أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من زيارة إلى روسيا، اجتمع خلالها بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، إثر توتر العلاقات مع الولاياتالمتحدة عقب عزل الرئيس محمد مرسي، والإطاحة بنظامه. الأمر الذي فسره العديد من المراقبين، بأنه اتجاه من السيسي في سياسيته إلى الشرق مجددًا، متحديا الولاياتالمتحدة، كالذي فعله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد توتر علاقته مع الولاياتالمتحدة واتجاه سياسته إلى الاتحاد السوفيتي آنذاك. وتأتي لقاءات الرئيسيين في وقت تشهد فيه العلاقات الروسية الأوروبية حالة من التوتر، على أثر الأزمة الأوكرانية، والعقوبات الأمريكية والاتحاد الأوروبي المفروضة على روسيا، كما تشهد أيضا العلاقات المصرية الخارجية حالة من الشد والجذب في علاقاتها مع الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة، خاصة بعد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش والذي أدان عملية فض رابعة 2013، واعتبرتها بالجريمة ضد الإنسانية. وعن الزيارة المرتقبة، أكد الكرملين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجري الأربعاء المقبل، محادثات مع نظيره عبدالفتاح السيسي، الذي سيقوم بزيارة رسمية إلى موسكو. وأوضحت الدائرة الصحفية للكرملين، أن الطرفين سيبحثان مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، بما في ذلك آفاق تعزيزها في المجال التجاري- الاقتصادي. ونقلت قناة "روسيا اليوم" على موقعها الإلكتروني، أن الزعيمين سيتبادلان آراءهما بصورة مفصلة بشأن القضايا الدولية، وبالدرجة الأولى الأزمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكانت الرئاسة المصرية أعلنت أن السيسي سيزور موسكو خلال الفترة من 25 إلى 27 أغسطس الجاري، مشيرة إلى أن الزيارة ستشهد عددًا من اللقاءات مع كبار المسئولين الروس وعدد من رؤساء كبريات الشركات الروسية. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن زيارة الرئيس إلى روسيا ولقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تأتي في إطار العلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين، وتعكس الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والارتقاء بها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزًا.
وأشار إلى أن الزيارة ستتيح الفرصة لتعزيز التعاون مع روسيا في مختلف المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي، آخذًا في الاعتبار أن روسيا تعد أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر. وذكر المتحدث، أن لقاء الرئيس مع نظيره الروسي سيعقبه غذاء عمل موسع بحضور وفدي البلدين يقيمه الرئيس الروسي تكريمًا للرئيس بمقر الكرملين، بُغية التباحث في سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، وكذا دعم التعاون بين مصر وروسيا في الأطر والمنظمات الدولية متعددة الأطراف، فضلًا عن العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وجذب المزيد من الاستثمارات الروسية إلى مصر، لا سيما في ضوء الإجراءات التشريعية والإدارية التي طبقتها مصر مؤخرًا لجذب وتيسير إقامة الاستثمارات المباشرة. وفي هذا الإطار ترصد "المصريون"، تاريخ اللقاءات المتعددة بين الرئيسيين والتي وصلت إلى خمسة لقاءات رسمية خلال أقل من عامين، وذلك منذ عزل مرسي، إلى آخر لقاء والمقرر عقده في الكريملين الشهر الجاري. عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وتوتر العلاقات مع معظم بلاد العالم في مقدمتها الولاياتالمتحدة، اعترضا على عزل مرسي، حاول النظام الجديد التواصل مع العالم و المنظمات لعمل علاقات جديدة ورفع العزلة المفروضة على مصر. وبناء على مواقف روسيا الداعمة للنظام الجديد، والاعتراف به وسط حالة من العزلة المفروضة على مصر، استغلت القيادة الجديدة ذلك الدعم في بناء علاقات مع الدب الروسي. في 12 يناير 2014، وصل المشير عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، ونبيل فهمى وزير الخارجية، إلى روسيا، في أول زيارة خارجية له بعد أن تقلد منصب المشير، وذلك بغية توقيع أكبر صفقة عسكرية يتم إبرامها مع الجانب الروسي منذ 37 عاما منذ عهد الاتحاد السوفيتي، ولدعم موقف المشير من الترشح لرئاسة الجمهورية. ووصف بوتين خلال لقائه السيسى قراره بالترشح لرئاسة الجمهورية بالقرار المسئول.
وفي 12 أغسطس 2014 وصل السيسي إلى روسيا، في أول زيارة رسمية له بعد فوزه برئاسة الجمهورية، والتي امتدت ليومين عقد خلالها مباحثات ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وخلال الزيارة، قام الرئيسان بزيارة قصيرة إلى منطقة روزا خوتر السياحية، وتناولا خلالها منفردين الشاي في أحد المقاهي قبل التوجه بالمروحية إلى قصر بوتشاروف روتشييه مقر إقامة الرئيس الروسي، حيث عقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، تلتها مباحثات موسعة على مأدبة غداء أقامها الرئيس الروسي تكريمًا للرئيس والوفد المرافق له. وفي 9 فبراير 2015، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الروسي بالصالة الرئاسية بمطار القاهرة الدولى، والذي قام بزيارة لمصر استمرت يومين. وعقدا الرئيسان جلسة مباحثات مصغرة قبل أن يتوجها إلى دار الأوبرا المصرية، لمتابعة عرض ثقافي عن تاريخ العلاقات بين البلدين، وسط حفاوة من الترحيب وانتشار للافتات الترحيب باللغات الروسية والعربية والإنجليزية وصور مشتركة تجمع الرئيسين بوتين والسيسي، في شوارع وسط القاهرة، وبعدها أقام الرئيس السيسي مأدبة عشاء على شرف ضيفه في برج القاهرة. الجدير بالذكر أن هذه الزيارة هي الأولى للرئيس الروسي إلى مصر منذ 10 سنوات. وتلبيه لدعوة بوتين، وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي في 8 مايو 2015 موسكو في زيارة استغرقت يومين، للمشاركة في احتفالات روسيا بمناسبة الذكري السبعين لعيد النصر. وعقد السيسي، خلال زيارته، لقاءً ثنائيًا مع الرئيس الروسي بوتين، في إطار متابعة نتائج زيارة بوتين إلى القاهرة في فبراير 2015، فضلًا عن حرص الجانبين على تعزيز علاقات التعاون التي تجمع بين البلدين في كافة المجالات. وشارك السيسي، في الاحتفالات مع عدد من قادة الدول والمؤسسات الدولية، ومن بينهم قادة بلدان رابطة الدول المستقلة، ورؤساء كل من الصين، والهند وجنوب أفريقيا، فضلًا عن رؤساء بعض الدول الأوروبية واللاتينية، وأمين عام الأممالمتحدة. ورأى الخبير في العلاقات الدولية، محمد محسن أبو النور، أن مصر وروسيا تستهدفان تدشين تحالف على نحو مستحدث لملء فراغ القوة، خاصة في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، مع الإدراك المصري لطبيعة الدور الروسي وحجمه في تعديل وتطوير مجرى مفاوضات الملف النووي الإيراني وتحويلها من قضية أمنية إلى ملف دبلوماسي متكامل الأركان. أبو النور، دلل على ذلك بأن مصر هي الدولة الإقليمية الوحيدة التي أقامت معها روسيا على مدى الأعوام الماضية مباحثات في صيغة (2 + 2) والقائمة على مباحثات وزيري الخارجية والدفاع في البلدين، وهي أرفع درجة من المباحثات الاستراتيجية الروسية تجريها مع عدد محدود من دول العالم ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى في السياسة الخارجية الروسية؛ ما يعني أن الزيارة الحالية للرئيس السيسي، التي تعد خامس زيارة له إلى موسكو في عامين، تعطي فكرة عن المدى العميق الذي وصل إليه التفاهم الروسي المصري تجاه مستجدات الأحداث على الساحة.