"قرر المستشار أيمن عباس، رئيس محكمة استئناف القاهرة، ندب قاضٍ للتحقيق مع مستشارين من «تيار استقلال القضاء»، هما المستشار هشام رؤوف، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، مساعد وزير العدل الأسبق، وعاصم عبدالجبار، نائب رئيس محكمة النقض، على خلفية اشتراكهما فى وضع مشروع قانون لمكافحة التعذيب داخل السجون وأقسام الشرطة ومقرات الاحتجاز، وذلك خلال فعاليات ورشة عمل نظمتها المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية فى مارس الماضى. وقالت مصادر قضائية إن طلب مجلس القضاء الأعلى ندب قاضٍ للتحقيق صدر بعد عرض تحريات «الأمن الوطنى» التى أشارت إلى اشتراك المستشارين فى ورشة العمل التى نظمتها إحدى منظمات المجتمع المدني ومشاركتهما فى إعداد وصياغة مشروع قانون لمكافحة التعذيب، وأوضحت المصادر أن المستشار هشام رؤوف أعد دراسة قانونية تطبيقية قبل 6 أشهر بعنوان «التعذيب جريمة ضد الإنسانية» أعلن عنها فى احتفالية ضخمة، ووزع ما يتجاوز 3 آلاف نسخة منها على رجال القضاء، تتضمن نقدًا للوضع القانوني لجريمة التعذيب فى قانون العقوبات، وأن الدراسة كشفت عن وجود عوار شديد فى قانون العقوبات فيما يتعلق بجريمة التعذيب، لعدم اتفاق نصوصه مع الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر بشأن مكافحة التعذيب" انتهى هذا الخبر نشرته الزميلة "الوطن" يوم الأحد 12/4/2015.. والأخيرة ليست صحيفة معارضة ولا إخوانية، وإنما هي صحيفة مقربة من الرئيس عبدالفتاح السيسي. والخبر في فحواه، يحمل دلالات مفزعة، ليس فقط في أسباب قرار الإحالة إلى التحقيق وحسب، وإنما في المرجعية التي استند إليها في معاقبة القاضيين. فبحسب الخبر.. فإن قرار الإحالة استند إلى تحريات ضابط شرطة في "الأمن الوطني"، وهي "إهانة" للقضاة المصريين، إذ يجعل مستقبلهم مرهونًا بجرة قلم من شرطي ربما يكون في مقتبل حياته المهنية.. ما يعتبر انتهاكًا لمبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء.. فالأمن الوطني تابع لوزارة الداخلية، وهي إحدى مؤسسات "السلطة التنفيذية". ما حدث مع القاضيين، يعني أن الحكومة السلطة التنفيذية تملك سلطة التدخل في شؤون القضاء، وكتابة التقارير الأمنية عنهم، وتحصي عليهم أنفاسهم، والتحريض عليهم والوشاية بهم عند مجلس القضاء الأعلى.. فكيف يطمئن القاضي على مستقبله، حال عرضت عليه قضية يختصم فيها معارضًا سياسيًا، الحكومة وهي في ذات الوقت تحكم قبضتها الغليظة على عنق القضاة؟! ومن جانب آخر، فإن أسباب الإحالة إلى التحقيق، صادمة ومفزعة في آنٍ، فما هي الجريمة التي اقترفها القاضيان، حين قدما دراسات نقدية للتشريعات الموجودة، وغير الكافية في مكافحة جرائم التعذيب في السجون ومقار الأمن؟! وهل فحوى الدراسة "التعذيب جريمة ضد الإنسانية".. هو ما أوغر صدور سدنة التعذيب ضد القاضيين؟! بالإضافة إلى أسئلة كثيرة ومشروعة يمكن أن تطرح في هذا السياق، تتعلق بموقف مؤسسة العدالة من جريمة التعذيب، ولم يُحال قاضيان إلى التحقيق، عندما شاركا في مؤتمر علمي مناهض للتعذيب أي مناهض لانتهاكات الأجهزة الأمنية وما إذا التحقيق معهما بسبب "معلومات خطيرة" ماسة بوضعهما كقاضيين.. أم بسبب انتمائهما لتيار "استقلال القضاء"؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.