ناقش مجلس الشورى، خلال جلسته الصباحية اليوم الأحد برئاسة الدكتور أحمد فهمى، تقرير لجنة الصحة والسكان والبيئة عن الإدمان وخطورته على مستقبل الشباب المصرى. وحذر التقرير من إرتفاع نسبة التعاطى فى القاهرة لتصل إلى 7\% مع تصاعد نسب استعمال المخدرات فى مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل مضطرد حيث قفز مؤشر استخدام المخدرات فى الفئة العمرية فوق 15 سنة من 4ر6\% إلى 30\%. وكشف عن انخفاض ملحوظ فى سن التعاطى ليصل إلى مرحلتى الطفولة والمراهقة حيث تدنى سن بدء التعاطى إلى 11 عاما وسن بداية التدخين إلى 9 سنوات بينما كان فى السابق يتراوح ما بين 30 و40 عاما، محذرا من غياب دور الأسرة حيث أن 58\% من المدمنين يعيشون مع الوالدين أى تحت رقابتهم. وأضاف "أن الكارثة التى نعانى منها اليوم هى سوء استعمال الأدوية الصيدلانية ومنها عقار (الترامادول)".. مشددا على أن عقار الترامادول يأتى كأكثر أنواع المخدرات انتشارا الآن يليه مشتقات القنب ثم المورفينات والمهدئات والمنشطات. وانتقد التقرير اعتبار أقسام علاج الإدمان جزءا من مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية ما يؤدى إلى مردود غير مرغوب فيه. كما انتقد الاختلاط فى المصحات بين الحالات المحولة من المحاكم والحالات التى تأتى متطوعة، مشيرا إلى أنه مازال من غير الممكن حجز المدمنين الأقل من 18 سنة عندما يتقدمون من تلقاء أنفسهم أو من خلال أسرهم نتيجة لمشكلات تتعلق بالتشريع الخاصة بهم. وقال "إن نبات (البانجو) هو المخدر المنتشر حاليا فى مصر، لكن على الرغم من ذلك لا يوجد قانون يعاقب من يزرع البانجو حين تكون الزراعات فى أراض مملوكة للدولة فى المناطق الصحراوية".. لافتا إلى أن أول رصد لظهور مخدر (الحشيش) كان عام 1800 أثناء وجود الحملة الفرنسية وصدر حينها أول تشريع بتجريم الحشيش، ولم ينقطع حتى الآن. وأكد تقرير لجنة الصحة والسكان والبيئة عن الإدمان أن هناك معتقدات خاطئة وشائعة بين الشباب عن المخدرات تتمثل فى أن 6ر30\% من المدمنين يتصورون أن المخدرات تؤدى إلى زيادة القدرة البدنية لفترات أطول، و6ر36\% يعتقدون بالخطأ أنها تؤدى إلى نسيان الهموم و8ر34 \% يلجأون إليها للتغلب على الاكتئاب. وتطرق التقرير إلى الاستراتيجيات القومية لمكافحة الإدمان التى صاغها مجلس مكافحة وعلاج الإدمان، حيث أوضح أن عملية العلاج تواجه تحديات أهمها عدم تناسب السعة السريرية لعلاج الإدمان مع الأعداد المتزايدة من المرضى وضعف آليات المتابعة والرعاية اللاحقة على عملية العلاج. وأوضح أن تلك الاستراتيجيات اقترحت إنشاء لجنة عليا مركزية تقوم على تجهيز مشروع مجتمع علاجى على المستوى القومى للمدمنين والمتعاطين وإنشاء وتحديث قاعدة بيانات وطنية تشمل جميع المستشفيات والعيادات والمراكز العلاجية الخاصة والعامة. وشدد التقرير على دور الجمعيات الأهلية فى الوقاية والعلاج من الإدمان وكذا دور الإعلام فى مكافحته.. وأوصى بزيادة دور الإعلان فى التوعية بمشكلة الإدمان وفرض رقابة على الحدائق العامة وفى الشوارع والأكشاك القريبة من المدارس للسيطرة على سوق ترويج المخدرات. كما أوصى بأن يتم الإقلال من المشاهد فى الأعمال الفنية والمسلسلات، التى تحبب المشاهدين، وخاصة الشباب، فى المخدرات، والتى تظهر المتعاطى للمخدرات على أنه شخص خفيف الظل، ومراجعة التشريعات الخاصة بالمخدرات وإيجاد آليات لتفعيل قوانين مكافحة التدخين، لاسيما وأن التدخين هو الباب الملكى لدخول عالم المخدرات.. مؤكدا أن العلاقة وثيقة بين التدخين وإدمان المخدرات. وخلال مناقشة مجلس الشورى تقرير لجنة الصحة والسكان والبيئة عن الإدمان، حذر النائب محمد سيد رمضان من خطورة الوضع الحالى ومحاربة العدو القادم بعد ظهور الأرقام المفزعة سواء كانت على المستوى المحلى أو الدولى.. موضحا أن آخر إحصائية قامت بها وزارة الصحة وجامعة القاهرة أكدت أن 60\% من شباب الجامعات والمعاهد العليا مدمنون، وأن 30 \% يجرب التعاطى لمرة واحدة فى الأفراح، وأن تكلفة الإدمان فى مصر تصل إلى 13 مليار جنيه فى العام الواحد. ولفت إلى أن إحصائيات الأممالمتحدة توضح أن عدد المدمنين فى مصر يصل إلى 5 ملايين شخص.. فى حين أكد مركز البحوث الاجتماعية أن مصر تحتل المرتبة الثانية فى الإدمان بين الدول الأفريقية وأن هناك 8 ملايين مدمن وأن هناك نحو 250 مليون قرص ترامادول يدخل مصر. وقال "للأسف أن هذه الأقراص ثبت بعد تحليلها أنها مغشوشة وتأتى من الصين والهند.. متسائلا أين دور الأجهزة الأمنية من هذه الكارثة خاصة وأنه يتم الإتجار والتعاطى فى الشوارع والقرى وداخل الأفراح الشعبية فضلا عن قيام بعض الصيدليات ببيع جميع أنواع الحبوب المخدرة دون وجود أية رقابة. ووجه النائب انتقادات حادة إلى وسائل الإعلام والأعمال الدرامية التى تعرض على شاشات التلفزيون وإذاعة الأغانى الهابطة، وأيضا ما تناولته المسلسلات الرمضانية. من جانبها، أكدت ممثل وزارة الشئون الاجتماعية إيناس الجعفراوى أن مشكلة الإدمان هى بالأساس مشكلة اجتماعية، مطالبة بزيادة دور الأسرة فى متابعة أبنائهم ورصد سلوكياتهم وأى تغيير يطرأ عليها. وانتقدت تغيير ممثل الوزارة فى المجلس القومى لمكافحة الإدمان مع تغيير كل وزير، مشيرة إلى أهمية دور الإعلام، وخفض تكاليف الحملات الإعلامية للتوعية بمشكلة المخدرات.. ولفتت إلى ضرورة استمرارية حملات التوعية بخطر الإدمان، وكذلك التوعية بطريقة استعمال الأدوية. وأوضحت أن صندوق مكافحة المخدرات يبذل جهدا كبيرا بالتعاون مع العديد من الجهات المحلية والإقليمية والدولية، ومنظمات المجتمع المدنى، والأحزاب، لافتة إلى أن هذا الجهد لا يتضح بسبب ضعف الميزانية والتكلفة الضخمة للحملات الإعلامية. وأشار اللواء سامح الكيلانى وكيل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية إلى أن أجهزة الوزارة تبذل جهودا مكثفة لمواجهة مشكلة انتشار المخدرات على نطاق واسع وصادرت أكثر من 10 ملايين قرص ترامادول خلال الأشهر القليلة الماضية، فضلا عن كميات ضخمة من الحشيش ومخدر البانجو. من جانبه، أكد الدكتور مصطفى محمد فهمى مدير الصحة النفسية بوزارة الصحة على ضرورة زيادة عدد مستشفيات علاج الإدمان، مشيرا إلى أن وزارة الصحة تقوم بجهد كبير فى هذا الشأن لكن هناك مفاهيم مجتمعية تحتاج إلى تغيير. وقال "إن انتشار الإدمان على أقراص الترامادول فى الفترة الأخيرة يرجع إلى دخول كميات كبيرة مهربة إلى البلاد، فضلا عن أنه أسهل فى الاستخدام عن باقى المخدرات وأنظف فى الاستعمال أيضا"، لافتا إلى أن هذا العقار بدأ ينتشر بين ربات البيوت اللاتى يستخدمنه لمساعدتهن فى القيام بالأعمال المنزلية دون إحساس بالألم. وأوضح أن وزارة الصحة ستخصص خطا ساخنا للعلاج من إدمان عقار الترامادول كخطوة على طريق مكافحة انتشار هذا العقار والإدمان عليه. وبدوره، نبه الدكتور عبدالغفار صالحين رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى إلى أن ضخامة مشكلة المخدرات ولاسيما عقار الترامادول ترجع إلى غياب الرقابة على حدود مصر فى سيناء وغربا مع ليبيا. ومن جهته، طالب محمد حافظ رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشورى بوضع ضوابط للحد من انتشار المخدرات وتطبيق اختبار المخدرات على الطلاب عن التحاقهم بالجامعات، وكذلك على المتقدمين لشغل الوظائف المختلفة والكشف الدورى على السائقين، فضلا عن تشديد الرقابة واتخاذ إجراءات للحد من انتشار المخدرات وترويجها. وتعود الجلسة للانعقاد بعد أن رفعت للاستراحة قصيرة .