسل منع المقالات الذي تكرر أكثر من مرة في أعقاب 30يونيو، كما حدث مع مقال للكاتب بلال فضل بجريدة الشروق بعنوان "الماريشال السياسي"، كذلك الكاتب وائل قنديل الذي مُنع له عدة مقالات من جريدة "الشروق"، منها مقال تحت عنوان "الهولوكوست المصري" والذى انتقد فيه دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، للاحتشاد فى الميادين يوم 26 يوليو وإعطائه تفويضًا، ومقال آخر له، يحمل عنوان "على جثثنا أيها القيصر" وهو يبدأ بقصيدة شعرية تقول: "أنعم بطيب الإقامة ورغد العيش فوق جثثنا.. استمر شهورًا وسنوات أخرى واشرب نخب سلطتك من جماجم شعبك.. هل أعجبك المذاق؟ اشرب أكثر واستمتع فداؤك ألف مصر ومصر فداؤك ألف شعب وشعب".
كما تم منع مقالات للدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة بجريدة "الأهرام" تحمل عنوان "إنذار مبكر لكل مَن يحكم مصر"، كان يتحدث فيها قائلًا: "لن تسرقوا الثورة هذا كلام موجه إلى كل صاحب سلطة سيأتى لحكم مصر لن نتركه لحظة يمارس استبدادًا، وإنى لأعجب كيف تفتقت أذهانكم أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية معا أليس ذلك مشروع فرعون".
فى الوقت ذاته تعرضت الصحف المصرية عقب 30 يونيو, والإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين للعديد من الانتهاكات ما بين المصادرة والغلق. ولم تسلم الصحف الخاصة من إيقاف النشر، إذ تسبب مقال فى جريدة الوطن بتاريخ 11مايو الماضي، بعنوان "7 أقوى من الرئيس" فى مصادرة العدد السنوى للجريدة. وتناول الموضوع أسماء 7أشخاص أقوى من الرئيس عبد الفتاح السيسى كما ذكر فى الموضوع، مما أدى إلى مصادرة النسخ المطبوعة والمطالبة بتغيير عناوين الملف والعنوان الرئيس إلى "7 أقوى من الإصلاح".
فيما تعرضت جميع نسخ عدد جريدة "المصري اليوم" في 2أكتوبر 2014، للمصادرة بسبب حوار مع اللواء رفعت جبريل، مدير المخابرات السابق، بدعوى وجود معلومات تمس الأمن القومي. وكانت قد نشرت 5 حلقات من هذا الحوار قبل ذلك كشفت عن حقيقة تجنيد الفنان المصري، سمير الإسكندراني، واكتشاف تجسس الصحفى الكبير مصطفى أمين، لمصلحة المخابرات الأمريكية، والقصة الحقيقية للجاسوسة المصرية، هبة سليم.
وشهدت جريدة الوادى التى كان رئيس تحريرها فى ذلك الوقت خالد البلشي، توقف العدد الثالث عن الطباعة لحديثه عن اقتحام مقار أمن الدولة ودور المجلس العسكرى فى ذلك، وملف آخر عن ترشح المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربى لانتخابات الرئاسة.
بينما تسبب تحقيق صحفى موثق عن فساد أحد رجال الأعمال المرتبطين بجهة سيادية فى الثانى من سبتمبر العام الماضى من مصادرة ذلك العدد من جريدة "صوت الأمة"، وبعد مفاوضات بين الجريدة وجهات سيادية استمرت يومين استبدل رئيس التحرير عبد الحليم قنديل الموضوع بموضوع آخر.
كما تمت مصادرة عدد 14 أغسطس 2015 لهجومه على الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ورجاله ووزير العدل الحالي، فضلا عن أن الحديث عن مرض والدة الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى ووفاتها وعدم الإعلان عنه لحين افتتاح القناة السبب فى منع هذا العدد من الصدور.
وكانت "الحرية والعدالة" على رأس الصحف التى أغلقتها حكومة حازم الببلاوى أول حكومة بعد 30 يونيو، وذلك بدعوى تحريضها ضد الجيش والشرطة ووقف إصدارها نهائيًا كما أشيع.
كما منعت جريدة "الشعب"، الناطقة باسم حزب الاستقلال من الصدور في 29يناير 2014، بقرار من النيابة، بدعوى "وجود موضوعات تحرض على ارتكاب أعمال عنف ضد الشرطة والجيش ومنشآت الدولة كما أشيع فى ذلك الوقت".
وقال خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بنقابة نقابة الصحفيين، إن "إجراءات التصدي لمصادرة الصحف لابد أن تبدأ من الصحيفة نفسها، من خلال رفض تغيير عناوينها أو موضوعاتها، كما يُطلب منها لكي لا يؤدى ذلك إلى الوصول إلى مخاطرة المصادرة، فلا يوجد نظام أو جهة تستطيع مصادرة الصحف وإذا فعل النظام ذلك يدل على كارثة".
وأضاف البلشي ل"المصريون": "النقابة أصدرت بيانًا تطالب فيه الصحف بعدم الخضوع والرفض للتدخل أو المراقبة من قبل أى جهة على الصحيفة وتطالب بضرورة اللجوء إلى النقابة للدفاع عن أي جريدة تتم مصادرتها".
وفيما نوه إلى أن البيان سيعرض على المجلس لمناقشته، أوضح البلشي أن النقابة في ظل هذه الظروف تحقق في أمر المصادرة وتعمل من خلال المجلس على حل مثل هذه الأزمات.
من جانبه، قال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن عودة مصادرة الصحف بهذه الوتيرة المتصاعدة، مع وجود ما يزيد عن 60 صحفيًا رهن الحبس الاحتياطي، فضلاً عن قانون (مكافحة الإرهاب) الصادر مؤخرًا يصل بنا إلى معاداة السلطة للصحافة.
وحذر عيد من خطورة الوضع الذى تمر به الصحافة ليجعلها تتحول إلى أبواق للسلطة، مؤكدًا أن استمرار الدولة فى ذلك سيزيد من الاحتقان السياسى لدى الجمهور والصحفيين نتيجة لسعيها فى خنق كل سبل الديمقراطية المتمثلة فى حرية الرأي.