حيل وألاعيب يستخدمها المشكك في نشر الشبهات، فيديو جديد لوحدة بيان في الأزهر    مصر تتعاقد على شراء 7 قطارات نوم قادمة من إسبانيا    قرار عاجل من محافظ الإسكندرية بشأن غرامات الذبح في عيد الأضحى (تفاصيل)    مصطفى بكري يكشف تفاصيل عودة أحد الناشطين من تركيا إلى مصر بعد اعترافه بخطئه (فيديو)    تقرير: جهود زيلينسكي الدبلوماسية تتلقى ضربة مزدوجة قبل قمة سويسرا    السيسي يتلقى اتصالا من الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة    نصرالله: على إسرائيل أن تنتظر من المقاومة في لبنان المفاجآت    تعليق مثير من إنريكي على إقالة تشافي    في مباراة دراماتيكية.. إنبي يقتنص فوزا مثيرا أمام سيراميكا كليوباترا بدوري nile    مباشر سلة BAL - الأهلي (0)-(0) الفتح الرباطي.. بداية اللقاء في المرحلة الترتيبية    195 لجنة.. استعدادات محافظة القاهرة لامتحانات الدبلومات الفنية    رسميا.. نقيب الموسيقيين يعلن تحقيق إيرادات 227 مليون جنيه    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الأعراض الرئيسية لمرض السكري لدى الأطفال والمراهقين    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى (فيديو)    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    منتخب مصر للساق الواحدة: تعرضنا لظلم تحكيمي ونقاتل للتأهل لكأس العالم    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    لاتفيا وفنلندا: سنتابع بهدوء وعن كثب خطط الحدود البحرية الروسية    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    بسبب فستان.. القصة الكاملة ل أزمة ياسين صبري ومصمم أزياء سعودي (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 11 مليون جنيه في 24 ساعة    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    الرئيس البرازيلي: منخرطون في جهود إطلاق سراح المحتجزين بغزة    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    «دولارات الكونفيدرالية» طوق نجاة الزمالك    5 نصائح للتعامل مع منخفض جوي يضرب البلاد الأيام المقبلة.. تحذير من ظاهرة جوية    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    خالد جلال: جوميز ركز على الكونفدرالية فقط.. وهذه نصيحتي لفتوح    عادل عقل يكشف صحة هدف الزمالك وجدل ركلة الجزاء أمام فيوتشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات جديدة للناجين من مذبحة رابعة

هنا رابعة.. فى السادسة والنصف بتوقيت القاهرة يوم ال14 من أغسطس منذ عامين "هنا آلاف المعتصمين على موعد إما الشهادة أو النجاة أو إصابة تدوم معك حتى وفاتك لتصبح رصاصة واحدة شاهدة على المجزرة".

لم يكن أحد يتخيل المشهد قبل أن يصبح واقعًا، فالجميع على يقين أن أمر الفض لم يكن بتلك السهولة التى تؤهله لأن يحدث بتلك الطريقة أو بهذه السرعة، الآلاف كانوا نيامًا ينتظرون يومًا جديدًا من الاعتصام ليصبحوا كعادتهم على هتافات "يسقط يسقط حكم العسكر، إسلامية إسلامية"، مطالبين بعودة شرعية الرئيس محمد مرسي.

إلا أن هذا اليوم بالتحديد اختلف الأمر تمامًا فبعد تحذيرات وأخبار تم تداولها بنية وزارة الداخلية فض الاعتصام وهو الأمر الذى استبعده كثيرون من أنصار الشرعية دقت طبول الحرب فى تمام السابعة لتطلق الداخلية أول طلقاتها على المعتصمين إيذانًا ببدء الفض.
مشاهد من رابعة لم ترو من قبل
"لم يكن ممرًا أمنا على الإطلاق.. كان ممرًا للموت"
"لم أتخيل أنه سيأتى اليوم ويكون فى جسمى رصاصتان لتخرج الأولى وتبقى الثانية عالقة فى ذاكرتى قبل جسدي، يرجع "أ.م" بالذاكرة المليئة بالدموع عامين، حيث تدهورت حالته الصحية بعد إصابته بطلقتين إحداهما مازالت قابعة داخله لا تريد أن تتركه، وكأنها تقول سأبقى معك لأذكرك بتلك المشاهد.

ويرجع "أ.م" بالذاكرة إلى الخلف، حيث السابعة صباحا يفيق على يد أصحابه محذرين إياه "هايفضونا"، ليهرولوا باتجاه الأماكن الأكثر أمنًا، لكن لا أمان فالجميع محاصرون بطلقات الداخلية "جوة وبرة" فالطائرات من فوقهم والمدرعات وجنودها من أمامهم وخلفهم.

ويقول "أ.م" بدأ الفض لتصيبنى أولى الطلقات ولا أتذكر بالتحديد بعد هاتين الطلقتين سوى مشهد بكاء أمى إذا جاءها خبر وفاتي، كان هذا ما يؤلمنى وليست الطلقات.. وخلال تلك اللحظات نقلنى أحد أصدقائى وهو يلقنى الشهادة إلى مستشفى رابعة إلى أن تم الإسراع بإسعافي، حيث كانت الساعات الأولى للفض.

ويضيف: "وما أن أخبروا والدى بإصابتى وصل إلى المستشفى ليبكينى أكثر كلماته وهو يردد الشهادة أمامى وكأنه يودعنى عند خالقه، فكانت تلك أصعب اللحظات بعد إصابتى بالرصاص، لأجد أبى فى هول هذا المنظر ينتظر موتي، وانتظرت على هذا الوضع أكثر من 12 ساعة، شاهدت خلالها أبشع ما رأت عينى خلال حياتي، شاهدت كل ما لم تكن تتخيله عيناي، أنا نفسى لقنت الشهادة لأحد الشباب الذين أصيبوا وكانت رصاصته فى الرقبة ليتوفى بعد تلقينى الشهادة له بدقائق".

وتابع: "الدماء فى كل مكان تجرى حتى أننى كنت أتذكر أن الأرض التى كنت أنام عليها وصلت لنا الدماء من كل اتجاه، إلى أن جاء موعدنا مع ما أسموه بالخروج الآمن الذى لم يكن آمنًا بالمرة، فقبل ساعة من الخروج جاء عدد من ضباط القوات الخاصة يطالبون الدكاترة بالانصراف وترك المصابين والجثث فى مستشفى رابعة، وكان الأمر بالقوة، حتى حدث بالفعل أن تركت الناس بعض المصابين وخرجت تاركة المستشفى، وكنا على أعتاب نهاية الميدان لكن نجونا بأعجوبة أنا وأبى ومن كانوا يحملوننى من قسوة الضباط وقتها فتم قتل الكثيرين أمام عينى خلال تخطينا للممر الذى أنشأوه لنا، إلى أن انتهت رحلتى فى رابعة لتبدأ رحلة جدية فى علاجى الذى تم رفضه من أغلب المستشفيات التى وصلت لها مع أبي، مستنجدين بها لكن لا حياة لمن تنادي.
"يوم الفض لم تصبنى سوى رصاصات الاكتئاب"
وبصوت حزين وعيون تملؤها الدموع بدأ "ع.ع" يروى ذكرياته مع الساعات الأولى للفض متذكرًا أصدقاءه الذين وقعوا أمامه شهداء بعد لحظات من كلامهم معه عن الشهادة والموت، مما أوقع فى نفسه الحزن الشديد رغبة منه فى أن يلقى نفس المصير أثناء الفض حتى لا يرى أمامه الموت فى كل مكان بعدما رأى أصدقاءه جثثًا بين يديه.

ويروى "ع.ع" أنه استيقظ يوم الفض فى الساعة السادسة أو السادسة والنصف فهو ليس متذكرًا تمامًا من هول الموقف، فكانت هذه أول مرة يستيقظ فيها على صوت الرصاص من كل اتجاه ومناظر قتلى، فعرف حينها أنه حان وقت فض الاعتصام ولكنه لم يكن يعرف أن الفض سيكون بهذا العنف وعلى حساب هذا العدد الكبير من الموتى والشهداء.
توقف لحظة أثناء الحديث ثم عاد مستكملاً أن الدخان بدأ يظهر من كل اتجاه نتيجة إلقاء قنابل الغاز من ناحية طيبة مول وشارع الطيران وبقية الشوارع المجاورة حتى أنهم لم يتركوا شارعًا واحدًا للمعتصمين يفرون منه فأصبح الموت هو الخيار الوحيد أمامهم، فالهجوم من قبل المدرعات والقناصة وقوات الأمن من كل مكان، بالإضافة إلى الاعتداء بالخرطوش والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحى من كل مكان وكل هذا بحماية من طائرات هليكوبتر كانت تحلق فى سماء رابعة، مشاركة فى فض الاعتصام.

وتابع: الجميع كان يتوقع أن يموت فى أى لحظة ولا أبالغ إذا قلت إنى كنت أتمنى الموت فى هذه اللحظة لأنى لم أجد مكانًا أختبئ فيه أو أهرب منه، فالساحة أصبحت مكشوفة لقوات الأمن، والقناصة كانوا يستهدفون المعتصمين من أعلى المبانى المجاورة وقوات الأمن تحاصرنا من كل مكان، ولا يوجد أى مخرج لنا حتى شارع النصر الذى كان من المفترض أن يكون المخرج الآمن والوحيد للمعتصمين، ولكن من الواضح أن قوات الأمن لم تكن تريد فض الاعتصام ولكنها كانت تريد قتل المعتصمين.

ويضيف: "منظر لا يمكن أن أنساه طوال عمرى فقد تسبب فى إصابتى بالإغماء والاكتئاب لشهور طويلة، وفى ضياع كل متعلقاتى الشخصية من أموال وبطاقة إثبات الشخصية وجواز سفري، حتى أننى كدت أن افقد الرغبة فى الحياة وهى اللحظة التى رأيت فيها عددًا مهولاً من جثث المعتصمين على الأرض منفصلة رؤوسهم عن أجسامهم أو منفجرة رؤوسهم وجماجمهم خارجها نتيجة الاستهداف المتعمد للرأس من قبل رصاص قوات الأمن، مشيرًا إلى أنه نجا بأعجوبة من إحراق رجال الشرطة والجيش للخيمة التى كان فيها.

أما "م.ص" وهو شاب فى مقتبل العمر ولكنه يقسم أن حضوره يوم فض رابعة يشعره إلى الآن أنه أصبح شيخًا كبيرًا فقد شاب رأسه من هول الموقف، فبرغم من توارد الأنباء عن أن قوات الأمن فى طريقها إلى إخلاء رابعة وفض الاعتصام، إلا أن الجميع لم يكن يتوقع أن الفض سيكون بهذه الوحشية، على حد قوله، فلا يوجد شيء فى الحياة يستحق أن تسال من أجله كل هذه الدماء وأن يحرق الناس وتخرج رؤوسهم حتى يصبح الموت أقصى أمل لهم حتى يتخلصون من الألم الذى أصابهم وهم فى انتظار الموت، فقد كانت ساعات ولكنها أطول من دهر بأكمله فى صعوبتها وقسوتها.

برهة من الوقت طلبها حتى يستطيع أن يتحدث عن ذلك اليوم الذى لا يمكن أن يمحوه من الذاكرة فبرغم من أن المعتصمين استعدوا لوصول قوات الأمن وتأمين جميع المداخل لتأمين الاعتصام وتجهيز المستشفيات الميدانية لاحتمال وقوع إصابات، كما تم تجميع السيدات وسط الساحات حماية لهن ولكن كل ذلك لم يفد بشيء، فقد كان فض الاعتصام حربًا بالنسبة لقوات الأمن لابد أن ينتصروا فيها غير مهتمين أن من يقتلونهم ويحرقونهم هم مصريون مثلهم مهما اختلفت توجهاتهم السياسية، فقد تم حرق الخيام بداية من مدخل الاعتصام وصولاً إلى منصة الاعتصام عند شارع الطيران.

أصعب شيء مر على فى هذا اليوم هو حديث صديق لى عن الاستشهاد قبل لحظات من إصابته برصاصة أودت بحياته، فقد كان يوصينى قبلها بلحظات بزوجته وابنته التى لم يراها لأن زوجته لم تكن وضعت بعد، بحيث قال إنه كان يتمنى أن يرى ابنته وأنه كان يتمنى أن يحملها بين ذراعيه وأن زوجته ليس لها أحد بعده فى الحياة، مؤكدًا أنه ترك كل هذا من أجل الشهادة فقط.
وانهمر فى البكاء قائلاً: "ما ذنب شاب فى مقتبل حياته متزوج حديثًا أن يموت بهذا الشكل بدون سبب لمجرد أنه كان يدافع عن شرعية رئيس يرى أنه رئيسه الشرعى فهل يحق لأى أحد أن يسلب حياة إنسان لمجرد أنه يختلف معه فى الرأى والتوجه السياسي.

وأضاف: "ما ذنب طفلة لم تر نور الحياة بأعينها أن تفقد أباها وتدخل فى عداد الأيتام دون أن تشعر بحنانه حسبى الله ونعم الوكيل، الطمع فى السلطة قد يفقد الناس ضمائرهم ورحمتهم، وللأسف اضطررت أن أترك جثة صديقى وعشرة عمرى على الأرض لأنجو بحياتى بحثًا عن أى ملجأ للفرار، فدخلت المستشفى الميدانى لأبحث عن أصدقائى وجدتها كالمشرحة ليس فيها إلا جثث فقط فخرجت إلى أن استطعت أن ألوذ بالفرار عندما هدأت الأوضاع قليلاً وظللت أسير فى الشارع على قدمى لأنى ليس معى أموال ولا أى شيء يثبت شخصيتى وملابسى ملطخة بالدماء إلى أن وصلت إلى بيت أحد أعمامى فى منطقة المطرية، وعندما وصلت البيت أصبت بحالة إعياء وفقدت بعدها الوعى لعدة ساعات، كما فقدت النطق من هول الصدمة إلى أن تم علاجى على يد الأطباء".

أما "أ.س" فقد أكد أنه جاءت للمعتصمين معلومات الساعة 2 ليلاً عن أن قوات الأمن تعتزم فض الاعتصام، فظن المعتصمون خطأ أن قوات الأمن ستفعل مثلما فعلت فى الحرس الجمهورى وتكتفى بقتل عدد قليل من المعتصمين، ولم يظنوا أنها ستصبح تصفية للدماء مثلما حدث، فاكتفى المعتصمون بالخروج عند البوابات للتأمين وعمل 3 حواجز رملية عند المداخل لتعطيل قوات الأمن التى اعتادت أن تضرب بالليل وتختفى مع بداية الصباح، ولكن فى يوم الفض انتظرها المعتصمون طوال الليل وعندما لم تأت دخلوا الخيام للنوم، وعند الساعة السابعة إلا الربع، بدأت قوات الأمن فى الضرب فى شارع أنور المفتي.

ويضيف: "بدأ الضرب وتجريف جارفات الأمن للرمل الموضوع بالإضافة إلى استخدام الرصاص الحى حتى أن إدارة المرور كانت محاطة بقوات أمن يضربون بالرصاص الحي".

وفى شيء من الأسى روى الشاهد ما حدث له مؤكدًا أنه تم تفريغ 3 خزن رصاص عليه أثناء اختبائه خلف إحدى السيارات منتظرًا أن ينقذ أحد أصدقائه، كان أصيب برصاصة فى قدمه، وأصرت قوات الأمن على تصفيته تمامًا وبالفعل تم ضربه فى رأسه فانفجرت أمام عينى لأن الأمن كان يصفى المصابين ولا يتركهم أحياء وكان هناك نوعية من الأسلحة يتم استخدامها من قبل قوات الأمن تؤدى إلى طيران أعضاء جسم الناس.

واستكمل حديثه بأن قوات الأمن كانت تسمح بالخروج من شارع معين لا يمكن أن يخرج منه أحد حتى تتمكن من اصطياد الناس، فمثلا إذا تركت 10 يمرون تعتقل أربعة، حيث كان هناك العديد من عربات الترحيلات لاعتقال الناس.

وبشيء من الدهشة قال إن المعتصمين قطعوا الخيام بالأمواس حتى لا يحرقها قوات الأمن ويختنق الناس كما كانوا يستخدمون الخل والبيبسى لعلاج الحرقان الذى تتسبب فيه قنابل الغاز المسيل للدموع، ولم يكن هناك مكان للمعتصمين يحتمون به إلا مبنى الكفالات عند جراج المستشفى التابع لرابعة أو مبنى إدارة المرور.

واستطرد: تم إنقاذى فى الساعة 5 مساء عندما بدأت قوات الأمن فتح الشارع الموازى لأنور المفتى لخروج الناس بعدما نجحت قوات الأمن فى السيطرة على الميدان، وكانت هناك مجموعات للتأمين فهناك مجموعات لتفتيش الخيام تفتيشًا كاملاً للتأكد من عدم وجود حاجة فيها، حيث كان هناك بعض الباعة الجائلين الذين يضعون أموالاً فى الخيام، فوضع أحدهم مبلغ من المال 37 ألف جنيه حتى يتم تصويره بداخل الخيام، وكأنها أموال المعتصمين، وكذلك كانوا يضعون أسلحة وتم اكتشاف أنهم تابعون للشؤون المعنوية للجيش.

يقول "أ.ع" أحد الشباب الذين اعتصموا فى ميدان رابعة العدوية وحضروا فض الاعتصام، إن والده استشهد فى أحداث الفض إثر طلقة رصاصة اخترقت رقبته وخرجت من الجهة الأخرى، من قسوة القوة المفرطة التى استخدمتها قوات الأمن حينها، على حد قوله.

ويروى "أ.ع" ل "المصريون" تفاصيل موت والده قائلاً: كان من عادتى مشاركة والدى فى الاعتصام بضع ساعات كل يوم منذ بداية الاعتصامات، ثم أرحل للعمل وبعدها المنزل للآخذ قسطًا من الراحة، إلا أننى قررت المرابطة، قبل فض الاعتصام، بعد أن سمعنا تقارير عن نية السلطات إخلاء ساحة ميدان رابعة العدوية.

وبالفعل بدأت تتوارد علينا الأخبار من حوالى الساعة الخامسة صباحًا يوم الأربعاء 14 أغسطس عن مدرعات وقناصة وبلطجية فى طريقها إلينا لفض الاعتصام.

وبادر المعتصمون حينها بالتأهب لوصول قوات الأمن، فاتجه والدى إلى مدخل الساحة للمشاركة فى تأمين الاعتصام، وشارك غيره فى تجهيز المستشفى الميداني، ووزع آخرون الخوذ والنظارات الواقية استعدادًا للهجوم، وتجمعت السيدات فى وسط الساحة.

وبعدها دخلت قوات الأمن من الجيش والشرطة، وأطلقت علينا وابلاً من الخرطوش والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحى من كل الجهات، بمشاركة طائرات الهليكوبتر التى كانت تجوب السماء من فوقنا، بجانب القناصة التى اعتلت المبانى.
وتمت محاصرتنا لثلاث عشرة ساعة من الحصار، إلى جانب القصف من الطائرات بالقنابل والمواد الحارقة، فحينها انتابنى شعور لا يصدق ولا يوصف، إزاء ما كان يجرى من حولي، فتمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعنى من هول الموقف، ومن عدد الجثث التى رأيتها بنفسى كان أكثر من 50 جثة على الأقل، من بينها جثة طفل لا يزيد عمره عن عشرة أعوام، وتم إحراق كل الخيام بداية من مدخل الساحة وصولا إلى منصة الاعتصام بشارع الطيران.

وبعدها أكدت قوات الأمن أنها وفرت ممرًا للخروج الآمن للمعتصمين لكن الوضع كان مختلفًا تمامًا، لأن أى شخص يخرج من الممر كان يتم إلقاء القبض عليه وإدخاله داخل مدرعات الجيش والشرطة.

لكنى استطعت الخروج بصعوبة شديدة من الساحة حوالى الساعة السابعة مساء، برفقة مجموعة من السيدات متجهًا نحو مسجد الإيمان حتى سمعت خبر وفاة والدى.
سياسيون: الإخوان يتحملون فاتورة دماء رابعة
وحمل عدد من السياسيين جماعة الإخوان المسلمين مسئولية الدماء التى سالت فى ميدان رابعة يوم الفض قبل عامين، مؤكدين أن الاعتصام كان شيئًا فوضويًا وغير مرحب به وكان لزامًا على الدولة إنهاؤه.

قال الدكتور قدرى إسماعيل، الخبير السياسى وعميد كلية السياسة والاقتصاد بجامعة الإسكندرية، إن الإخوان هم من يتحملون فاتورة عدد القتلى فى فض اعتصام رابعة لأن اعتصامهم من الأساس لم يكن إنسانيًا ففى عالم السياسة الاعتصام مرفوض تمامًا، خاصة أنهم كانوا يسعون إلى نشر الفوضى.

وأضاف الخبير فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن فى عالم السياسة إذا كان الاعتصام يهدد الاستقرار السياسى فعلى السلطة التعامل بالقوة، وهذا ما فعلته قوات الأمن، مشيرًا إلى أن خسارة الإخوان من اعتصام رابعة لم يكن عدد قتلى كبير منهم فقط، ولكن خسارة موقف وتأييد سياسى لهم أيضًا.

وتابع أنه كان على السلطة السياسية التدخل بكل الأساليب لفض اعتصام مثل هذا لأنه كان عبارة عن حالة من حالات الاعتراض السياسى على موقف محدد، ولكن تم التعبير عنه بشكل مبالغ فيه.

وقال الدكتور محمد السعدني، الخبير السياسي، إن الإخوان هم المسئولون عن عدد القتلى فى فض رابعة لعدم احترامهم رغبة الشعب فى عزل الرئيس المعزول محمد مرسي، فلو أنهم خضعوا لإرادة المصريين ما كان حدث ذلك الصدام بينهم وبين قوات الأمن.

وأضاف السعدني، فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن إصرار الإخوان على استمرار مرسى فى الحكم هو الذى أوصل قوات الأمن إلى التعامل معهم بهذا الأسلوب، ولولا أنه تم فض الاعتصام لحدثت حرب أهلية بين مؤيدى الرئيس المعزول ومعارضيه، وحينها كان سيتم إزهاق المزيد من الأرواح، ففض اعتصام رابعة تسبب فى العديد من الخسائر ولكنه حقن مزيدًا من الدماء فى نفس الوقت.
رئيس لجنة تقصى حقائق رابعة: متمسكون بفتح تحقيق قضائى مستقل
من جهته، قال ناصر أمين، رئيس لجنة تقصى حقائق فض اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسى فى ميدانى رابعة العدوية ونهضة مصر، بشأن الذكرى الثانية للفض، إن اللجنة تدين الشرطة فى القوة المفرطة التى استخدمتها تجاه المعتصمين، مما أدى إلى وفاة عدد كبير من المعتصمين.
وأكد أمين، خلال تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن المجلس مازال متمسكًا بالمطالب التى قدمها للحكومة، وهى فتح تحقيق قضائى مستقل فى كل الأحداث التى تزامنت مع اعتصام رابعة العدوية والتى صاحبت عملية فضه وإخلائه وتحدید المسئول عنها، واتخاذ الإجراءات القضائية، وإخضاع الشرطة لعمليات التدريب والتأهيل المستمر، خاصة فى مجالات البحث الجنائى ومكافحة الشغب وفض التجمعات وتدریبها على المعایير الدولية المعنية باستخدام القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، بالإضافة إلى حث الحكومة على ضرورة تفعيل الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وكل أشكال العنف٬ وإجراء تعديلات تشريعية لازمة، وتعويض كل الضحايا الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات، والذين لم یيثبت تورطهم فى أعمال عنف أو الدعوة لها، مع دعوة كل القوى السياسية لوقف ونبذ أعمال العنف والعنف المضاد وإعلاء قيم حقوق الإنسان واحترام القانون، وأخيرًا وقف حملات التحريض على العنف والكراهية التى تبثها وسائل الإعلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.