فقد الأزهر الشريف بل فقدت مصر والأمة كلها علمًا من أعلامها الكبار هو العالم الجليل والكاتب والمفكر والمؤرخ الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر. كان ، رحمه الله ، القلب النابض لقسم التاريخ ، الذى أشرف بالدراسة فيه، وهو أحد أهم الذين ملأوا الفراغ الذى تركه أساتذة كبار مثل المؤرخ الدكتور عبدالعزيز شرف، ولعل الله يعوضنا خيرًا فى الجيل الباقى من أحبابه ورفاقه أساتذتنا الكبار د. محمد الخطيب ود. السعيد حجاج ود. مالك رشوان ود. عبد الفتاح رسلان ود. محمود شرف ود. عبد الرازق القرموطى، فضلاً عمن هم من خارج القسم والجامعة كالمؤرخ الكبير الدكتور زكريا سليمان بيومى شفاه الله وعفاه . توفى فقيدنا تاركًا إنتاجًا علميًا زاخرًا تفخر به الأجيال، حيث جمع بين التأليف والتحقيق، وبين التخصص فى التاريخ الإسلامى و التخصصات الفكرية، فمن بعض ما ترك: بنو أمية بين الضربات الخارجية والانهيار الداخلى. تفسير التاريخ علم إسلامى (تأصيل لفلسفة التاريخ إسلاميًا بطريقة أكاديمية). التأصيل الإسلامى لنظريات ابن خلدون (كتاب الأمة) دحض لمحاولات ماركسة أو علمنة أفكار ابن خلدون. المدخل إلى الحضارة الإسلامية. الفكر اليهودى بين تأجيج الصراعات وتدمير الحضارات. تيارات حضارية فى التاريخ الإسلامى. صفحات من جهود المسلمين فى الحضارة الهندية. أثر التغريب وخيانة التاريخ على مستقبل الأمة الحضارى. الأزمة الحضارية الراهنة ودرس الأندلس. شخصية الرسول أمام المقاييس الإنسانية. فقه التاريخ وأزمة المسلمين الحضارية. دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية ثقافة المسلم فى وجه التيارات المعاصرة. العقل المسلم فى مرحلة الغزو الفكرى. الشيخ محمد الغزالى: تاريخه، وجهوده وآراؤه، المسلمون فى معركة البقاء. الدولة الحديثة فى المحيط الإسلامى بين الحقيقة والتزييف. بديع الزمان سعيد النورسى: رجل الإيمان والتجديد فى مواجهة الإلحاد والتقليد. نبعت هذه المؤلفات من الفكرة الأساسية التى تبناها الدكتور عويس والتى تؤكد أن الفكر التاريخى فى تراث الحضارة الإسلامية حقق تقدما هائلا فى ظل الظروف السائدة فى فتراته المختلفة على الرغم من بعض إخفاقاته، ولذلك عمل على بعث ونشر الدراسات الإسلامية وربطها بالواقع المعاصر، كما عارض نظرية صدام الحضارات بل رفض الشماتة فى الحضارة الغربية قائلا "إننا لا نشمت فى الحضارة الغربية لأننا كمسملين لا نعرف التشفى ولا الحقد، ولعل الله يخرج من بين أصلابهم من يعبده، لكننا فقط نريد لهذه الحضارة أن تتوب". كما اعتنى الفقيد بدراسة ظاهرة تأخر المسلمين وأسبابها فى غير ذى مؤلف كالتكاثر المادى وأثره فى سقوط الأندلس.و 40 سببًا لسقوط الأندلس. لم يقع ، رحمه الله ، فيما وقع فيه غيره من المؤرخين الذين قضوا شطرا كبيرا من وقتهم كى يقولوا للآخرين كيف يكتبون التاريخ بدلا من أن يكتبوا هم تاريخًا حقيقيًا فيما عرفت هذه الظاهرة فى أوروبا ب أزمة الثلاثين عامًا 1930 1960 كما ذكر د . قاسم عبده فى ترجمته لكتاب ديفيد كانادين (ما التاريخ الآنwhat is history?)، بل أخذ الدكتور عويس التاريخ حرفة وفكرًا فعلم تلاميذه كيف يكتبونه، وكتبه، وقرأ ما وراء الأحداث. حسين القاضي [email protected]