«تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام» هو نص المادة 72 من الدستور المصري، الذى يؤكد استقلال الصحف، فمن الغريب أن تتم مُصادرة صف بسبب موضوعات أو مانشيتات. ما معنى المُصادرة؟ يبقى التساؤل الأهم قبل التطرق إلى أشهر قرارات المُصادرة هو ما معنى «المُصادرة» فى كُتب التاريخ العربى الإسلامى حولّ أخذ الممتلكات من بعض المغضوب عليهم من أموال أو ممتلكات أو خيل أو سلاح، فهى لم تختلف كثيرًا عن مُصادرة العصر الحالي، وغالبًا تأخذ على أشكال أخرى كالمنع أو الإلغاء لكنها تبقى تحت فكرة المُصادرة. فعلى مر الزمن، مصر شاهدة على عدد كبير من قرارات مُصادرة الصحف إما لمعارضتها أو لتعديها على السيادة العليا – بحسب أسباب المُصادرة- ورصدت «المصريون» تاريخ أشهر قرارات مصادرة الصحف منذ ظهورها حتى يومنا هذا. 1- «الوطن» كانت آخر الصُحف التى صدر قرار بمصادرة عدد اليوم، بحسب مصادر صحفية والتى كشفت عن أن السبب هو اعتراض جهات سيادية على الملف الخاص الذى تصدر به الصحيفة فى عدد الاثنين، والذى حمل عنوان « 7 أقوى من السيسي» والذى شمل الحديث عن شخصيات ومؤسسات أقوى من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك فى العدد السنوى الخاص ل«الوطن». وقالت مصادر مطلعة، إن أحد الجهات السيادية اعترضت على عناوين الصحيفة، وقامت بمصادرة النسخ المطبوعة، مع طلب تغيير العناوين الخاصة بالملف، وكذلك العنوان الرئيسى ليكون «7 أقوى من الإصلاح». وأوضحت أن الجهات طالبت بحذف مقال فى الصفحة الأخيرة للصحيفة يحمل اسم «الضابط ابن القصر يكتب»، كتبه مدير تحرير الصحيفة الكاتب الصحفى علاء الغطريفي، وعليه تم وقف الطبع – ولم يتسنّ ل«المصريون» التأكد من صحة ما نُسب إليه-. ولم تكن تلك المرة الأولى لجريدة «الوطن» أن يتم مُصادرة عدد لها، ففى إبريل ومارس الماضيين كشفت مصادر صحفية عن قيام جهات أمنية بوقف طبع عددها الصادر بمطابع الأهرام، لحين حذف أحد التقارير التى تحدثت عن تهرب جهات سيادية من دفع الضرائب وعلى رأسها الرئاسة. وكان التقرير يتمحور حول امتناع 13 جهة سيادية من دفع الضرائب المقررة عليها، حيث كشفت الجريدة أن الضرائب المستحقة للدولة لدى تلك الجهات وصلت إلى نحو 7.9 مليار جنيه خلال سنة واحدة، وعلى أثره قامت الصحيفة بحذف التقرير وتمت طباعتها بدون التقرير السالف ذكره. 2- «الدستور» مانشيت تحذيرى من «الدستور الإخوانجى الجديد»، الذى يعلن صراحة قيام «دولة الإمارة الإخوانجية»، هو سبب أساسى لمُصادرة صحيفة الدستور فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث أمر القضاء المصرى بمصادرة أعداد من جريدة الدستور إثر تلقيه بلاغات تتهم الصحيفة ب«إهانة رئيس الجمهورية». وتم تأييد القرار الصادر بضبط أعداد الصحيفة، وذلك على خلفية التحقيقات التى تباشرها النيابة العامة فى إطار البلاغات التى قدمت إليها وتتهم الجريدة المذكورة بالحض على الفتنة الطائفية وإهانة رئيس الجمهورية والتحريض على الفوضى. 3- «صوت الأمة» أما عن جريدة صوت الأمة، فتضاربت الآراء العام الماضى عن مصادرتها، حيث كشفت مصادر مسئولة بجريدة «صوت الأمة» الأسبوعية عن أن سر أزمة طباعة العدد الأخير من الجريدة، يتعلق بتحقيق صحفى «موثق» عن فساد أحد رجال الأعمال المرتبطين بجهة سيادية. وكشفت المصادر ،أن سبب منع طباعة العدد كان صفحة كاملة عن رجل أعمال فى مجال الإعلام، وبعد مفاوضات ماراثونية استبدل الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس التحرير الموضوع بصفحة أخرى فتمت طباعة العدد يوم الجمعة، رغم نفيه القرار. 4- «المصريون» ولم تسلم صحيفة «المصريون» من مُصادرة عدد من أعدادها، وتأخر طباعته لدواعٍ أمنية، حيث إن مطابع مؤسسة «الأهرام» امتنعت عن طباعة العدد الأسبوعى للصحيفة يوم السبت 13-12-2014، بعد أن أبدت «جهة أمنية» اعتراضها على عدد من الموضوعات المطروحة على صفحات الجريدة، من بينها مقال رئيس التحرير جمال سلطان. كان على رأس الموضوعات التى اعترضت عليها الجهات الأمنية، مقال رئيس التحرير جمال سلطان، بعنوان «السيسى وشفيق والإمارات وأسئلة بلا إجابة»، وملف «أبشع قصص الاختطاف والتعذيب فى مصر بالتعاون مع المخابرات الأمريكية»، وملف «لماذا يخشى السيسى من البرلمان المقبل؟»، وملف «أحداث مجلس الوزراء.. يوم ظهر الطرف الثالث فى مصر». واستمرت الأزمة لأكثر من 8 ساعات، فى ظل اتصالات مع مسئولى «الأهرام»، إلى أن جاءت الموافقة الأمنية بطباعة «المصريون»، بعد إخضاع الموضوعات السالف ذكرها للتدقيق والمراجعة. 5- «الوادي» وعن صحيفة «الوادي» التى تم وقف طباعة عددها الثالث، لأسباب غير معلومة، وأوضح رئيس تحريرها آنذاك، خالد البلشي، أن العدد تضمن ملف عن اقتحام مقرات أمن الدولة ودور المجلس العسكرى فى ذلك، وأخر عن ترشح المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، لانتخابات الرئاسة. وتابع: «كما يتضمن العدد ملفًا عن اختراع الجيش لعلاج يقضى على فيروس سى والإيدز، ومقالًا للدكتور علاء عوض، يؤكد أن اختراع القوات المسلحة لم يحصل على براءة اختراع»، مضيفًا: «ويحتوى العدد على مقالين من داخل السجن لعلاء عبد الفتاح وأحمد ماهر». 6- «جريدة الشعب الجديد» الجريدة الناطقة بلسان حزب العمل «ذو التوجه الإسلامي» من مصادرة العدد السادس من الإصدار الثالث للجريدة بسبب ما تناوله مقال الكاتب الصحفى مجدى حسين، رئيس التحرير المعنون ب«نطالب مدير المخابرات بإعادة النظر فى سياسات الجهاز السابقة التى أفسدت الحياة السياسية»، وتضمن المقال دعوة المخابرات إلى تغيير سياسات الجهاز وإعادة تقييم دوره ووقف نشاطه فى الأحزاب السياسية والإعلام، ووقف تدخل الجهاز فى العمل السياسى –على حد ما ذكر-. 7- «روزاليوسف» بحسب ما نشرته الجريدة ذاتها، تقول السيدة «روزاليوسف»: كان الملك فؤاد -بدافع من الإنجليز- قد أقال وزارة الوفد، وتولى المرحوم «محمد محمود» رئاسة الوزارة، ثم لم يلبث أن أعلن تعطيل الدستور والحياة النيابية ثلاث سنوات قابلة للتجديد، واتخذت المجلة خطة الدفاع عن الدستور والهجوم العنيف على الوزارة، وصدر العدد «134» من روز اليوسف وفيه حملة على حق الملك فى إقالة الوزارات، وفيه صورة كاريكاتيرية تمثل «محمد محمود» يدوس على الدستور وهو صاعد إلى مقعد الوزارة. وبعد أن تم طبع نسخ المجلة كلها، دق التليفون ينبئ بأن المطبعة محاصرة وأن البوليس قد جاء ليصادر العدد، وأسرعت إلى المطبعة لأرى بعينى مأمور قسم عابدين وضباط البوليس السياسى واثنين من الكونستبلات الإنجليز يطيحون بأعداد المجلة المتراصة أعمدة طويلة يمنعونها من الخروج. وحديثًا تمت مُصادرة صفحة واحدة من الجريدة فى عام 2012 لتكون أول جريدة قومية تتم مُصادرتها. 8- «الكوكب الشرقى» كانت جريدة «الكوكب الشرقي»، جريدة سياسية أسبوعية، تصدُر بشكل أسبوعى فى الإسكندرية، مُنذ صدور عددها الأول، يوليو 1873، ولكن بعدها بفترة قليلة، ألغى محافظ الاسكندرية ترخيصهما بلا سبب. 9- «صدى الأهرام» بأمر من الخديوى إسماعيل، تمت مُصادرتها بعد سنتين من صدورها، لهجومها على الحكومة آنذاك، وموالاتها للفلاح المظلوم فى الأزمة الاقتصادية الحادة نتيجة انخفاض منسوب فيضان النيل؛ لذلك غضب الخديوى إسماعيل على مؤسسها، بشارة تقلا، وسجنه وأغلقت الجريدة. 10- «الأستاذ» عندما صدر العفو عن عبد الله النديم فى مايو 1892، وعاد إلى مصر بعد مدة قضاها منفيَّا فى فلسطين، وقد كان له من الشهرة ما يجعل أخاه عبدالفتاح النديم يستثمر ذلك لإصدار صحيفة تفيد من هذه الشهرة، وبعد ذلك بفترة قصيرة رأى اللورد كرومر أن فى بعض موضوعاتها توجد دعوة إلى الفتنة، وتحريضًا وحضنًا على الثورة، فطلب من الخديوى عباس حلمى الثانى أن يلغى المجلة ويتم نفى النديم مرة آخري، بحسب كتاب «صُحف مُصادرة»، للكاتب هشام عبد العزيز. 11- «الراوي» صُدرت لمهاجمتها رئيس الوزراء بعد استمرارها سنتين كاملتين حتى عام 1890، حين هاجم صاحب المجلة رئيس الوزراء آنذاك، رياض باشا، بسبب حملة الأخير على السوريين فى مصر؛ فوقف رياض باشا فى وجه المجلة حتى أغلقها. 12- «حمارة منيتي» رغم أن جريدة «حمارة منيتي»، جريدة أسبوعية هزلية فكاهية نقدية، أصدرها محمد توفيق الأزهرى ومحمد حلمى عزيز عام 1899 فى القاهرة، ولكنها صودرت عام 1904 بسبب أسلوبها الساخر النقدي، فكانت تصدر كل عدد تحت عنوان جريدة: «عاشت لسامي، جريدة هزلية أدبية مهلبية شلبية بنت كلبية جدية جربندية أسبوعية باختصار». 13- «جريدة الشعب» هىّ جريدة تابعة للحزب الوطنى، أصدرها الصحفى والسياسى المعروف أمين الرافعي، عام 1913، والغريب أن أمين الرافعى صاحب الجريدة هو الذى صادرها، حتى لا يضطر لنشر خبر إعلان الحماية البريطانية على مصر، وهو الإعلان الذى ألزمت كل الصحف بنشره. 14- «المسلة» و«الخازوق» أنشأهما بيرم التونسى للتحايل على السلطة، حيثُ كان يُصدر صُحفه بأسماء مختلفة لكى يستطيع التهرب من ملاحقة وزارة الداخلية، مجلة «المسلة» أنشأها عام 1919، وهاجم من خلالها قصائده الملك فؤاد وزوجته، مما أدى إلى إغلاقها، ولكنه لم ييأس فأصدر أخرى تُدعى «الخازوق» وبسبب هجومه المتزايد على القصر الملكي، لم يتم إغلاقها فقط بل ونفيه إلى تونس عام 1923. شاهد الصور: