فى توضيح منه لموقف (الدعوة السلفية) من (الديمقراطية) كنظرية حاكمة للعملية السياسية فى مصر، خاصة فى ظل الهجوم الإعلامى الذى يلقاه السلفيون من وقت لآخر بشأنها، قال الشيخ ياسر برهامى, عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية, إن "الديمقراطية التى قَبِلنا آلياتها هى كما صرح به برنامج الحزب (يقصد النور) منضبطة بضوابط الشريعة", وأضاف: "نعنى أننا لا نقبل أن يكون الحكم لغير الله". وفى جواب لبرهامى على أسئلة تلقاها موقع "صوت السلف" الذى يشرف عليه، شرع الشيخ يوضح المقصود من قبولهم ب "آليات" الديمقراطية، قائلا: نقبل مسألة "الانتخابات" على ما فيها من بعض المخالفات إلا أنها أقل مفسدة من ترك المجال للعلمانيين والليبراليين. ونقبل "مراقبة البرلمان للحاكم، وإمكانية عزله ومنع استبداده"، ونقبل "قيام المؤسسات فى الدولة على مبدأ الشورى الذى يتم من خلال الانتخاب". أما مالم يقبله السلفيون، فهو كما يوضح الشيخ ياسر "الفكرة الفلسفية للديمقراطية فى أن الشعب هو مصدر السلطة التشريعية"، وما فى الديمقراطية من كفر"فى أصل فكرتها"، وذلك لاعتقادهم الجازم بأن "الحكم لله". وفيما يستند إليه السلفيون من الشريعة الإسلامية فى موقفهم هذا من الديمقراطية، يوضح الشيخ برهامى للمعترضين عليهم أن "النظم البشرية" يمكن أن ننتفع بما يوافق الشرع منها. مستدلا بالنظم الإدارية التى كانت عند الفرس مثل "الديوان" التى عمل بها عمر بن الخطاب - رضى الله عنه- لتنظيم مصالح المسلمين. كما يضرب مثلا بما كان من "تنازلات" من نحو ما فعله النبى - صلى الله عليه وسلم- فى صلح الحديبية، حين قبل محو "بسم الله الرحمن الرحيم" وتغييرها إلى "باسمك اللهم"، وأيضا "محمد رسول الله" إلى "محمد بن عبد الله"، استجابة لما اشترطه مشركو قريش مع كونه قالها بلسانه: "إنى رسول الله وإن كذبتمونى". وكذلك قبوله أن يرد مَن جاءه مسلمًا إلى المشركين, يقول الشيخ ياسر: "كانت هذه المفسدة مغمورة إلى جنب المصلحة"، ودليل ذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم (وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لا يَسْأَلُونِى خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا) (رواه البخارى). فيؤكد بذلك برهامى على أن الموقف الذى اتخذه السلفيون تجاه "الديمقراطية" لم يخالف العقيدة لا فى مسألة الحكم، ولا فى مسألة الولاء والبراء. ثم يخاطب المعترضين عليه من بعض شيوخ السلفية، ممن يرفضون الديمقراطية جملة وتفصيلا، قائلا: لا تحاكمونا إلى مصطلحات القوم التى وضعوها، ونحن قد فصلنا فيما قبلناه وما احتملناه لأجل مصلحة أعظم، وما رددناه من فكرتها الفلسفية. فالمصطلحات البشرية يُقبل فيها مثل هذا التقسيم (يشير إلى تقسيم ثلاثى وضعه شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه بن القيم لمصطلح "الفناء" ليجذبا قطاعًا كبيرًا إلى السنة النبوية) حتى لو طالب أهله بأن نقبله كما هو، فنقول: لا يلزمنا أن نأخذه كله، أو نرفضه كله، بل نأخذ منه ما يوافق الشرع وما يحتمله، ونرد ما خالف الشرع.