على القناة الثانية من التليفزيون المصرى، وفى برنامج "مساحة للرأى".. سألنى الزميل العزيز الإعلإمى محمد موافى، ما إذا كان الإقبال الواسع على الانتخابات قد مثل "صدمة" بالنسبة لى؟! السؤال انطلق من مخاوف "مشروعة".. بسبب حملة الترويع الإعلامى المتزامن مع تسخين الشارع، ونقل صورة "مضروبة" لبيئة أمينة مضطربة ومتوترة.. وتضخيمها على النحو الذى إما أن يلقى بالرعب فى قلوب الناس.. وإما يساعد الجيش فى الاستيلاء على السلطة، وسط مناشدات من قوى ليبرالية ومرجعيات صحفية كبيرة، تطالب المجلس العسكرى بالبقاء فى الحكم إلى أجل غير مسمى، وتسمية المشير حسين طنطاوى رئيسا للجمهورية.! بدا المشهد محبطا إلى حد كبير، وترك صورة "سوداوية" عن المستقبل.. وبدت الانتخابات وكأنها حلم بعيد المنال.. وسيطرت حالة من عدم اليقين على الوعى المصرى العام.. أفرزت إحساسا متناميا ب"الندم" على أيام مبارك. قبل الانتخابات.. كان العقل المصرى ضحية، ضخا إعلاميا ليليا عدوانيا ومتطرفا.. وكأنه إعلام مبارك.. تُدار استديوهاته من زنازين "طرة" حيث يقيم نظيف وعزمى والشريف وسرور والعادلى وقادة مباحث أمن الدولة المنحل. لم يكن بعيدا عن المراقب المدقق الإحساس بأن ثمة صراعا بين إرادتين: إرادة التغيير.. وإرادة الفلول.. وبدت الأوضاع وكأنها تمضى فى طريق الفوضى وهزيمة قوى التغيير، لتبرق الرسائل مذكرة بأيام الثورة.. عندما وضع مبارك البلاد كلها أمام خيارين أحلاهما مر: إما "هو".. وإما الفوضى!. كانت البلاد تتعرض لعمليات تفكيك وإعادة تركيب على نحو ينتهى بذبح الثورة على عتبات "الفلول" التى تحرك فضائيات مبارك الجديدة.. على طريقة الراية الحمراء على حد تعبير المفكر المغربى الراحل مالك بن نبى. بلغ الوضع حد الشك فى أن تجرى الانتخابات فى موعدها.. وبات السؤال الذى نسمعه "استحاليا" إذا جاز التعبير.. ومن النادر أن تلتقى بمن يتوقع ولوج البلد ربيعها الذى تحلم به وتنتظره منذ عشرات السنين. فى يومى الانتخابات.. كانت المشاهد مدهشة، ليس فقط للرأى العام المحلى.. وإنما للعالم "المتمدين" أيضا.. إذ لم يخف ثناؤه على روعة المشهد وجماله.. وبدا وكأنه مصدوم بما يراه ويتابعه على مدار الساعة. المصريون يوم أمس لم ينتصروا على الخوف وحسب.. وإنما ألحقوا أكبر هزيمة على هذه "الكائنات" التى تتحرك على الفضائيات.. وتحاول أن تفسد عليهم إحساسهم بمتعة اللحظة وروعتها.. ولكل ِقبلته وأجندته. [email protected]