وأخيرا صدر القرار الذي تأخر كثيرا عن الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا في الجامعة حتى يوقف نظام بشار الأسد حمام الدم الذي يسيله يوميا منذ عدة أشهر في شوارع مدن سوريا وقراها ، قرار الجامعة يعني سحب الشرعية من نظام بشار ، وهو ما أصابه بالهوس والجنون فأطلق ميليشيات البلطجة التابعة لمؤسسته الأمنية لمهاجمة السفارات العربية في دمشق واقتحامها ، وهو سلوك لا يقدم عليه إلا النظم الأكثر همجية في العالم ، والتي لا تراعي أية أعراف ديبلوماسية أو أخلاقية . القرار شمل الدعوة إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية على نظام الأسد حتى يوقف عدوانه على الشعب السوري ويلتزم بالمبادرة العربية ، وهو لن يلتزم بها أبدا بطبيعة الحال ، وقيمة هذا القرار أنه يفتح الباب أمام المؤسسات الدولية ودول أخرى للدخول على خط الضغط على نظام بشار من أجل أن يعلن خروجه من سوريا بأي طريقة ، إما سلما وإما بكسر الرقبة على الطريقة التي حدثت مع الطاغية معمر القذافي . رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري ، وهو رئيس وفد المبادرة العربية قال في مؤتمر صحفي في القاهرة أمام الجميع أن سفير سوريا سبه وسب نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية بألفاظ نابية أثناء الاجتماع المغلق ، ولكم أن تتخيلوا "سعادة السفير" رمز الديبلوماسية وهو يسب وزراء ومسؤولي دول الجامعة بالألفاظ الفاحشة ، وكل ذلك يكشف عن طبيعة هذا النظام ، وطبيعة البشر الذين ينتقيهم ليمثلوه ، غير أن الأهم في ذلك كله أن هذا الانفلات يكشف عن تداعيات نفسية خطيرة في بنية نظام بشار الأسد ، إنها هيستيرية من يشعر باقتراب نهايته . المشهد السوري مرشح الآن إلى تصعيد كبير ، لأن الجامعة العربية أعلنت بشكل علني عجزها عن كبح جماح هذا الطاغية أو إلزامه بالتوقف عن قتل شعبه ، وبالتالي يكون هذا أشبه بإبراء ذمة ، ويكون بمثابة دعوة غير مباشرة إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته الأخلاقية تجاه محنة الشعب السوري ، وصحيح أن السيناريو ليس من المحتم أن يتطابق مع السيناريو الليبي ، ولكن المؤكد أن هناك أكثر من سيناريو بديل وأوراق ضغط أخرى ، بما فيها أوراق عسكرية يمكن أن تطرح ، وكلها في النهاية تؤدي إلى كسر رقبة بشار ونظامه . سأذكركم بعد أسابيع بأن أقلاما نائمة الآن ، وتغمض عينها عما يحدث من مذابح للشعب السوري ، ولا تجرؤ على أن تنطق كلمة واحدة ضد نظام بشار الأسد ، وتتواطؤ مع وحشيته ، هذه الأقلام ستخرج قريبا منتفخة الأوداج تتحدث عن المؤامرة على سوريا لأن سوريا هي بشار ونظامه وعن الترصد الامبريالي الأمريكي ، وتتمسح بمسوح القومية والبطولة والمقاومة ، هؤلاء الذين يضنون على الشعب السوري المستباح بكلمة ، مجرد كلمة ، تدعو بشار إلى وقف مذابحه وحفظ دماء شعبه ، سيخرجون قريبا ليعيدوا انتاج الأغنية الإجرامية الشهيرة : شعبه وهو حر فيه !! . [email protected]