أشاد "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" ب "دهاء" حزب "النور" السلفي الذي يضع نفسه في خانة الشريك في المعركة التي يشنها نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي ضد التهديدات المحلية والإقليمية الناشئة عن التنظيمات الإرهابية. ورجح أن "موقف الحزب يرتبط باستراتيجيته الأكبر التي تهدف إلى الحفاظ على قاعدة ناخبيه وأمنه الحسي سعيًا إلى نشر تعاليمه السلفية - وهذه مقاربة قد تؤتي ثمارها خصوصًا على ضوء الماضي الكارثي لجماعة "الإخوان المسلمين" في الحكم وعلى ضوء إمكانية اهتمام النظام بتطوير التحالفات والمصداقية على المستوى الشعبي". وأشار يعقوب أوليدروت، المتخصص في تاريخ وفكر الحركات السلفية والجماعات الإسلامية بالشرق الأوسط بمعهد واشنطن، إلى ما سماه ب "موقف السكينية، (أي الهدوء واللافعالية السياسية)، الذي تبنته حركة "الدعوة السلفية"، لافتًا إلى أنه جاء "متشابهًا إلى حد كبير مع نظرائها في المنطقة الذين ادعوا تبني الموقف نفسه، كما أنه كان إيديولوجيًا بقدر ما كان عمليًا". وأوضح أنه "من الناحية العقائدية، انبثق هذا المذهب عن اهتمامات العلماء السلفيين في توجيه المسلمين نحو "تطهير" الممارسات والمعتقدات الدينية عوضًا عن الدخول في المنازعات السياسية المباشرة كما فعل "الإخوان المسلمون". ولفت إلى الانتقادات التي وجهها السلفيون إلى الجماعات أمثال "الإخوان المسلمين" و"حزب التحرير" باعتبارها حركات فقهية لا أهمية أو سلطة حقيقية لها اندفعت إلى التعبئة السياسية بدلاً من أن تعمل أولاً على تصحيح فهمها للممارسات والمعتقدات الدينية. ومن ثم وسّع السلفيون نقدهم هذا ليشمل الجهاديين أيضًا. أما من الناحية الأكثر عملية، فقال التقرير: "جاءت سكينية حركة "الدعوة السلفية" كرد فعل على تنامي ارتياب الحكومة وعمليات القمع المتكررة التي تعرض لها أعضاء الحركة بسبب ظهور موجة من الحركات الجهادية ونشاط العمل السياسي ل "الإخوان المسلمين". ووصف تأسيس حزب "النور" في يونيو 2011 بأنه مثل "خطوة مفاجئة وبالغة الأهمية في آن واحد"، واعتبر أن "الأمر الأكثر إثارة للاهتمام، هو قدرة هذا الحزب الجديد على حصد أكثر من ربع مقاعد البرلمان المصري بعد الإطاحة بحسني مبارك". ومع إشارته إلى افتقار مؤسسي حزب "النور" إلى الخبرة السياسية، إلا أنه وصفهم بأنهم "يتمتعون بقدرٍ عالٍ من الحنكة في تشريع وجودهم منذ البداية وفي كسب تأييد واسع النطاق". وقال إنه "عند صياغة هوية الحزب، سلك المؤسسون الطريق نفسها التي وطأها كل أسلافهم المصريين وكذلك السلفيون في الأماكن الأخرى على مرّ القرن العشرين - فأرسوا توازنًا بين الالتزام المزمع بمنهجية معينة من جهة، والابتعاد عن كافة أشكال انعدام الاستقرار السياسي، ولا سيما الجهادية، من جهة أخرى". وتابع "على الرغم من أن قوة الداعمين السعوديين قد ساهمت حتى الآن في صمود حزب "النور"، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن الدهاء الاستراتيجي الذي أظهره قادة الحزب في بلورة مكانته بعناية كممثل عن كل المجتمع المصري وشريك شرعي للحكومة". وأرجع أحد أسباب ذلك إلى أن "حزب "النور" هو الحزب السلفي الوحيد الذي يدعم الحكومة العسكرية للرئيس السيسي؛ وفي الواقع، كان من أوائل وأشد الداعمين للانقلاب الذي نفذه السيسي للإطاحة بحكومة محمد مرسي". ولفت إلى أنه "بينما تطبق حكومة السيسي يدها على الأنشطة الجهادية وتستمر المنطقة بالتأجج بعمليات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) والتنظيمات المتفرعة عنها، واظبت قيادة حزب "النور" على الترويج لنفسها عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة الشريك في مكافحة الإرهاب". وأوضح أنه "في ضوء هذا الانتقال الحذر من حالة السكينية إلى حالة النشاط السياسي، والتحول الجذري من تأييد "الإخوان المسلمين" إلى تأييد حكومة السيسي - في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة والبلاد ككل تحديات أمنية من الحركات الإسلامية - فإن الخطوات التي يقوم بها حزب "النور" حاليًا لتصوير نفسه كشريك في مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن المحلي قد يكون لها تفسيرٌ عملي، وهو أنها محاولات للحفاظ على قاعدة دعمه وللنأي بنفسه عن أي عملية حكومية لقمع الانشقاقات الدينية".