قال تقرير لوكالة "رويترز" إن مصر تواجه مشكلة اجتماعية شديدة الخطورة، هي تزايد أعداد المدمنين على تعاطي المهدئات ومسكنات الألم. وجاء ضمن نتائج البحث القومي للإدمان أن 9.6 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 87 مليون نسمة يتعاطون المخدرات. وغالبية العقاقير المخدرة التي يؤدي تعاطيها إلى الإدمان هي في الأصل مهدئات أو مسكنات للألم أو منشطات تولد شعورًا بالنشوة عند تعاطي جرعات كبيرة منها. في القاهرة يقدم مستشفى الصحة النفسية بالعباسية، مجموعة من الخدمات الطبية المتخصصة لعلاج الإدمان وإعادة تأهيل المدمنين. يتبع المستشفى وزارة الصحة وتشير سجلاته إلى أنه استقبل 16850 مريضًا بالإدمان في عام 2014 بزيادة 60 في المائة على عام 2013. كثير من المترددين على وحدة طب الإدمان بالمستشفى، يعالجون من آثار عقار ترامادول، أحد مشتقات الأفيون الذي يوصف لتسكين الألم. وعقار ترامادول هو ثاني أكثر أنواع المخدرات انتشارًا في مصر، ويتراوح ثمنه بين 30 و50 جنيهًا مصريًا للشريط للشريط. رغم أن ترامادول يفترض ألا يصرف إلا بأمر الطبيب، فإنه يشيع بيعه في كثير من المناطق. وكل مرضى الإدمان الذين التقتهم "رويترز" بمستشفى العباسية، طلبوا الاكتفاء بذكر أسمائهم الأولى. وقال محمد إن عدد المتعاطين عقار ترامادول من جيل الشباب في زيادة. وأضاف: "على الوقت اللي كنت فيه كان فيه نسبة كبيرة وللأسف للأسف للأسف يعني في ازدياد. يعني لحد الإجازة اللي أنا نزلتها من المستشفى يعني اتضح لي أن فيه ازدياد وناس قابلة عليه مع ازدياد سعره ومع أن هو مش موجود في السوق. يعني الشباب بقى أكثر وأكثر في زيادة". بدأت المشكلة مع عقار ترامادول في مصر فيما يبدو باستخدامه في غير الأغراض التي يوصف لها في الأصل. وقال الدكتور عبد الرحمن حماد، الطبيب بوحدة طب الإدمان في مستشفى الصحة النفسية "حصل من أكثر من عشر سنين.. يمكن من 12 إلى 15 سنة أن بدأ تعاطي.. بدأ تداول الترامادول خارج الإطار الموصوف له.. فكان يتوصف لآلام غير الآلام اللي موصوف لها. كان بيتوصف لحالات زي الصداع.. بدأ يتوصف للسيدات بسبب ألم الدورة الشهرية.. وبدأ ناس يأخذوه عشان الجنس أو مشاكل الجنس بالذات سرعة القذف.. بدأ ناس تأخذه وبيتقال عليه منشط". ثم أصبح المروجون يبيعون ترامادول كعقار مخدر في كثير من المناطق في مصر مع زيادة الكميات المهربة منه إلى داخل البلد خلال الفترة التي أعقبت انتفاضة 2011. وعزا حماد زيادة معدلات الإدمان في السنوات الأربع الماضية، إلى عدة عوامل. قال "زيادة نسبة الإدمان بعد الثورة لعدة أسباب.. أو ارتباط ظاهرة الإدمان أكثر..الانفلات الأمني.. الحدود.. عادة.. احنا بلد أصلاً بلد عبور للمخدرات. احنا بلد غير منتجة للمخدرات. وتبذل أجهزة الأمن المصرية جهودًا مضنية في الوقت الراهن للتصدي لهجمات المتشددين الإسلاميين وسلسلة التفجيرات التي تستهدف الشرطة والجيش والمرافق في أنحاء البلد. وتدرك السلطات تمامًا أن العلاج وإعادة تأهيل المدمنين ليسا إلا جزءًا صغيرًا من علاج المشكلة.
وقال محمود الذي يعالج بمستشفى الصحة النفسية "أنا اتدمرت حياتي بمعنى أصح. دخل معايا في سكك أن أنا اتدمرت اجتماعيًا ونفسيًا وماديًا. حطني في حتة كدا مش حلوة وهو كان السبب الرئيسي في مجيئي مثلا المكان هنا للمصحة". وصادرت أجهزة الأمن 151 مليون قرص من عقار ترامادول في عام 2014 ضمن إجراءات مكافحة المخدرات. كما أنشأت الحكومة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي الذي خصص خطًا هاتفيًا لمساعدة المدمنين والرد على تساؤلاتهم بخصوص العلاج وإعادة التأهيل.