حملت الضربات الجوية التي شنها تحالف موسع بقيادة السعودية على مواقع تابعة للحوثيين، رسالة إلى إيران الداعم الأول لها، بأن دول الخليج ستسعى لتحقيق أمنها دون النظر للاتفاق الوشيك بين طهران والقوى الغربية، الذي تخشى دول الخليج أن يفتح الباب أمام امتلاك جارتهم السلاح النووي. جاء ذلك بعد أن اعتبر علي رضا زاكاني مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، في سبتمبر2014، أن العاصمة اليمنية صنعاء "أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد"، مبينًا أن "ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية في إيران عام 1979". ورأى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن "الضربة التي شنها التحالف العربي على الحوثيين بالتزامن مع جولة حاسمة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف في سويسرا – قد ضيقت الخيارات- أمام الساسة الإيرانيين لاتخاذ موقف حازم". وتابع "إيران لا تريد تعطيل جولة المفاوضات الحاسمة مع الأمريكيين حول البرنامج النووي، باعتبار أن الاتفاق المتوقع بين الطرفين سيقدم لطهران مكاسب غير متوقعة، وبالتالي فهي لا ترغب في عرقلة هذه المفاوضات عبر الدخول في مواجهة على الساحة اليمنية مع السعودية وتحالفها العربي". ورجح استمرار الوضع في اليمن لمدة طويلة، خاصة مع انحياز قطاع من الجيش اليمني للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بشكل يفرض ضرورة القيام بعمليات برية والبقاء على الأرض حتى هيكلة الجيش وإخراج الحوثيين من معادلة الحكم في اليمن. يأتي هذا في الوقت الذي تسود فيه شكوك حول طبيعة الدور المصري في عملية "عاصفة الحزم" باليمن، لاسيما أن المتحدث العسكري السعودي لم يرد مصر ضمن قائمة الدول المشاركة في العملية، ما رجح معه محللون أسباب ذلك إلى رغبة مصر في إبقائها بعيدًا عن هذه المشاركة الرسمية، أو أن الرياض رفضت المشاركة المصرية في العمليات في ضوء الشكوك التي أثيرت حول علاقة مصر بالحوثيين خلال الفترة الأخيرة. وأعلنت مصر رسميا مشاركتها في العملية العسكرية باليمن. وقالت الرئاسة المصرية في بيان الخميس، إنه "استجابة للنداء الذى أطلقته الجمهورية اليمنية الشقيقة، كان حتمياً على مصر تحمل مسؤوليتها وأن تلبى نداء الشعب اليمنى من أجل عودة استقراره والحفاظ على هويته العربية، وذلك من خلال مشاركة عناصر من القوات المسلحة المصرية من القوات البحرية والجوية بعد استيفاء الإجراءات الدستورية، لاستعادة الاستقرار والشرعية فى اليمن. وبينما لم توضح الرئاسة في بيانها ما إذا كانت المشاركة المصرية في العملية حصلت بالفعل، أم أنها ستكون مشاركة مستقبلية، قالت إنها تأتي "اتساقًا مع الموقف الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي بدعم الشرعية التي توافق عليها الشعب اليمنى برئاسة الرئيس عبد ربه هادى منصور، وانطلاقًا من مقتضيات مسؤولية مصر تجاه الحفاظ على الأمن القومي العربي بمنطقة الخليج والبحر الأحمر، واستناداً إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية". وأضافت: "تأمل مصر في أن تؤدى هذه الإجراءات العسكرية إلى استعادة أمن واستقرار الجمهورية اليمنية بقيادتها الشرعية، ووأد كل محاولات إثارة الفتن فيها وتهديد وحدتها الوطنية" وقال محمد أبوسمرة، الأمين العام ل "الحزب الإسلامي"، الذراع السياسية ل "جماعة الجهاد"، إن "هناك حالة من الجدل حول عدم مشاركة مصر في العمليات العسكرية ضد الحوثيين، خاصة مع عدم إعلان المتحدث العسكري السعودي عن مشاركة سلاح الطيران المصري في العمليات"، مرجحًا "وجود أزمة مبطنة في العلاقات المصرية السعودية؛ نتيجة شكوك الرياض في دور مصر في تسهيل دخول الحوثيين صنعاء". واعتبر أبوسمرة أن "إيران أخطأت خطًأ جسيمًا يوم أن راهنت على الحوثيين لوضع السعودية بين المطرقة والسندان سواء بتشكيل تهديد للحدود الجنوبية للمملكة مع اليمن أو بسيطرة ميليشياتها على العراق أو إمكانية توظيف الأغلبية السعودية في المنطقة الشرقية للإضرار بأمن المملكة". ورأى أن "إيران قدمت نفسها في ثوب طائفي متطرف عبر المذابح الجارية على الهوية في العراق وسوريا ودعمها للمجازر ضد السنة في كل مكان"، لكنه قال إن "إيران تخطئ بشدة إذ اعتقدت أنها قادرة على تذويب هوية المنطقة بل لا أكون مبالغًا إذا أكدت أن شمس الإمبراطورية التي سعت إيران لتأسيسها ستغرب للأبد ولن يكون لها موطئ قدم في المنطقة".