منذ إندلاع ثورة تونس المجيدة فى يناير 2011 م نشرت مقالا لى بهذا العنوان وتوقعت فيه أن تنتشر الثورة من تونس إلى باقى الدول العربية وأولها مصر وكان هذا التوقع مبنى على منطق هو أن الظلم فى بلاد العرب واحد وأن الشعوب المقهورة كلها فى الهم سواء . والآن وبعد مايقرب من عشرة أشهر انظر الى التجربة التونسية والتجربة المصرية وألاحظ الفارق الكبير . فمثلا: تولى رئاسة الدولة فى تونس رئيس البرلمان وتولى إدارة شئون البلاد عندنا المجلس الأعلى للعسكر وشتان بين عقلية الإدارة المدنية والعقلية العسكرية والنتائج التى وصلنا اليها تغنى عن البيان. . لم يدخل اهل تونس فى متاهة الدستور اولا حيث توافقوا بسرعة على هذه النقطة وقد يكون بسبب حكمة وعقل بعض الساسة المخضرمين عندهم وتجاوزوا بنجاح هذه الفتنة (التى وقعنا فيها وقسمت المجتمع المصرى الى قطبين متنافرين ) ونجحوا فى انتخاب الجمعية التأسيسية وتوافقوا على رئيس الحكومة ورئيس الدولة وتنحى راشد الغنوشى جانبا بحكمة سياسية كبيرة وصاروا على أعتاب مايعرف بالجمهورية التونسية الثانية , أما اهل المحروسة فدخلوا فى دوامة الأستفتاء والاعلان الدستورى ومانتج عنه من استقطاب حاد فى المجتمع بين الاسلاميين والليبراليين والعلمانيين واصبح عندنا من جديد اسلاموفوبيا وليبرالوفوبيا وعلمانوفوبيا ونسينا جميعا اننا مصريون ووطنيون , وتركنا التركيز على خارطة طريق لانجاح أهداف الثورة بل وتركنا شباب التحرير الثوار النبلاء وتخلينا عنهم فصاروا كالايتام على مائدة الساسة اللئام . فى تونس بن على هرب , فتم تطهير البلاد وعزل الفاسدين, ومبارك وزمرته فى مارينا طرة يخططون لحرق مصر , وأذناب النظام المخلوع الرسمية وغير الرسمية ينفذون المخطط فى كل ربوع المحروسة , فياليته هرب وياليتنا قطعنادابر الذيول (الفلول). كانت الرسائل التطمينية للنهضة واسلاميو تونس عملية الى حد بعيد من خلال مماراساتهم السياسية والتى ذكرت منها توافقهم رغم فوزهم بالانتخابات مع باقى القوى السياسية على رئيس الدولة ورئيس الجمعية التاسيسية ورئيس الحكومة وتنحى الشيخ راشد الغنوشى جانبا وعزوفة عن كافة المناصب السيادية رغم انه رمز سياسى اسلامى وهو يمثل فزاعة للبعض فى الداخل والخارج فآثر الرجل مصلحة البلاد . أما عندنا فكانت رسائل الاسلاميين التطمينية ومازالت حتى الان مجرد كلام لم يتم اختباره عمليا من الداخل او الخارج ,ونحتاج لمواقف عملية إما لاثباتها او نفيها . فى تونس تم دمج كثير من شباب الثورة التونسية فى العملية السياسية برمتها ومن كل التيارات ولكننا فى مصر وللاسف الشديد كان لدينا شبه تعمد لاقصاء وابعاد شباب الثوار عن المشهد السياسي وتم ارتكاب هذه الخطيئة السياسية من كافة القوى السياسية المصرية على اختلاف اطيافها بحجة قلة خبرة الشباب ونسوا أنهم بذلك ظلموا مصر وحرموها من تكوين جيل من السياسيين الشرفاء الشباب يمكن ان يقدموا للوطن جهودهم لعشرات السنين القادمة , نعم لقد ظلموا الشباب وظلموا مصر بل وظلموا الاجيال القادمة وكما قال الشاعر : وظلم ذوى القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند ياسادة:أليس منكم رجل رشيد, فإن لم يكن منكم رجل رشيد , فأتمنى أن يكون راشد(المصرى وليس الغنوشى) وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء