انتقد خبراء اعتماد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على الجيش في تنفيذ المشروعات التنموية، وتجاهل المؤسسات المدنية المتخصصة، وذلك خوفًا من التأثير على قدرة الجيش. وقال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، إن اعتماد الدولة على الجيش في تنفيذ المشروعات المدنية، يضر بالجيش والجبهة القومية، ولا يعطي الفرصة لتنمية قدرات الدولة العلمية والمهنية. ومنذ ثورة 23 يوليو 1952، والإطاحة بالنظام الملكي وإعلان الجمهورية، كان للجيش الدور الأبرز في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية، و تقديمها في صورة هدية للشعب، وذلك في ظل وضع اقتصادي متدهور، تعانيه البلاد بعد حروب عددية خاضتها. حيث وجه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، موارد الدولة نحو الجيش الذي لعب مهندسوه ومقاولوه الدور الرئيس في مشاريع استصلاح الأراضي، وإقامة البني التحتية العامة، وتوفير السلع الأساسية، والصناعة المحلية للأجهزة الاستهلاكية والإلكترونات، وكذلك إنتاج السلع الصناعية والزراعية كالفولاذ والسماد. علاوة على ذلك، تم تعيين ضباط من رتب عالية مكان مدراء المصانع المدنيين. وقد أدّى وجود هؤلاء الإداريين العسكريين في مختلف المؤسسات التي تملكها الدولة والمؤسسات شبه العامة، إلى خلق قاعدة تستهدف دعم الوجود المتواصل للقوات المسلحة في الاقتصاد. ولكن مع توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، كلف الرئيس الراحل أنور السادات الجيش بالإشراف على إعادة البنية التحتية للبلاد، وأمر بإنشاء الهيئات و المصانع التابعة للجيش، لاسيما بعد خروج مصر من ثلاثة حروب دمرت خلالها البلاد. وتعددت مشاريع الجيش التنموية من إقامة المصانع وتمهيد الطرق وبناء الكباري، وأخيرا مشروع توسيع وتنمية قناة السويس الجديدة. واعتمدت الدولة بصورة كبيرة على الجيش، وذلك منذ عزل الرئيس محمد مرسي، و تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، في تنفيذ المشاريع التنموية، حيث منحت وزارات الصحة والنقل والإسكان والشباب وزارة الدفاع المصرية عقوداً عدة تزيد قيمتها على مليار دولار لتنفيذ مشاريع بنية تحتية كبيرة، بحسب بيانات حكومية. وتتراوح هذه المشاريع بين بناء الطرق السريعة الجديدة، وإسكان لذوي الدخل المنخفض، وترميم وتجديد بعض المستشفيات العامة ومراكز الشباب. وقد برّر مجلس الوزراء المصري، تفضيله القوات المسلحة على الشركات الخاصة لتنفيذ هذه المشاريع، على أساس كفاءة الجيش وانضباطه في تنفيذ المشاريع بسرعة ومعايير عالية. وتكليف الجيش بتنفيذ مشاريع البنية التحتية في مصر، ليس بالأمر الجديد على السلطات المصرية، غير أن تجدّد دور الجيش في الشئون الداخلية، وخاصة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013 وتنصيب عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد في يونيو 2014، إلى جانب العديد من التعديلات القانونية و التشريعية، تثير تساؤلات عديدة وأساسية حول دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري، ما يثير الجدل نحو تكليف الجيش المصري القيام بدور أكبر في الشئون الاقتصادية المدنية في مصر. وتساهم القوات المسلحة في الاقتصاد القومي للدولة بالعديد من الأنشطة، حيث تشارك في الأنشطة الإنشائية الكبيرة، مثل الموانئ والمطارات ومشروعات البنية التحتية، كالطرق والكباري والاتصالات والمستشفيات والمدارس، كما تقوم بتوفير وتحقيق الاكتفاء الذاتي للجيش من مأكل ومشرب وملبس وإيواء ودواء، وتساهم بأنشطتها الزراعية والصناعية والخدمية في توفير السلع والخدمات على مستوي الدولة وبأسعار تنافسية وجودة عالية لصالح الشعب حيث يشكل ذلك عائداً هاماً يستخدم لتوفير جزء من مطالب موازنة القوات المسلحة من خلال الدولة. وتؤثر المعونات العسكرية لمصر بشكل مباشر على مستوي ونظم التسليح وتطويرها.
وقال الخبير في شئون الشرق الأوسط روبرت شبرنجبورج، في تصريحات نشرتها جريدة "الشرق الأوسط"، إن "الجيش صار أشبه بالإمبراطورية التي تشغل مئات الآلاف من المدنيين وتجني مليارات الدولارات وأن الجيش أصبح كالشركة التي لا تخوض حروبا في الخارج ولكن تعمل على سد استهلاك المدنيين كما أن وزير الدفاع أصبح يعمل كمدير لتلك الشركة وبدلاً من التفكير في المسائل العسكرية أصبح وزير الدفاع مشغولاً طول الوقت بإدارة أعماله التجاري". وأضاف، "منذ أن أسقط الجيش المصري الملكية في 1952 وجميع رؤساء الجمهورية جاءوا من الجيش (نجيب – عبد الناصر – السادات – مبارك) ويرجع الفضل في تضخم الإمبراطورية الاقتصادية للجيش المصري إلي الحدث التاريخي الذي شهده عام 1979 وهو اتفاقية كامب ديفيد والتي منذ إبرامها بدأ الجيش في الاستثمار في كل شيء في البلاد من الزراعة إلي بناء الطرق والكباري والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية مروراً بمصانع اللبن والدجاج ومزارع تربية العجول والأبقار ومزارع الخضراوات والفاكهة ومصانع المعلبات والمزارع السمكية". ومن أهم الهيئات والأجهزة التابعة للقوات المسلحة، التي ارتبط اسمها بعدد من المشاريع التنموية: الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ارتبط اسمها بمشروع توسيع مجرى قناة السويس، حيث استعانت الدولة بالهيئة الهندسية، في تنفيذ توسيع مجرى قناة السويس، وأثارت الجدل بعد أن تبنت مشروع علاج فيروس سي، والذي عرف إعلاميًا ب"جهاز الكفتة". ويندرج تحت الهيئة عدد من الإدارات (الأشغال العسكرية، المياه، المشروعات الكبري، المهندسين العسكريين، المساحة العسكرية) و التي تقوم بتنفيذ العديد من المهام التخصصية وعمليات التأمين الهندسي للأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، كما تقوم بالمساهمة في عملية التنمية الشاملة للدولة، بدءاً من تطهير الأرض من مخلفات الحروب لإقامة المشروعات التنموية والعمرانية، وإنشاء شبكات الطرق الحرة والكباري والمطارات في مختلف محافظات مصر، وإقامة العديد من محطات تحلية المياه وحفر الآبار، ومد خطوط المياه إلى المدن والتجمعات العمرانية الجديدة، وتنفيذ الأعمال المساحية وإصدار الخرائط والموسوعات لمعاونة الأجهزة المدنية في تنفيذ المشروعات العملاقة، فضلا عن المشاركة في مشروعات التنمية الحضارية والاجتماعية الصحية بإنشاء وتطوير المدارس والمستشفيات والوحدات الصحية ومراكز التنمية الحضارية في جميع ربوع مصر، وإقامة المشروعات الزراعية والإنتاجية وصناعة الخامات والمواد الإنشائية المستخدمة في المشروعات، وإنشاء وتطوير الاستادات والملاعب والساحات الرياضية لإقامة البطولات المحلية والدولية. كما تقوم أيضًا بمعاونة القطاع المدني في التغلب على الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية والصناعية، والقيام بعمليات الإنقاذ والنجدة والتدخل السريع باستخدام أحدث الأجهزة والمعدات المتنوعة والقدرات والإمكانات، والقيام بإيواء المتضررين وإزالة الأنقاض والمعاونة في إنشاء معسكرات العزل الصحي. وفي تصريحات صحفية سابقة، قال اللواء أركان حرب عماد الألفي، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إن القوات المسلحة تم تكليفها بإقامة 1350 مشروعًا تنمويًا لخدمة أهداف التنمية الشاملة للدولة المصرية منذ أغسطس 2012، تضافرت خلالها جهود الهيئة والشركات المدنية، وتم إنجاز 558 مشروعًا، وجارٍ تنفيذ 792 مشروعًا أخرى. أضاف: "الهيئة الهندسية تنفذ 3 مشروعات قومية كبرى، وهي مشروع قناة السويس الجديدة، ومشروع شبكة الطرق العملاقة، ومشروع استزراع مليون فدان"، مشيرًا إلى مشروع الطرق، الذي جرى الانتهاء من 40% منه حتى الآن. ومن أبرز تلك المشاريع التي وكلت بها الدولة الهيئة، بناء مدينة الإسماعيلية الجديدة شرق القنال، رفع الكفاءة الفنية والهندسية لمعهد القلب، ومشروع مدينة الضبعة الجديدة. وبحسب بيانات الجيش، ساهمت الهيئة الهندسية في تنفيذ 7104 وحدة سكنية و 257 مدرسة وتطوير 78 قرية خلال العامين ونصف المنصرمين. جهاز مشروعات الخدمة الوطنية شرع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعد إبرام اتفاقية السلام مع إسرائيل، إلى تكليف الجيش بمهام مدنية، خاصة بعد الانفتاح نسبيًا على الغرب وبدأ قطاع رجال الأعمال الطفيليين القريبين من السادات يشاركون العسكر، وبعد أن جاءت اتفاقية السلام تم إنشاء "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" بقرار رئيس الجمهورية مصر العربية رقم 32 لسنة 1979، وتقول المادة الأولى لهذا القرار " ينشأ بوزارة الدفاع جهاز يسمى ( جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ) تكون له الشخصية الاعتبارية، ويتولى دراسة وتنفيذ الأعمال و المشروعات التى تطلبها الوزارات والهيئات ووحدات الحكم المحلى وشركات القطاع العام تنفيذاً للعقود التى تبرم بينه وبين هذه الجهات. يعرض موقع الجهاز على الإنترنت حالياً قائمة بعشر شركات يمتلكها، تغطي مجموعة واسعة من القطاعات من البناء والنظافة إلى الزراعة والمنتجات الغذائية. وتباع السلع التي تنتجها هذه الشركات، والتي تفيض عن حاجة الجيش، في السوق المحلية في إطار الالتزام ب"المسئولية الاجتماعية". الهيئة العربية للتصنيع أنشئت مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، الهيئة العربية للتصنيع في عام 1975، في محاولة لإقامة صناعة دفاعية عربية مشتركة. وبعد أن وقّعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1979، سحبت الدول العربية الأخرى أسهمها، وأصبحت الحكومة المصرية المالك الوحيد للهيئة. تركّز الهيئة العربية للتصنيع، على توفير احتياجات القوات المسلحة المصرية من المعدات الدفاعية، وتستخدم قدراتها الزائدة في دعم مشاريع التنمية المجتمعية في مجالات البنية التحتية وحماية البيئة والنقل. وتدير الهيئة أحد عشر مصنعاً في أنحاء مصر ينتج المعدات العسكرية والمدنية، ولها العديد من المشاريع الدولية المشتركة مع تكتّلات أوروبية وأميركية وآسيوية. الهيئة القومية للإنتاج الحربي تتولّى وزارة الإنتاج الحربي، إدارة الهيئة القومية للإنتاج الحربي.التى تدير أكثر من خمسة عشر مصنعاً ينتج الأسلحة والذخيرة العسكرية بصورة رئيسة، إضافة إلى بعض السلع مثل التليفزيونات والأجهزة الإلكترونية والرياضية. جهاز الصناعات والخدمات البحرية أحد أجهزة وزارة الدفاع المصرية, والذي تم إنشاؤه طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 204 لسنة 2003 لكي يتولى دراسة وتنفيذ الأعمال والمشروعات التي تطلبها الوزارات والهيئات ووحدات الإدارة المحلية وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص تنفيذا للعقود التي تبرم بينه وبين هذه الجهات في شئون الصناعات وتقديم الخدمات البحرية بكافة أنواعها . ويجوز عند الضرورة وبعد موافقة وزير الدفاع، أن يتولى الجهاز القيام بكافة الخدمات والأنشطة الاقتصادية المتممة والمرتبطة بالصناعات والخدمات البحرية في الداخل والخارج إذا كان من شأن هذه الأنشطة تحقيق أهداف الجهاز وتنمية موارده، ويدير الجهاز عدد من الشركات منها، ترسانة الإسكندرية، المصرية لإصلاح وبناء السفن، تريومف للنقل البحري.