أحب الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل، المسجد الأقصى في القدسالشرقية ودفع ثمنا لذلك الملاحقة والاعتقال والمحاكمة من قبل السلطات الإسرائيلية فارتبط اسمه بالمسجد ليطلق عليه لقب "شيخ الأقصى". الشيخ صلاح من مواليد مدينة أم الفحم، (شمال) عام 1958 حيث تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في المدينة قبل أن يحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة الخليل، جنوبي الضفة الغربية. ما إن تخرج حتى اعتقلته السلطات الإسرائيلية عام 1981 اتبعتها بفرض الإقامة الجبرية عليه بتهمة الانتماء إلى "أسرة الجهاد" التي كانت نواة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني. ولكن اسم الشيخ صلاح برز عندما نجح في الانتخابات لرئاسة بلدية أم الفحم وعمره 31 عاما في العام 1989 بعد أن كانت لسنوات طويلة معقلا للحزب الشيوعي الإسرائيلي. ونجح "شيخ الأقصى" بأغلبية كبيرة في رئاسة البلدية مجددا في العام 1993 ولاحقا في العام 1998 قبل أن يستقيل من منصبه في العام 2000 ليرأس مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، وهي مؤسسة أهلية تعنى بالدفاع عن المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى. وبرز اسم الشيخ صلاح مجددا عندما نجح عام 1996، في غفلة من السلطات الإسرائيلية، في ترميم المصلى المرواني، في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى، بعد أن ظهرت مؤشرات عن نية السلطات الإسرائيلية تحويل المصلى إلى كنيس يهودي. حتى ذلك الحين كان المصلى مغلقا ولكن في غضون 4 سنوات تمكنت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات، برئاسة الشيخ صلاح، من ترميمه بالكامل إلى أن بات في العام 2000 مفتوحا أمام المصلين. وقد أغضبت هذه الخطوة السلطات الإسرائيلية فبدأت بملاحقة الشيخ صلاح على نحو أكبر من ذي قبل. وتقول الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني أن الشيخ صلاح تعرض لمحاولة اغتيال في العام 2000 وهو ذات العام الذي شهد انطلاق انتفاضة الأقصى عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون للمسجد الأقصى. ومع تشديد السلطات الإسرائيلية الخناق على مدينة القدس بمنع الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى القدس، أطلق الشيخ صلاح مشروع "البيارق" وهي حافلات تنقل الفلسطينيين العرب من القرى والمدن داخل إسرائيل مجانا إلى المسجد الأقصى لإعماره. ونشط الشيخ صلاح، من خلال مؤسسة الأقصى، في ترميم المسجد الأقصى ومرافقه وكشف المخططات الإسرائيلية التي تستهدفه وبخاصة الأنفاق في أسفله ومحيطه. وفي مؤتمر صحفي في القدس في 5 مايو 2007 قال الشيخ صلاح إن "أعمال مؤسسة الأقصى على مستوى إعمار وإحياء المقدسات وأولها المسجد الأقصى المبارك، كانت السبب الرئيسي الذي منع ضياع القدس والأقصى ومقدسات كثيرة، كما أن مشاريع مؤسسة الأقصى أعادت اليقظة والاهتمام الخاص بقضية القدس والأقصى، وساهمت بصيانة حقنا الديني والتاريخية وصانت وجودنا". ولجأت السلطات الإسرائيلية إلى التضييق عليه فقررت في يونيو 2002 منعه من السفر. اعتقل الشيخ صلاح مجددا في 13 مايو /أيار 2003 بعد اتهامه وعددا من قادة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطينيين بتهمة تبييض الأموال لصالح حركة "حماس". ومكث الشيخ صلاح في المعتقلات الإسرائيلية حتى العام 2005. ولم تتوقف الملاحقات الإسرائيلية للشيخ صلاح والتهديدات بإخراج الحركة عن القانون تارة بتهمة العمل لصالح "حماس" وتارة أخرى بدعوى التحريض ضد إسرائيل. وبلغت المواجهة بين الشيخ صلاح والسلطات الإسرائيلية ذروتها عندما شرعت الجرافات الإسرائيلية بهدم تلة المغاربة المؤدية إلى المسجد الأقصى من جهته الغربية في 2 فبراير 2007. وكتب الشيخ صلاح مقالة آنذاك جاء فيها "في اليوم الأول من هذه الجريمة الإسرائيلية المنكرة كنا نحتشد ما بين باب المغاربة الخارجي الذي يعتبر جزءاً من أسوار القدس القديمة وباب المغاربة الداخلي الخاص الذي يعتبر جزءا من المسجد الأقصى". وشهدت مدينة القدس آنذاك احتجاجات واسعة اتهمت السلطات الإسرائيلية الشيخ صلاح بقيادتها. وبعد منعه من دخول المسجد الأقصى والاقتراب من أسوار البلدة القديمة في القدس لمسافة 150 مترا، أصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس في شهر مارس 2007 قرارا يمنع الشيخ صلاح من اللقاء مع أكثر من 7 أشخاص في مكان عام في القدس فاستقبله آل الحلواني في حي وادي الجوز، القريب من المسجد، على سقف بيتهم. ولعدة أشهر تحول سطح آل الحلواني إلى منطقة يتوافد إليها العشرات من الفلسطينيين يوميا للتضامن مع الشيخ صلاح. وضاقت السلطات الإسرائيلية ذرعا بالشيخ صلاح فأصدرت أمرا عسكريا في 21 ديسمبر 2009 يمنع الشيخ صلاح من دخول القدس بالكامل لمدة 3 أسابيع قابلة للتمديد ستة أشهر إضافية. ومنذ ذلك الحين يتم تمديد هذا القرار وحتى الآن حيث لا يسمح للشيخ صلاح بالدخول إلى القدس إلا لحضور جلسات محاكمة تعقد ضده. وفي 13 يوليو 2010 حكمت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس بالسجن لمدة 5 أشهر على الشيخ صلاح بتهمة التحريض في الأحداث التي أعقبت هدم تلة المغاربة حيث بدأت فترة السجن في 25 من ذات الشهر إلى أن أطلق سراحه في 12 ديسمبر/كانون أول من ذات العام. وأوقفت السلطات الإسرائيلية الشيخ صلاح للتحقيق في مايو 2010 بعد مشاركته في أسطول الحرية لفك الحصار على قطاع غزة. وعادت السلطات الإسرائيلية لاعتقاله في 22 فبراير 2011 ومكث في السجن حتى 2 مارس من ذات العام بتهمة التواجد في القدس. وفي يونيو 2011 أصدرت وزيرة الداخلية البريطانية أمرا بترحيل الشيخ صلاح من بريطانيا باعتباره"خطر على الأمن العام في بريطانيا"، وذلك استجابة لدعوة تقدمت بها مؤسسات مؤيدة لاسرائيل في بريطانيا ضده أثناء زيارة له إلى هناك. وعادت السلطات الإسرائيلية لاعتقال الشيخ صلاح ليومين في 3 سبتمبر 2013 أثناء توجهه للمشاركة في مؤتمر صحفي في القدس حيث جددت بعد هذا الاعتقال إبعاده عن مدينة القدس. وفي 10 نوفمبر 2014 أدانت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس الشيخ رائد بالتحريض على العنف وبالتحريض على العنصرية وأحالت قرارها إلى محكمة الصلح لإصدار حكمها عليه. وفي 25 من ذات الشهر أصدرت السلطات الإسرائيلية أمرا بمواصلة منعه من السفر إلى الخارج . ووصلت رحلة كفاح الشيخ رائد صلاح مرحلة جديدة حيث أصدرت محكمة "الصلح الإسرائيلية" في مدينة القدس، حكمًا بالسجن 11 شهرًا بشكل فعلي، وثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ على الشيخ رائد صلاح، على خلفية ما يعرف بملف "خطبة وادي الجوز". واتهمت النيابة العامة الإسرائيلية صلاح ب"التحريض على العنف والتسبب في اندلاعه بعد الخطبة"، فيما اعتبرت الحركة الإسلامية في إسرائيل، في بيان على موقعها على الإنترنت أن "قرار الحكم جاء على خلفية جريمة الاحتلال بهدم جزء من المسجد الأقصى، طريق باب المغاربة بتاريخ 6 فبراير 2007".
ويعود أصل القضية إلى السادس من فبراير/ شباط 2007 حينما ألقى الشيخ صلاح كلمة في تجمع في حي وادي الجوز، في القدسالشرقية، أدان فيه شروع السلطات الإسرائيلية بهدم طريق المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى من جهته الغربية.