فور الإعلان عن صدور قرار بقانون يعطي لرئيس الجمهورية حق إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، أجمع المراقبون تقريبًا على أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة هو المقصود من هذا القانون. الصحفي أحمد موسى على "صدى البلد" قطع بأن فعلاً القانون يستهدف "جنينة" لأنه بحسب زعم موسى، أثبتت تحقيقات القاضي شيرين فهمي بأنه من بين القضاة المتعاطفين مع الإخوان. موسى.. لا يتحدث عادة من تلقاء نفسه، ولم يعد خافيًا، من أين يستقي معلوماته وما هي مصادره.. وهي غالبًا تمثل "المكون الأمني" في عمليات صناعة القرارات السيادية في مصر.. ناهيك عن "صداقة" موسى لوزير العدل الحالي المستشار أحمد الزند، والأخير هو "نجم" القوى التي نظمت حملة عاتية لإقالة جنينة من منصبه.. غير أنها فشلت ل"تحصين" منصب رئيس المركزي للمحاسبات قانونيًا ودستوريًا. وبالتالي فإن المرجح والأقرب إلى ملامسة مبررات القانون الأخير الذي أصدره الرئيس، هو "التخلص" من "صداع" جنينة.. وخطورة تقاريره الرقابية التي مست تجاوزات وانحرافات مالية في مؤسسة العدالة، وكذلك المؤسسات التي تمثل الحاضنة الأمنية للسيسي نفسه.. ومن بينها تهرب مؤسسة الرئاسة من سداد ضرائب مستحقة.. وهو التقرير الذي علقت بسببه السلطات الأمنية طباعة عدد من جريدة مستقلة والموالية، وعدم السماح لها بالطباعة، إلا بعد أن حذفت التقرير، واستبدلته بتقرير آخر. المستشار جنينة، وفي أكثر من ظهور إعلامي له، وعلى فضائيات قريبة من السلطة، كشف صراحة بأنه تلقى تهديدات من مرجعيات أمنية متنفذة و"طايلة" إذا ما استمر في كلامه عن "الفساد" في مجتمع النخبة القابضة على مفاصل الدولة الأساسية. جنينة في تصريحات صحفية يوم أمس 12/7/2015 جريدة الوفد قال "أنا غير قابل للعزل ولا يحق للرئيس إعفائي من منصبي".. وعزز "تحديه" مستندًا إلى عدد من مواد القانون والدستور، التي تحصن منصبه، بالإضافة إلى تفنيده لفحوى القانون الذي أصدرته الرئاسة، وأثبت "بالأدلة بأن" القانون الصادر أمس لا يتضمن إلغاء قانون الجهاز، وبالتالي قانونًا ساري ولا يحق للرئيس إعفائي من منصبي وفق القانون" وذلك بحسب قوله. كلام جنينة صحيح.. ولكن يظل كلامه من باب "التفاؤل" وربما "الأماني".. لأنه يراهن على وجود "دولة القانون".. والحال الذي نراه حولنا، يؤكد بأن القانون مات بالسكتة الأمنية.. والدستور في طريقه إلى الإلغاء.. إن لم يكن بقرار تحت مسمى "الحرب على الإرهاب".. فإنه قد يعلق عرفيًا بالتوسع في إصدار القوانين المخالفة له.. على طريقة "هي كده.. إذا كان عاجبكم"! كل الإشارات تواترت على أن جنينة سيقال بهذا القانون.. المخالف للقانون والدستور.. مثله مثل العشرات من القوانين الأخرى.. غير أن إعفاءه حال حدوثه سيضع السيسي نفسه أمام تحدٍ جديد وخطير ل"الصدقية" في مجابهة الفساد.. وفي تقديري أنه إذا كان جنينة سيخسر المنصب.. فإن السيسي سيخسر شعبه بالكامل لا جدال في ذلك. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.