لا شك أن الدول والأنظمة بين الحين والآخر تشهد حراكاً سياسياً يواكب عملية الانتخابات إن كانت هذه الدول تنتهج نظاماً ديمقراطياً يسمح بتداول السلطة بسلاسة ويسر بين المرشحين حسب اختيار الشعب أو غالبيته. ونظراً لأهمية وحساسية الوضع الراهن بالإضافة إلى تهافت العديد من الشخصيات العامة بل وبعض الشخصيات المغمورة على شغل تلك المناصب، فإنه من الأفضل لنا أن نتعرف هنا وعن قرب على أهم ما يتعلق بذلك وكيفية المفاضلة بين المرشحين، ومعايير التفضيل بينهم، والسمات التي يجب أن يتمتع بها المرشح الأنسب، وتفاصيل أخرى كثيرة وذلك وفق منهج شرعي وسياسي واجتماعي رصين. قد ينتاب الناخب حيرة يتيه فيها، وربما تجعله يُحجم أصلاً عن الإدلاء بصوته والمشاركة في هذه العملية السياسية المهمة، وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية وعدم معرفته الكيفية بمعايير الاختيار الصحيح، فهناك عدة أنواع للمرشحين منهم مثلا: • مرشح يسعى إلى تولي السلطة وهدفه الرئيس هو الكرسي والمنصب لا غير. • مرشح خرج من رحم نظام ظالم ديكتاتوري لا يعرف ولا يعترف بالرأي والرأي الآخر، ويحتقر مبدأ الشورى وينفرد برأيه وكان أحد أركانه في الماضي. • مرشح يتسم بالعديد من علامات الاستفهام حول مسيرته في العمل العام إن كان قد تقلد منصباً رفيعاً من قبل، أو حول مواقفه في الماضي والحاضر خاصة إن كانت متقلبة وغير متّحدة. • مرشح لا يتقيد بالأعراف الاجتماعية والثقافية بل وربما الدينية لشعبه. • مرشح قضى كل عمره مغترباً عن وطنه ولا يعرف تفاصيل معاناة بيئته، وليس لديه إلمام ملموس بما يستقر على رأس أولويات هذا الشعب.. • مرشح آخر يعتمد بالكلية على درجاته العلمية التي حَصّلها من أكبر الجامعات والمعاهد العلمية حول العالم دون تمتعه بفنون الإدارة والحنكة السياسية والإدارية. بالفعل إن الأمر محير، ولكن يمكن تبسيطه على النحو الآتي: من البديهي أن تكون هناك قواسم مشتركة بين كافة المرشحين أهمها النزاهة والكفاءة المهنية، ونظافة اليد، والسمعة الطيبة، وربما تاريخ مهني معروف ومشهود له. ولكن تبقى معايير أخرى يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وتدرس جيداً قبل التصويت لمرشح ما ومساندته في حملته الانتخابية مع التأكيد على أهمية الصوت الانتخابي لك ومدى تأثر من حولك برأيك. الكاريزما: أول هذه المعايير هي شخصية هذا المرشح أو ما يُعرف بالكاريزما، ذلك المصطلح الذي أفرزته الحركات الشعبية الأخيرة في عالمنا العربي، فشخصية المرشح هي أول العناصر المؤثرة التي تلعب دوراً محورياً في الحُكم عليه. الخلفية العلمية ثاني هذه المعايير هي الخلفية العلمية للمرشح، ففي زمن العولمة وفي عالم يُعد قرية صغيرة لابد وأن يكون للمرشح النصيب الوفير من التعليم والثقافة والاطلاع تميزه عن أقرانه وعن المرشحين الآخرين، ويمكنه من فهم كل ما يدور حوله ويعينه على الحوار مع مختلف الشخصيات مع إتقانه ولو للغة أجنبية واحدة بالإضافة إلى لغته الأم، كما أن الخطابة وفنون الحديث ومخاطبة مختلف الأطياف الاجتماعية تلعب دوراً بارزًا في الحكم على الخلفية الثقافية والتعليمية للمرشح البرنامج الانتخابي: وتعتبر من أبرز نقاط قوة المرشح هي برنامجه الانتخابي الذي يعطي فكرة تفصيلية عن محاور اهتمام هذا المرشح ورؤيته للواقع من حوله وتصوره لكيفية النهوض بمجتمعه اقتصادياً وسياساً واجتماعياً، فإذا كان المرشح لا يدرك ما حوله من مشكلات مجتمعية، فكيف يقدر على حلها؟ ففاقد الشيء لا يعطيه. قد تجد صعوبة في الحكم على مرشح ما ولكن بالتأكيد سيساعدك النظر في ماضي ذلك المرشح في الحكم عليه بإنصاف. فالنظر في الماضي يجلي لنا الحاضر ويستقرئ لنا المستقبل.