لأنه الدين المكتمل والشريعة المتكاملة؛فليس غريبا أن يكون الإسلام منهج حياة؛ودستور مثل عليا؛وأعلم يقينا أنه ما من قضية كلية ولا مسألة جوهرية تتعلق بالبشر في حياتهم الدنيا وفي الآخرة؛إلا وقد جلتها آيات القرآن الكريم؛وأرست مبادئها العامة وقواعدها الكلية. لقد كنت ومازلت أحسب؛أن ترجمة معاني تسع آيات في القرآن الكريم؛لكل اللغات الحية في العالم؛تكفي تماما؛لتكون دستورا كاملا لمعنى العدل والمساواة السياسية والمجتمعية وحفظ حقوق البشر؛بغض النظر عن دينهم أوقوميتهم وجنسهم؛أي دين عظيم هذا؛وياله من إله حكم عدل سبحانه وتعالى؛هذا الذي ينبه خاتم رسله؛ويأمره بألا يدافع عن مسلم ليس معه حق؛تجاه كافر له حق؛ولا يكتفي بتنبيهه وحيا لايطلع عليه أحد؛بل يجعله قرآنا يتلى إلى أن تقوم الساعة! إن نظرة تأمل في تسع آيات تبدأ بالآية المائة والخمس من سورة النساء؛ترسخ مالايمكن حصره في مساحة كهذه من القيم الإنسانية الجليلة؛لكنني أتوقف فقط عند واحد من مدلولات ومعاني هذه الآيات؛وكيف أن تكريس قيمة الشفافية والنقد المعلن على مر الدهر كله؛أمر لايعرفه إلا دين الله الخاتم. من هنا أقول:إن نقد جوانب مشروع التيار الإسلامي نقدا ذاتيا ومراجعة الأفكار؛والأدوات؛والوسائل؛هما السبيل الأمثل لتطوير منظومة هذا العمل؛وبغير ذلك سيبقى أسيرا لنرجسية مهلكة؛وانكفاء على الذات؛قديودي بالمشروع كله إلى عواقب وخيمة؛ليس أقلها الارتباك والتعثر؛وليس أكثر منها سوء مآل؛إلا الفشل الذريع لاقدر الله. تقديري الشخصي أن أول جانب ينبغي للنقد والمراجعة؛بحثا عن إعادة تأسيس وبناء جديدين؛هو هذا الخطاب الإعلامي البائس الفقير؛الذي يواكب كل خطوة في مشروع التيار الإسلامي؛فبدلا من أن يدعم الخطى أويمهد لها على أقل تقدير؛فإنه يتحول إلى وبال وعبء على المشروع كله؛إذ تبذل جهود وتستنزف طاقات كثيرة بحثا عن الخروج من توابع وتداعيات سلبية؛تقدم صورة شديدة القتامة لمشروع هو في حقيقته وجوهره؛قد يكون ممتلكا لقدرات هائلة يمكن أن تتحول لطاقات نور كاشفة؛لمختلف جوانب الحياة؛ولست في حاجة إلى ضرب أمثلة متعددة تتكرر بتتابع مثير للحزن والشفقة؛ويدعو قبل ذلك؛كل مخلص للفكرة الإسلامية للتأمل والمراجعة وتدبر الأمر. دعك من التفسير التآمري لما يحدث؛مع تسليمي التام بأنه قائم بسوء نية -غالبا –وبحسن نية في بعض الحالات؛وربما حتى بحماس ناتج عن إخلاص حقيقي؛في حالات نادرة؛فالمتربصون كثر؛ومناهضو المشروع متحفزون دائما بسياط الانتقاد وبألسنة حداد؛لكل من وما ينتسب للفكرة الإسلامية ومشروعها الحضاري. ولكن! كم من خطايا الخطاب الإعلامي البائس؛تتكرر بغير انقطاع يوميا؛بما يقدم عطايا مجانية لكل المتآمرين والمتربصين؛وبما يسمح بأن تبدو حجج ومبررات تلك الفئات المنكرة؛أقوالا قابلة للتصديق والرواج؛وإن كانت في حقيقتها حديث إفك عظيم! مايحدث أن المتربصين يستدرجون حسني النية – منهم بعض المدعين الجهلة – إلى مستنقع راكد للحوار؛والمناطحة حول توافه الأمور في قطاعات الثقافة والسياحة وعادات بعض الناس وطقوسهم الاجتماعية؛فيندفع أصحابنا بغير بصيرة للسقوط في مستنقع الحوار المزعوم؛لينزلق اللسان بفاحش القول وخائب الكلام ؛وينشغل الفكر والذهن عن تقديم منجز حقيقي؛أوفكرة مضيئة تنهض عليها البلاد وينعم بها العباد أمنا وصحة وتعليما؛وعيشا كريما لشعب وصفه شاعر كبير بأنه كريم العنصرين. خذ من وقتك دقائق واقرأ معي ما أشرت إليه من آيات كريمة؛واستعذ قبل كل ذلك من الشيطان الرجيم جنه وإنسه: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)