ليس هناك أشد نكرا من الاجتراء علي الخالق جل وعلا.. وهو الذي أوجدنا أي منحنا وجودنا.. فأن نسبحه ونمجده ونقدسه فهذا هو ما ينتظر من المخلوق إزاء خالقه وموجده.. ولكن يحلو للبعض أن يتندروا أو يطلقوا النكات في حق الله عز وجل, وهذا هو الجهل والسفه بعينه, وقلة الذوق في أعلي أو قل في أسفل درجاتها وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم( النور:15). والله وهو القادر علي عباده يستطيع أن يمحق من يفعل هذا في التو واللحظة, ولكنه يوجهنا رحمة منه بنا وحرصا منه علينا ألا نقترب من هذا الفعل الشائن القبيح, فينصح نبيه وخاتم رسله ألا يقعد مع قوم يذكرون الله أو آياته بغير ما ينبغي من الإجلال والإكبار وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتي يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين( الأنعام:68), وهذا التوجيه يشمل المؤمنين كافة.. كذلك يوجه الله عباده المؤمنين ألا يسبوا الأصنام في حضور المشركين, حتي لا تأخذهم العزة بالإثم فيردوا بالمثل ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلي ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون( الأنعام:108). وأكد سبحانه وتعالي علي المؤمنين ألا يجالسوا من يستهزئ بآيات الله حتي لا يكونوا مثلهم وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتي يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا( النساء:140), وهذا التوجيه يشمل المؤمنين في كل زمان ومكان, أنه إذا ذكر الله أو آياته بشكل لا يليق بعزة الله وجلاله, أن ننصرف فورا عن هذا الجمع إن وجد, حتي ننأي بأنفسنا عما يتداولونه من حديث مستهجن مستقبح, وحتي لا ينالنا ما سوف ينالهم من غضب الله وسخطه, وأخذ الله لا قبل لأحد به إن أخذه أليم شديد( هود:102), ويشير جل جلاله إلي المنافقين المستهزئين في سورة التوبة يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون. ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون( التوبة:64 65). والله برحمته بعباده يعفو عن كثير مما نفعل ويعفو عن كثير( المائدة:15), أما أن نتجاوز حدودنا في حق الله ذاته, فهذا خطأ كبير وذنب عظيم, وهذا يحدث أحيانا من بعض الناس حين تلم بهم نازلة فيتفوهون بعبارات لا تليق في حق الله, مما يعتبر اعتراضا علي قدره, وبهذا يظلم الإنسان نفسه ظلما بينا إذ يعرض نفسه لما لا قبل له به, والله ينهي عباده أن يسبوا الدهر, فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: قال الله: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر, بيدي الليل والنهار, وفي حديث قدسي آخر: يؤذيني ابن آدم فيقول: يا خيبة الدهر, فإني أنا الدهر, أقلب ليله ونهاره, فالذي يقول مثل هذا القول إذا أصابه مكروه, يعرض نفسه لعذاب الله, وأنا الدهر أي أنا أصرف الحوادث التي تحدث فيه ليلا أو نهارا, وأنا المتحكم فيها.. فالذي يحدث لنا قدر لا فكاك منه ولا محيص عنه, وبدلا من أن نصبر عليه ونحتسبه عند الله جزاء وثوابا جزاء من ربك عطاء حسابا( النبأ:36).. فالحذر كل الحذر أن نعترض علي قدر الله, أو نخوض فيما ليس لنا به علم, وإلا جنينا علي أنفسنا ويحذركم الله نفسه وإلي الله المصير( آل عمران:28).