ؤوفي تعليق على الدراسة، أوصى "سيريغن عثمان باي" خبير اقتصادي واستاذ بجامعة "الشيخ ديوب" بداكار (السنغال) في حديث مع الأناضول المسئولين والقوى الحية في هذه المنطقة وفي القارة بشكل عام بمراجعة عقود الشراكة مع أوروبا وبقية العالم كي لا تبقى إفريقيا تلعب دور "خزان للمواد الأولية" لفائدة الأجانب على حساب أبنائها، ما يعني بطريقة أخرى، ان تخضع هذه العلاقات لقاعدة الربح المنصفة من الجانبين. وتقدر "وكالة الطاقة الدولية (آ إي آو) ، استنادا إلى بحوث جيولوجية أجريت حديثا أن يرتفع إنتاج منطقة إفريقيا جنوب الصحراء من الغاز الطبيعي بحلول عام 2040 ليبلغ 175 مليار متر مكعب في السنة مع ظهور منتجين جدد لهذه الثروة الطبيعية في تلك المنطقة مثل أنغولاوالموزمبيقونيجيريا وتنزانيا. وفي الوقت الراهن، يحتل بلدان من خارج منطقة إفريقيا جنوب الصحراء رأس قائمة البلدان المنتجة للغاز الطبيعي في القارة، هما : الجزائر بإنتاج بلغ 86.5 مليار متر مكعب/السنة ومصر بإنتاج بلغ 59 مليار متر مكعب /السنة. تقرير "وكالة الطاقة الدولية" حول آفاق الطاقة بإفريقيا الذي تم تقديمه في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بالعاصمة البلجيكية بروكسال"، أفاد بأن إنتاج الغاز الطبيعي في إفريقيا جنوب الصحراء، قفز من 7 مليار متر مكعب/سنة عام 1990 إلى 58 مليار متر مكعب/سنة عام 2012، ومن المنتظر أن يبلغ 175 مليار متر مكعب/سنة في غضون عقدين. المصدر ذاته أشار أيضا إلى أن نيجيريا تبقى أول مستهلك و منتج للغاز الطبيعي في المنطقة ب 35 مليار متر مكعب/سنة، غير ان مركز ثقل المشاريع الغازية الجديدة انتقل نحو السواحل الشرقية للقارة ونحو الاكتشافات الكبيرة التي قامت بها الشركات المعدة للتصدير في كل من الموزمبيق وتنزانيا، على الرغم من أن الحجم الكبير لهذه المشاريع وانعزال مواقعها، يرهن إلى حد كبير تاريخ الانطلاق في إنتاجها الفعلي. في هذا الخضم، تبرز الموزمبيق كإحدى الدول التي تتميز على غيرها بقرب تواريخ تنفيذ مشاريعها الغازية على الرغم من قيمة وحجم هذه المشاريع. فضلا عن ذلك، فإن تصدير الغاز الطبيعي مرورا بالسواحل الشرقية للقارة يبدو عملية سهلة نتيجة القرب النسبي للأسواق الآسيوية المستوردة للغاز، كما أن البلدين (موزمبيق وتنزانيا) أبديا عزمهما على الذهاب باتجاه تنمية أسواقهما الغازية الوطنية التي مازالت في المرحلة الجنينية، بحسب تعبير "وكالة الطاقة الدولية". / من هذا المنطلق، تلفت "وكالة الطاقة الدولية" إلى أن "دول إفريقيا جنوب الصحراء التي تحتكم على احتياطات هامة من الغاز الطبيعي، بإمكانها ان تدعم تنميتها الاقتصادية الداخلية و ترفع من مداخيلها المتأتية من الصادرات، بشرط إنشاء القوانين و الأسعار والبنى التحتية الملائمة". ويذهب تحليل تقرير الوكالة المتخصصة إلى أنه يتعين على دول القارة السمراء، الحث على استعمال الغاز الطبيعي، بالموازاة مع الإصلاحات التي سيستفيد منها قطاع الكهرباء والمشاريع الغازية. غير أن التقرير يلفت في الوقت ذاته إلى أن عملية احتراق الغاز التي تسجلها بلدان المنطقة، كانت سببا في هدر أكثر من 1000 مليار متر مكعب من الغاز على مر السنين، وهي خسائر، يقول التقرير، كانت كافية لتلبية حاجيات منطقة إفريقيا جنوب الصحراء برمتها من الطاقة الكهربائية لو استعملت في هذا الغرض. من جهة أخرى، يؤكد التقرير على ان هذه الإمكانات الإنتاجية الضخمة ستمكن دول إفريقيا جنوب الصحراء من تخطي روسيا، المنتج الأول للغاز الطبيعي على مستوى العالم حاليا والذي سيبلغ إنتاجه 130 مليار متر مكعب/سنة، بحلول 2040. هي احتياطات عملاقة من الثروة الغازية ستمكن أيضا من الرفع من عدد سكان القارة السمراء الموصولين بإمدادات الطاقة الكهربائية، ليبلغ عددهم مليار شخص بحلول عام 2040، وذلك بفضل النمو الكبير الذي تعرفه المنطقة والالتزامات المهمة بمشاريع مختلفة وصلت قيمتها الجملية إلى 25 مليار دولار. في الوقت الراهن يوجد 620 مليون إفريقي، أي ثلثي سكان المنطقة، يعيشون دون نور كهربائي. وللاستفادة من هذا المخزون الهائل من الثروة الطبيعية، أوصى "سيريغن عثمان باي" خبير اقتصادي واستاذ بجامعة "الشيخ ديوب" بداكار (السنغال)، المسئولين والقوى الحية في هذه المنطقة وفي القارة بشكل عام، "بمراجعة عقود الشراكة مع أوروبا وبقية العالم كي لا تبقى إفريقيا تلعب دول "خزان للمواد الأولية" لفائدة الأجانب على حساب أبنائها. أي أنه يجب على هذه العلاقات أن تخضع لقاعدة الربح من الجانبين. ويقول "باي" إن الثروات الطبيعية، بما في ذلك المخزون الغازي، لن تعود بالفائدة على الأفارقة، إلا إذا ما تمت إدارتها بشكل ملائم، يتوافق مع قواعد وأسس الحوكمة الرشيدة. وعن موضوع استغلال الثروات الطبيعية بالقارة الإفريقية، يقول الخبير:" ينبغي أن يتوقف فيه الوضع الذي تلعب فيه إفريقيا دور خزان المواد الأولية الذي يأتي الآخرون لاستغلاله دون إبداء أي حرج في ذلك و دون ان ترى الشعوب الإفريقية التداعيات الإيجابية لثرواتها، لا سيما فيما يخص تحسين مستوى العيش". ويستعرض "باي" جملة من الاقتراحات يعتبر أنها قد تسهم في إيجاد وضع تنال من خلاله الدول الإفريقية حصتها من التنمية، ومن بين هذه الاقتراحات، تنويع علاقات الشراكة مع دول أخرى وذلك يمثل "واجبا عاجلا" بحسب الخبير الذي يرى ان دول البريكس (البرازيلوروسيا والهند و الصينوجنوب إفريقيا) و دول الاقتصاديات الصاعدة، قد تضمن التعامل في إطار الاحترام المتبادل وعبر أخذ المصالح غير القابلة للمساومة للشعوب الإفريقية بعين الاعتبار" . يتابع "باي" بالقول، كمن يسعى إلى إثبات الثابت، إنه كي تتحول الثروة الطبيعية إلى نعمة على مالكيها يتعين على جميع الدول الإفريقية التوقيع على اتفاقات الإيتي (المبادرة من أجل الشفافية في الصناعات الاستخراجية)، بما أنه من البداهة القول بأن "الفساد و نقص الشفافية يدمران مجهودات التنمية". ويربط الخبير بين التأخير المسجل في استغلال هذه الاحتياطات الغازية التي تزخر بها المنطقة، وبين عدم التمكن من التكنولوجيا المتقدمة، ذلك فضلا عن ندرة الموارد المالية، وجميعها عوامل تعطل اكتشاف واستغلال الثروات الطبيعية التي تزخر بها القارة. وختم "باي" بالقول: "من الضروري عكس هذا التوجه عبر الاستثمار في التعليم وفي المسارات الدراسية العلمية والتكنولوجية المبتكرة على وجه أخص ،لإعداد الأجيال المستقبلية لإزالة الغشاوة وللوصول إلى المعرفة".