على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، انتشرت صورة بشعة لشاب عشريني يرى عليه أثر التعذيب، فنزل جموع المصريين إلى الشوارع والميادين يبحث عن قاتله سرعان ما تحولت إلى ثورة أبهرت العالم، إلا أنه ورغم مرور 5أعوام لم يتم القصاص من قاتله. "إحنا بنتفتش ليه"؟، كان سببًا كافيًا لكتابة نهاية "خالد سعيد"، ذلك الاسم الذي أصبح "أيقونة لثورة يناير"، شاب مصري كان يبلغ وقت وفاته 28سنة من منطقة كليوباترا بالإسكندرية وصاحب مكتب استيراد وتصدير، كان يجلس في "نت كافيه" في وقت متأخر بالليل، ودخل عليه أفراد شرطة في حمله تفتيش باستخدام "قانون الطوارئ"، إلا أنه لم ينصع للأوامر لأنه يرى أنه ليس من حقهم فانهالوا عليه بالضرب حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. وتتضارب في هذه القضية الساخنة روايتان. فبحسب الرواية الأولى، دخل مخبران للشرطة مقهى للإنترنت عند الحادية عشرة والنصف من مساء الأحد 6 يونيو، وأمرا خالد محمد سعيد بتقديم أوراقه الثبوتية، لكنه رفض الانصياع لأوامر أشخاص باللباس المدني. عندئذ، وبحسب شهود عيان وعدد من المنظمات الحقوقية، ثبّت أحد المخبرين كتفي خالد فيما انهال عليه الآخر بالضرب إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة. وقال موقع مركز "النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب": "حياة خالد انتهت على يد رجال الشرطة، بدون سبب، بدون جرم، بدون تفسير سوى جبروت وعربدة وإجرام نظام تخدمه وزارة داخلية اعتاد رجالها الإجرام كما اعتادوا الثقة في أنهم فوق القانون وأن أحدًا لن ينال منهم". لكن السلطات المصرية كذبت هذه الرواية وأشارت في بيان صادر عن مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية إلى أن خالد مات اختناقًا عندما بادر إلى ابتلاع لفافة تحوي مادة مخدرة لحظة وصول الشرطة لضبطه. نشرت صور "سعيد" نهار الخميس على شبكة الإنترنت تظهر تشويهًا كبيرًا في وجه خالد وجسده، وبحسب السلطات، فإن الآثار البادية على الجثة ناجمة عن عملية التشريح وهو ما لم يقنع العديد من المصريين، ودعمها رواية شهود قالوا إن رجال المباحث هم من ضربوه وصدموا رأسه في رخام سلم العمارة المجاورة للنت كافية حتى تشوه وجهه, فنزلوا إلى الشوارع بالمئات نهاري السبت والأحد في كل من الإسكندرية والقاهرة وطالبوا بإحقاق الحق في هذه القضية وبإنهاء قانون الطوارئ النافذ في البلاد منذ العام 1981 (في 11 مايو 2010، مدّد البرلمان المصري تطبيق القانون لسنتين إضافيتين). وفي ظل الضغط الشعبي، قرر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام وقتذاك استخراج جثة خالد سعيد بحضور عائلته ورئيس نيابة استئناف الإسكندرية لإعادة تشريحها وتبيان سبب الوفاة. فور الحادث كشفت السيدة ليلى مرزوق والدة خالد محمد سعيد كشفت عما قالت إنها الأسباب الحقيقية وراء مقتل ابنها على يد ضابط شرطة ومخبرين اثنين، إذ قالت إنه "حصل على فيديو يحتوي على لقطات لأحد ضباط قسم سيدي جابر والمخبرين، وهم يقومون بالاتجار في الحشيش وقام بنشر الفيديو بين أصدقائه وذلك منذ حوالي شهر، وقال إنه سوف يدشن مدونة لفضح الضابط والمخبرين". وتتابع والدة خالد: "قمت بتحذيره أكثر من مره من نشر هذا الفيديو حتى لا يقوموا بإيذائه"، وأبدت دهشتها لأنهم "لم يهددوه قبل يوم الحادث إلا أنهم دخلوا عليه فجأة وانهالوا عليه ضربًا". وبعد مرور 5 أعوام مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية لم تُصدر شهادة وفاة ل"خالد". وقال محمود البكري محامي أسرة خالد سعيد، إن المصلحة لم تُصدر شهادة الوفاة حتى الآن بالرغم من مرور 5 سنوات كاملة على واقعة وفاته. وأضاف البكري، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن أسرة خالد سعيد تعتزم إقامة دعوى قضائية أمام مجلس الدولة ضد وزير الداخلية بصفته مسئولًا عن مصلحة الأحوال المدنية. وتابع: "سنطالب في الدعوى القضائية بإلزام وزارة الداخلية بإصدار شهادة وفاة لخالد سعيد، يُوضح بها سبب الوفاة الناتج عن التعذيب، وفقًا لما انتهى إليه حكم القضاء". كان لافتًا تجاهل الحركات السياسية بالإسكندرية، الدعوة لإحياء الذكرى الخامسة لمقتل "خالد سعيد"، اليوم التي توافق 6 يونيو، وخلت حسابات النشطاء السياسيين من أي دعوات لإحياء الذكرى أمام منزله بمنطقة كليوباترا، على غرار السنوات الأولى الماضية، التي شهدت العديد من الفعاليات الاحتجاجية، والتظاهرات والسلاسل البشرية، أمام منزل الأسرة، للمطالبة بالقصاص العادل، من قتله. وأسدلت محكمة النقض الستار على قضية خالد سعيد، عقب تأييدها لحكم الجنايات بالسجن المشدد 10 سنوات على المتهمين بقتله، الشرطيين بقسم سيدى جابر، إلا أن الأسرة لم تكتف بالحكم، وأقامت دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية، للمطالبة بتعويض 5 مليارات جنيه، بعد ثبوت واقعة تعذيبه على يد فردي شرطة. أجلت محكمة الإسكندرية الدائرة 50 تعويضات، الأربعاء الماضي، نظر دعوى التعويض المدنية المقامة ضد وزارة الداخلية لجلسة 29 يوليو المقبل لإعادة الإعلان. وقالت والدة خالد سعيد في الذكرى الخامسة لوفاته, إنها ستؤدي الليلة ختمه قرآن مع أفراد عائلتها وتدعو له بالرحمة, وتضيف أنها بنفس حالها من يوم وفاته لأن حقه لم يأت حتى الآن. وتابعت مرزوق ل "المصريون" أنه "لم يتم تنظيم أي فاعليات لذكري الشهيد"، وأشارت إلى أنها كانت متخوفة من نزول الشباب الشوارع فيصيبهم مكروه قائله : "اللي بيمشي فالشوارع بيتاخد دلوقتي وأنا هخاف عليهم حد يجراله حاجه". وعن الدعوى القضائية ضد الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية لاأها لم تُصدر شهادة وفاة ل"خالد" حتى الآن بالرغم من مرور 5 سنوات كاملة على واقعة وفاته، قالت زهراء سعيد شقيقة الشهيد: "لم نحصل على شهادة وفاة حتى الآن, وذلك لأن الداخلية لا تريد أن تعترف بواقعة التعذيب حتى الآن". واشتعل موقع التواصل الاجتماعي تويتر بهشتاج (#خالد_سعيد) الذي جاء متزامنا مع اعتصام المحامين ضد التعذيب, وعكست التغريدات حالة من الإحباط بعد مرور 5أعوام على مقتله دون القصاص من قاتله. وقال حمدي أحمد أحد رواد "تويتر" متخيلا ان التاريخ قد عاد للوراء : " عاجل: تعرض اليوم شاب اسمة #خالد_سعيد للتعذيب حتي الموت علي يد مخبرين قسم #سيدي_جابر #6_6_2011 ". وقال محمد القاضي: " اغتيال #خالد_سعيد قص شريط مسلسل التحرر من العبودية الذى لم ينته حتى الآن، سيستمر حلقات وحلقات بل ربما أجزاء وأجزاء لكن النهاية السعيدة حتمية" .