كثيرة هى المحطات التى نتوقف عندها ونتساءل: لِم يفكر الناس بهذه الطريقة؟! ولِم علينا أن نتحمّل هلوساتهم غير المبنية على أسس إيمانية وعقائدية واجتماعية صحيحة.. حتى وإن كانوا ملتزمين بالدّين.. ومع ذلك فهم يفتقدون للحكمة والدماثة والشفافية! يؤذينى جداً.. أن أرى أناساً يقوِّمون الآخرين حسب هويّاتهم.. وترتقى نظرتهم لهم تبعاً لانتسابهم للعائلة الفلانية أو اتّصافهم بصِفة اجتماعية.. حتى وإن كانت أفئدتهم وعقولهم هواءا! ويؤذينى جداً.. أن يحكم الناس مسبقاً على إنسان ما اعتباراً لهندامه أو لمعلومات وصلت إليهم عنه.. قد تكون مغلوطة أو شخصانية فى أغلب الأحيان.. فيقع ضحية الحكم المسبق ويدفع ثمنه بدون ذنب أتاه! ويؤذينى جداً.. أن يقارن الناس إنساناً ما وصل بتقدير الله جل وعلا إلى مكانِ شخص آخر نتيجة غياب مقدَّر.. وقبل أن يروا خيره أو شرّه يطلقون عليه شرور المقارنات فيقطعون حبل وصله بهم قبل أن يخطو خطوة واحدة فى ميدانه! ويؤذينى جداً.. أن يقوِّم بعض الناس المسلم الذى لم يتعرّف على الإسلام إلا بعد أن شبّ بصورة سلبية.. ويعتقدون أن تأخره فى التزامه نقطة تجعله فى مؤخرة الركب مع أن الدرب لِمن صدق وليس لمن سبق.. ويؤذينى جداً.. أن يستنكر البعض انتكاسة ملتزم بالدِّين فى أمر معيّن.. فيُجرِّدوه من كل الخير الذى يفعله ثم يجلدوه على ما فعل ويصرّوا على تعييره فى كل حين وكأن الحكم لهم وليس لله جل وعلا!.. ويؤذينى جداً.. أن يقابل البعض إنساناً فيُظهِروا له الامتعاض.. ولا يستطيعون امتصاص ضيقهم لأنهم قرنوا بينه وبين توجّسات تعيش فقط فى أذهانهم وكيانهم.. ويؤذينى جداً.. أن يصرِّح أو يلمِّح البعض بكراهية ظاهرة وعصبية بغيضة لمَن لا يستسيغون وجوده فى موقع ما ويُجهِزوا على كل قابلية للتوافق فى مستقبل قادم لا بد أن يجمعهم تترى.. ويؤذينى جداً.. أن يدفع البعض شخصاً اتّخذ قراراً مصيرياً للتفكير بأن هذا القرار سقيم.. وأنه سيترحّم على ما فاته من أيام فى ظلّ قرار سابق لم يرتح له استناداً إلى حدود فهمهم للأمور والظنون والأهواء! ويؤذينى جداً.. أن يحاول مسئول متحكِّم إهانة إنسانة كريمة.. وانتقاص قدرها لعلّةٍ فيه متجذّرة الأعماق: قلّة دين.. أو قلّة حياء.. أو قلّة إنصاف.. أو قلّة أخلاق! ثم يشمِّر عن ساعد الجِدّ مرتدياً قناع البسمة متبجّحاً: حى على التطوير والإبداع! ويؤذينى جداً.. أن يحاول أحدهم حشر آخر فى موضع ما لا يحبه.. ويلقى بظلال الغربة فى قلبه.. حين يرى المحشور نظرات الرفض فى عيون الآخرين! ويؤذينى جداً.. أن لا يراعى مَن يحب الظروف المفروضة على الحبيب.. حتى إذا ما قصّر.. أو اضطر إلى اختيارٍ طائعاً كان أو كارهاً.. صبّ عليه جام غضبه النابع من اهتمامه وحبه.. فدمّره تدميرا! ويؤذينى جداً.. أن لا يحيطنى بحنانه ومؤازرته.. مَن أنتظر احتضانه لقلبى عند مفترقٍ للطرق.. وعربدةٍ للغربة! ويؤذينى جداً.. أن يقوِّلنى البعض ما لم أقل.. ويزيّن ما لم أفعل.. ويدخل فى نواياى مدّعياً علمه بما فى الصدور! ويؤذينى جداً جداً.. أن أبقى شوكة فى خاصرة حبيبٍ أو صديقٍ أو قريبٍ.. كلما ذكرنى.. غص! ولئن أذيتُ.. فربٌّ غفور.. ولئن أوذيت.. فقلبٌ بالحب والصفح يمور!