غابة كثيفة من علامات الاستفهام تحيط بالمجلس العسكري ومواقفه، وسيل لا ينقطع من علامات التعجب الحائرة تتساقط فوق رؤوس قياداته.برميل الثقة الشعبية الذي وهبه الناس بالمجان للمجلس العسكري مع قيام الثورة أوشك على النفاد وذلك بعد أن تسرب أمام أعين الجميع نقطة نقطة من ثقب المماطلة المملة الذي لم يحاول العسكر حتى التظاهر باصلاحه.نجحت الثورة المصرية الشعبية بالفعل فى الاطاحة برئيس عسكري، لكنها –عن غير قصد- أتت بصف كامل من العسكر الباحثين عن أدوار، وأخشي أن يتكرر ما شاع بين الناس بعد ثورة 52 أن الثورة طردت ملك وجاءت بثلاثة عشر ملك.لم نختبر من قبل احدا فى عالمنا العربي وصل إلى السلطة وتنازل عنها طواعية، فلم نتوقع من العسكر ذلك؟ لقد خرج المارد العسكري بزيه الكاكي من قمقمه وأتيحت له فرصة العمر وصارت مقاليد الأمور فى مصر الآن فى يده ومحال أن يعود إليه من نفسه. وما أشبه الليلة بالبارحة، يقول محمد نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر" : لقد خرج الجيش من الثكنات، وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلي الآن في مصر"أشعر بالألم والندم على شيك الثقة الذي وقعناه على بياض للعسكر، وتغاضينا عن الحقائق التى لا تخفي على أحد وأولها أن الجيش لم يكن يوما جزءا من المعادلة الثورية التى غيرت وجه مصر في ثورة يناير، وان قياداته هى جزء لا يتجزأ من نظام قمنا بالثورة عليه ونأبي استمراره.والحقيقة الأخري أن النوايا الطيبة لا تصلح وحدها، وأن الطريق إلى الجحيم ممهد بالكثير من النوايا الطيبة، والحكم على المجلس العسكري بمعايير عاطفية مبنية على سماحة وجوههم وحجاب زوجاتهم يصبح أمرا فى غاية السذاجة، ولا أدري كيف نقنع العسكر أن الشعب المصري فى حالة ثورة وثورة حقيقية وإغضاء الشعب طرفه بعض الوقت عن بعض الخلل لا يعني رضاه، وصمته عن بعض صور العوج لا يعني رضوخه، وليت العسكر يتعلمون من دروس2011 الكثيرة قبل فوات الآوان، وليتهم يوفقوا لسطر أحرف من نور لأنفسهم فى تاريخ مصر قبل أن يخسروا كل شيئ والتاريخ لا يرحم أحدا.فيأيها المجلس الموقر لا تصم آذانك عن نداء شعب مصر كله الآن، الشعب الذي لم ينس لكم جميل صنيعكم ووقوفكم بجانبه حينما لزم اتخاذ قرار يسألكم بحق المودة التى غمرت قلوب المصريين لكم وبحق الفرحة التى قوبلتكم بها فى ميادين مصر وبحق تبجيلكم وأنتم تؤدون التحية العسكرية للشهداء، يسألك كل المصريين مع نزار قباني بحق كل هذه الأشياء ..وبحق ما لدينا.. من ذكرٍ غاليةٍ كانت على كلينا.. أسألك الرحيلا لنفترق أحبابا.. فالطير في كل موسمٍ.. تفارق الهضابا.. وكي تكون أكثر اقترابا أسألك الذهابا.. حتى يظل حبنا جميلا.. حتى يكون عمره طويلا.. أسألك الرحيلا.. أيمن السكري [email protected]