رغم تواصل المفاوضات بين إيران ومجموعة (5+1) بشأن البرنامج النووي، لا تزال العقوبات تطارد النفط الإيراني الذي تعول عليه طهران لأن يكون داعما للاقتصاد الذي يئن تحت تأثير العقوبات الغربية. وتستمر المفاوضات بين الجانبين حتى اليوم، على الرغم من انتهاء المهلة المحددة - من أجل التوصل إلى اتفاقية إطارية بشأن الملف النووي الإيراني - أمس 31 مارس. وأعلنت الهند أمس الثلاثاء التوقف عن استيراد النفط الإيراني في الشهر الماضي للمرة الأولى خلال نحو 10 سنوات، استجابة للضغوط الأمريكية لإبقاء شحناتها من طهران في الحدود التي تفرضها العقوبات. يذكر أن الهند هي ثاني أكبر مشتر للنفط الإيراني على أساس سنوي بعد الصين، ولكن الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطا على الدول الآسيوية التي تشتري النفط من إيران، للالتزام بنظام العقوبات. ويشكل النفط حوالي 80 % من إجمالي عائدات التصدير و50 إلى 60 % من إيرادات الحكومة الإيرانية، وبالتالي يمكن للاقتصاد أن يحقق معدلات نمو كبيرة في ظل هذا السيناريو. وحال توصل إيران والعرب لاتفاق، فإن أسعار النفط ستفقد 5 دولارات للبرميل، وفقا للمحللين في مصرف" سوسيتيه جنرال" الفرنسي. كان البنك الدولي قد قدر في تقرير نشرته الأناضول في نهاية يناير الماضي، أنه في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين إيران والقوى الغربية، فإن انخفاض أسعار النفط قد يعني تراجعا نسبته 60 % في إيرادات الخزانة العامة الإيرانية، لتصل إلى 23.7 مليار دولار في عام 2015 من 120مليار دولار في عام 2011 / 2012. وفي ظل هذا السيناريو، سيكون من المُتوقع حدوث خسارة تبلغ حوالي 20 % من إجمالي الناتج المحلي، وسيصل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى مستوى الصفر (من 1.5 % في العام السابق)، وسيواصل الاقتصاد الإيراني الانكماش، وبالتالي خلق ضغوطا هائلة على معدلات التضخم والبطالة وعجز الموازنة وتراجع قيمة العملة الإيرانية(الريال). وقد ألحقت العقوبات الغربية أضرارا جسيمة بالاقتصاد الإيراني، وانكمش الناتج بصورة تراكمية 8.6٪ خلال السنتين الماليتين الماضية. وبالإضافة إلى تأثير العقوبات، يعاني الاقتصاد الإيراني من الهبوط الحاد خلال الفترة الأخيرة في أسعار النفط، الأمر الذي أجبر الحكومة الإيرانية على زيادة الايرادات غير النفطية، بما في ذلك السماح لأي شاب مؤهل بدفع حوالي 10 ألاف دولار للحصول على إعفاء من الخدمة العسكرية (وتغطي هذه الخطة أكثر من مليون مجند). وقد بذلت الحكومة الإيرانية أيضا بعض التقدم في تحسين تحصيل الضرائب ومكافحة التهرب الضريبي، وفق ما أورده معهد التمويل الدولي في تقرير حديث. وقال المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن (تشاتهام هاوس) في تقرير حديث حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه اليوم الأربعاء إن قطاع النفط والغاز الإيراني لايزال عاملا مهما في مستقبل الاقتصاد الإيراني، ويعتمد مستقبله ليس فقط على السرعة التي يمكن أن تتم بها رفع العقوبات، ولكن أيضا على شروط استعداد إيران لتقديم عروض لشركات النفط العالمية الكبرى. ويعني انخفاض أسعار النفط في الفترة الماضية تقلص جاذبية القطاع للمستثمرين، حتى لو جرى إلغاء العقوبات.
وتكافح إيران لجذب المستثمرين، ففي تسعينات القرن الماضي، كانت محاولات تأمين الاستثمار الدولي غير فعالة بسبب الشروط غير المواتية لتقديم العروض لشركات النفط العالمية والمشاكل التشغيلية التي نشأت، كما أصبح القطاع على نحو متزايد مسيسا ويعاني من ضعف التنظيم.
ويؤكد تقرير تشاتهام هاوس أن إيران في حاجة ماسة للتكنولوجيا ورأس المال التي توفرهما شركات النفط العالمية لقطاع النفط والغاز.
وقد أشارت إيران إلى أنه يمكن أن تساعد أوروبا في عدم الاعتماد بشكل كبير على الغاز الروسي من خلال تصدير الغاز الطبيعي المسال، واقترحت مسارات مختلفة لخطوط الأنابيب.
ومع ذلك، فإن الانخفاض في أسعار النفط العالمية في النصف الأخير من عام 2014، يعزز إحجام الدول الغربية للاستثمار بهذا الحجم والتعقيد، كما أن حاجة إيران للغاز المنزلي والغاز لإعادة الحقن في حقول النفط، فضلا عن صفقات تصدير المخطط لها مع سلطنة عمان والعراق وباكستان، من شأنه أيضا أن يقلل حجم الغاز المتاح للتصدير إلى أوروبا.
وانخفضت صادرات إيران من النفط الخام والمكثفات من 2.5 مليون برميل / يوميا في 2011 إلى 1.1 مليون برميل في عام 2013 بعد تشديد الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات ضد صادراتها النفطية، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وهذا يعني أن إيران تفقد نحو 400 مليون دولار في السنة إذا تراجع سعر برميل النفط بقيمة دولار.