قال مصدر دبلوماسي جزائري إن مفاوضات السلام بشأن شمال مالي تعطلت جراء عدم التوافق بين الفصائل الانفصالية وحكومة باماكو حول تفاصيل التواجد العسكري للجيش المالي في المنطقة وحرية عمله. وأضاف المصدر للأناضول، مفضلاً عدم نشر اسمه، أن "السبب الجوهري الذي يعيق التوصل لاتفاق سلام دائم في المفاوضات التي احتضنتها الجزائر بين حكومة مالي وممثلي الفصائل الانفصالية في إقليم أزواد يتعلق بطبيعة التواجد الوجود العسكري والأمن للحكومة المالية في إقليم أزواد وحرية عملها في مجال مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود الدولية التي تربط إقليم أزواد بكل من دول الجزائر، والنيجر، وموريتانيا، وبوركينافاسو". وأوضح المصدر أن "خلافا واسعا حول التواجد العسكري المالي والإشراف الأمني على مدن إقليم أزواد عرقل تقدم المفاوضات بين طرفي الأزمة". بدوره، قال محمد آغول، أحد وجهاء مدينة كيدال (شمال مالي)، إن "سكان إقليم أزواد لن يقبلوا أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2012"، في إشارة إلى الانتفاضة المسلحة التي اندلعت في إقليم أزواد ضد حكومة مالي المركزية. وأضاف في حديث للأناضول: "تحدثنا مع ممثلي الشعب الأزوادي من مختلف الحركات في لقاءات سبقت تنقلهم إلى الجزائر، وقلنا لهم إن لم تتمكنوا من التوصل لاتفاق يعطي معنى للتضحيات التي قدمها الشعب الأزوادي فانسحبوا من المفاوضات". ومضى قائلا: "حكومة مالي ترغب في تقديم نفسها للعالم كدولة راغبة في السلم بينما يتواجد المئات من جنودها في أرض لا تعترف بوجودهم". بدوره، قال عضو لجنة التشاور المالية (لجنة أهلية مالية تساند حق سكان إقليم أزواد من الزنوج موالية للحكومة)، عينتو جبريل، إن "الحكومة المالية قدمت الكثير من التنازلات لصالح الحركات الانفصالية، ومنها التسيير الذاتي وكل الحقوق الثقافية ولا يمكن أبدا القبول بعدم وجود سيادة على الإقليم". وأضاف جبريل (وهو عسكري متقاعد من الجيش المالي) للأناضول: "لقد رأى العالم كله بعد انسحاب الجيش المالي من إقليم أزواد كيف تحول الإقليم إلى بؤرة للإرهاب الدولي". وكانت الحكومة المالية وحركات سياسية وعسكرية متمردة في الشمال وقعت غرة شهر مارس الماضي بالعاصمة الجزائرية بالأحرف الأولى على اتفاق سلام بين الجانبين في مفاوضات انطلقت شهر يوليو الماضي بوساطة دولية تقودها الجزائر وسط تحفظ من تنسيقية الحركات الازوادية التي تضم 4 حركات هي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة ازواد، وجناحا من حركة ازواد العربية، وتنسيقية شعب ازواد. واحتضنت العاصمة الجزائرية منذ أيام جولة جديدة من المفاوضات شاركت فيها حركات أزوادية للتوقيع على الاتفاق الأولي مع حكومة مالي الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الاولى بالجزائر في 1 مارس الماضي وتحفظت الحركات الأزوادية على الاتفاق دون أن تصل هذه المحادثات الجديدة إلى نتيجة. وكانت "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" و"المجلس الأعلى لتحرير أزواد" و"الحركة العربية لتحرير أزواد"، قد عقدت لقاءات مع أعيان وقبائل تومبوكتو وكيدال وغاو، الشهر الماضي دامت ثلاثة أيام، بهدف الأخذ برأيهم في مسودة الاتفاق الأولي، الذي رفضته التنظيمات الثلاث، بينما انخرطت فيه ثلاث تنظيمات أخرى مع مسؤولي الحكومة المركزية في باماكو المالية وتمثلت التحفظات في كون الوثيقة "تتضمن نقائص من بينها الغموض الذي يكتنف الوضع القانوني لمنطقة أزواد، ونقاط أخرى متصلة بالأمن وبالدفاع في هذه المنطقة". وشهد إقليم أزواد في بداية عام 2012 انتفاضة مسلحة انتهت بطرد الجيش المالي من الإقليم الذي سيطرت عليه فيما بعد جماعات سلفية جهادية، وفي يناير 2013 تدخلت القوات الفرنسية لطرد الجماعات السلفية المسلحة من الإقليم وإعادته لسلطة حكومة باماكو تحت إشراف قوات دولية.