واصل الإهمال حصده لأرواح المصريين، بعد أن شهدت مصر ليل أمس غرق عبارة نيلية بمنطقة الوراق بالجيزة, أبحرت ليلاً دون أخذ اعتبارات السلامة مخالفة للقوانين وراح ضحيتها حتى الآن ما يقرب من 20غريقًا، وجار البحث عن جثث أخرى. والحادث ليس هو الأول من نوعه، فقد سبق وتكررت حوادث غرق مصريين في النيل، وهو ما أثار انتقادات ضد الحكومات المتعاقبة حول عدم اتخاذها للإجراءات اللازمة، إلا أنه كان من اللافت عدم الإطاحة بأي مسئول، رغم أن كوارث كهذه قد تكون سببًا في إقالات حكومات في دور أخرى. وفى نوفمبر 2014 شهدت مصر كوارث فى قطاع النقل, حيث قتل 11 طالبًا فى حادث تصادم أتوبيس على طريق الكوامل بمحافظة سوهاج أثناء ذهابهم إلى الجامعة, ثم لحقه حرق نحو 18 طالبًا من مدرسة الأورمان على الطريق السريع بعد اصطدام أتوبيس كان يقلهم بسيارة بنزين مما أودى بحياتهم دون أن يحاسب أحد. وفى نهر النيل بصعيد مصر، غرقت مركب تابعة للجيش كانت تحمل ما يقرب من 500 طن فوسفات فى مياة النيل دون أن يحاكم أو يعاقب أحد، وبعدها بأيام حدثت حالة تسمم فى محافظة الشرقية أصيب خلالها ما يقرب من 560 مواطنًا من قرية الإبراهيمية، بسبب تلوث مياه الشرب بمحطتين حكوميتين وجميع المحطات الأهلية. بحسب تقرير لوزارة الصحة. وفقدت مصر القمر الصناعى البحثى إيجبسات 2، الحدث الذى لاقى موجة واسعة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعى وجار البحث عنه حتى الآن. وشهدت مصر أيضًا حادث تصادم قطارين فى خط المترو الثالث وحريق فى إحدى مخازن القطارات وانهيار كوبرى بالمنصورة دون أن يتم الكشف عن المتسبب فى هذا الإهمال أو يتخذ الرئيس قرارات حاسمة تطيح بأحد مسئولية. وتسببت حالات الإهمال فى بعض المدارس بوفاة تلاميذ، حيث شهدت مدرسة عمار بن ياسر بالمطرية وفاة الطالب محمد يوسف بالصف الثالث الابتدائى نتيجة سقوط لوح زجاجى بالنافذة المتهالكة بالفصل على رقبته، وبعد تردده على العديد من المستشفيات التى رفضت استقباله لفظ الطفل أنفاسه الأخيرة بعد ربع الساعة من دخوله مستشفى عين شمس التخصصي, دون أن يحاسب أحد . أما الطالب حسن هانى 6 سنوات بمدرسة عثمان بن عفان فى مدينة السلام فقد لقى مصرعه أيضا أثناء تزحلقه على درابزين السلم وسط غياب وإهمال المشرفين مما تسبب فى كسر بالجمجمة. وتعد مصر من أوائل الدول فى حوادث الطرق بما يقرب من 13 ألف قتيل سنويًا، وخسائر تقدر ب17 مليار جنيه، بسبب الإهمال وعدم معاقبة هؤلاء والرشوة وتناول السائقين للمخدرات وسوء الطرق. وقال مجدى حمدان المحلل السياسى، عضو جبهة الإنقاذ السابق، إن المسئولية فى حوادث الغرق والطرق المختلفة تقع على عاتق الحكومة. وأضاف أن إهمال الحكومة فى معالجة الحالات المماثلة جعلت من تلك الحوادث أمورًا طبيعية، مشيرًا إلى أنها اختصرت الحوادث فى مبلغ التعويضات متخلية عن دورها الرئيسى فى الحفاظ على المواطنين. وأكد حمدان، أن أى دولة تتمتع بمصداقية فى التعامل كان من أولوياتها بعد تلك الحوادث إقالة أو استقالة الحكومة, لكن كل اهتمامها هو سفر رئيسها وعدم وجود وزراء فاعلين. وقال مختار غباشى نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مصر من أوائل الدول المعروفة بالفشل والإهمال وهذا ليس بالغريب أن يموت المصريون بسبب الإهمال، موضحًا أن الإهمال يسيطر على كل المؤسسات فى مصر منذ سنوات . وأضاف أن الدولة فى الوقت الحالى تعمل بمنطق رد الفعل وهو أن تأتى الكارثة ثم يتم رد الفعل من الحكومة وتصلح الإهمال لفترة قصيرة، موضحًا أن الدولة تهتم بتجييش المؤسسات وحمايتها عن طريق الحواجز الموجودة عند كل مؤسسة حكومية، دون تأمين المواطنين. مطالبًا باستبعاد المسئولين الفاشلين والمهملين والفاسدين من مناصبهم.