قال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي "فولكان بوزقير"، إنه يرغب في أن يتم بحث وتمحيص أحداث الفترة من 1870 إلى 1920، بدلا من التركيز على ما جرى عام 1915 فقط، مما سيتيح الفرصة لتشكيل ذاكرة مشتركة وعادلة. جاء ذلك خلال تصريحات صحفية لبوزقير قبيل مشاركته في قداس أقيم اليوم في كنيسة مريم العذراء في "كوم كابيه" بإسطنبول، بمناسبة أحداث 1915. وأشار بوزقير، أن القداس هو أول قداس رسمي يقام منذ عام 1916، وأنها المرة الأولى التي يشارك فيها وزير تركي في مثل هذا القداس. وأضاف بوزقير "نحن نحترم الآلام التي عاشها أخوتنا الأرمن، لذا نعتبر المشاركة في القداس دين علينا". وفيما يتعلق بالقرار الصادر مؤخرًا عن البرلمان الأوروبي لتأييد مزاعم الأرمن بخصوص أحداث 1915، قال بوزقير، في تصريحات صحفية بعد مشاركته في القداس، إن ذلك القرار لا يمتلك صفة قانونية من وجهة نظر تركيا. وفيما يتعلق بوصف الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أحداث 1915 ب "الكارثة الكبرى"، في البيان الذي أصدره أمس الخميس، قال بوزقير"نعتقد أن أوباما فعل الصواب عندما لم يستخدم كلمة ليس لها سند تاريخي أو شرعية قانونية"، معتبرا إياه أمرا جيدا فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية التركية. ما الذي حدث عام 1915؟ تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي بدأت عام 1914. وعندما احتل الجيش الروسي منطقة شرق الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن، الذين كانوا في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي. وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي. وسعيا منها إلى وضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة.واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام. وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ آيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية. ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته، خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة. وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها. وعقب انسحاب روسيا من الحرب، جراء الثورة البلشفية عام 1917، تركت المنطقة للعصابات الأرمنية، التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال العديد من التجمعات السكنية العثمانية. وبموجب معاهدة "سيفر"، التي اضطرت الدولة العثمانية على توقيعها، تم فرض تأسيس دولة أرمنية شرقي الأناضول، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ، ما دفع الوحدات الأرمنية إلى إعادة احتلال شرق الأناضول، وفي كانون الأول/ديسمبر 1920 جرى دحر تلك الوحدات، ورسم الحدود الحالية بين تركياوأرمينيا لاحقًا، بموجب معاهدة غومرو، إلا أنه تعذر تطبيق المعاهدة، بسبب كون أرمينيا جزءًا من روسيا في تلك الفترة، ومن ثم جرى قبول المواد الواردة في المعاهدة عبر معاهدة موسكو الموقعة 1921، واتفاقية قارص الموقعة مع أذربيجانوأرمينيا وجورجيا، لكن أرمينيا أعلنت عدم اعترافها باتفاقية قارص، عقب استقلالها عن الاتحاد السوفييتي، عام 1991.