تشهد تركيا قضية جديدة من سلسلة القضايا المتعلقة ب"الكيان الموازي" المتهم بالتغلغل داخل أجهزة الدولة، حيث تتمحور القضية حول تسريب اسئلة امتحان اختيار موظفين حكوميين، عام 2010، بشكل ممنهج، بغية تسهيل تغلغل اتباع الكيان في مؤسسات الدولة. وعقب 15 شهر من التحري، قامت فرق مكافحة الجرائم المنظمة والمالية، بعمليات توقيف أشخاص شملت 19 ولاية، في 23 مارس الحالي، في ضوء التحقيق الذي اطلقته النيابة العامة. وأمرت محكمة تركية في أنقرة، اليوم، باعتقال 32 موقوفا من أصل 62 أحيلوا إلى القضاء بطلب الاعتقال، كما قررت المحكمة الافراج عن 30 من المشتبهين شريطة وضعهم تحت المراقبة القضائية، في إطار القضية. وكانت السلطات أوقفت 75 شخصا من أصل 82 مطلوبا حتى اليوم، وكان بين الموقوفين 40 موظفا حكوميا. و أخلي سبيل 6 في مديرية الأمن، فيما أرسل 69 منهم إلى القصر العدلي اليوم، وأحيل 62 منهم إلى المحكمة المناوبة مع طلب الاعتقال، فيما جرى اطلاق سراح سبعة. وأنكر معظم المشتبهون التهم الموجهة اليهم لدى أخذ أقوالهم الأولى، وسؤالهم عن كيفية حصولهم على علامة تامة في الامتحان حيث أجاب جلهم بالقول:"لقد درسنا واجتهدنا، ونجحنا"، على حد زعمهم، إلا أن 4 مشتبهين اعترفوا بالتهم، وتبين أن كافة المشتبهين كانوا على تواصل فيما بينهم من خلال جمعية في أنقرة، تتولى توزيع الاسئلة المسربة إلى أتباع جماعة "فتح الله غولن"، التي تصفها الحكومة بالكيان الموازي. واكتشفت السلطات، أن بعض المشتبهين، استخدموا هواتف مسجلة باسماء أشخاص تجاوزا الستين عاما، من أجل تسريب الاسئلة وتوزيعها، ولدى التدقيق في سجلات المكالمات، تبين أن هؤلاء كانوا ممن يترددون على الجمعية، ويقيمون في محيطها. كما توصلت السلطات إلى دلائل تشير إلى جمع 4 من المشبهين تبرعات ومساعدات لصالح الكيان الموازي، كما ضمت قائمة الموقوفين، مسؤولا شرطيا متورطا في القضية. وكانت النيابة أكدت في بيان أنها توصلت إلى أدلة هامة تظهر تسريب اسئلة الامتحان، وتوزيعها، مشيرة إلى أنه لم يسبق أن تمكن أي أحد من الاجابة بشكل صحيح على كافة الاسئلة البالغة 120 سؤالا، في تاريخ الامتحان، قبل دورة 2010، التي شهدت إجابة 350 شخصا على كافة الاسئلة بشكل صحيح. وأردفت النيابة، أن 70 ممن اجابوا على كافة الاسئلة بشكل صحيح، هم أزواج، و23 يرتبطون مع بعضهم بصلات قرابة، فيما تبين أن 52 آخرين يقيمون، إما في العنوان ذاته أو العمارة ذاتها، أو نفس الشارع أو المجمع السكني. وذكرت النيابة أنه "تم التوصل خلال هذه التحقيقات إلى أدلة تشير إلى قيام أشخاص بالتغلغل في مؤسسات الدولة بتعليمات من أشخاص ينتمون إلى الكيان المذكور، وتأسيسهم تنظيما والتحرك سوياً، واستخدامهم لأسئلة الامتحان عن طريق التحايل وبشكل غير مشروع قبل الامتحان، بهدف التغلغل في مؤسسات الدولة". هذا وأشارت النيابة في بيان، آخر، أن هناك 3 آلاف و227 شخصا، تمكنوا من الاجابة الصحيحة على أكثر من 100 سؤال، وبات 616 منهم موظفا لدى الدولة. وكان المدعي العام "يوجال أركمن" الذي يشرف على التحقيق في هذه القضية، قال إن المتهمين يواجهون تهم "تأسيس منظمة إجرامية وإدارتها والانتماء إليها"، و"تزوير في أوراق رسمية"، و"التحايل للإضرار بالمؤسسات والهيئات العامة"، و"طمس أدلة الجرائم"، و"سوء استغلال المناصب"، و"الإفصاح عن معلومات محظورة، وتوفيرها للغير". في سياق متصل تلقى أركمن تهديدات بالهاتف ما استدعى إلى فتح تحقيق آخر بهذا الخصوص والقاء القبض على ثلاثة أشخاص أحدهم مدرس في إحدى المدراس الحكومية، وجرت إحالتهم للقضاء. جدير بالذكر أن الحكومة التركية، تصف جماعة "فتح الله غولن"، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية ب"الكيان الموازي"، وتتهمها بالتغلغل داخل سلكي القضاء والشرطة وذلك وفقا لأدلة تم التوصل إليها نتيجة تحقيقات بهذا الخصوص، كما تتهم عناصر تابعة للجماعة باستغلال مناصبها، وقيامها بالتنصت غير المشروع على مسؤولين حكوميين ومواطنين