بعد العودة من جديد الى " المربع صفر " فى الإنتخابات البرلمانية بسبب عدم دستورية المواد الخاصة بتقسيم الدوائر ، ومنع مزدوجى الجنسية من الترشح .. والإنتظار مرة ثانية أن تقوم – نفس اللجنة – بإصلاح هذا العوار الدستورى الذى أوقعتنا فيه .. والتى كانت لا تستمع إلآ لأصوات أعضائها فقط لا غير .. وضربت- للأسف الشديد - بملاحظات وأراء الأحزاب والقوى السياسية عرض الحائط!..أحسب أننا يجب أن نطرح للمناقشة المجتمعية العودة للأخذ بمبدأ الرقابة السابقة على بعض مشروعات القوانين التى سوف يصدرها البرلمان القادم ، أو مجلس الوزراء - حاليا - وقبل توقيعها من رئيس الحمهورية . فدستور 2012 نص على الرقابة السابقة فى مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللإنتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية بعرضها على المحكمة الدستورية .. بينما نص دستور 1971 بعد التعديلات التى اجريت عليه فى عام 2005 عند تعديل المادة 76 الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية على وجوب عرض مشروع الأنتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية قبل صدوره .. واستمرهذا المبدأ ايضا فى تعديلات 2007 التى شملت 34 مادة .. ولكن دستور 2014 الغى الرقابة السابقة تماما ً.. ونص فى المادة 193 على أن المحكمة الدستورية العليا تتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعة .. أى الأخذ بمبدأ الرقابة اللآحقة . والحقيقة إن الرقابة السابقة - رغم اعتراض بعض فقهاء الدستور عليها - فإنها يمكن أن تنقذنا من بعض هذه القوانين الباطلة ، وضمان عدم الطعن عليها بعد صدورها . وهى ليست بدعة أو اختراعاً مصرياً .. ولكن تأخذ بها بعض الدول الأوربية مثل فرنسا والنمسا وإيطاليا وبعض الدول العربية كالمغرب وتونس . وأذكر اننى اختلفت كثيرا مع المستشار الجليل عوض المر رئيس المحكمة الدستورية الأسبق - رحمه الله -فى أحد حواراتى معه حول الرقابة السابقة واللآحقة .. فقد كان من أشد أعداء الرقابة السابقة لإنها سوف تأكل الرقابة اللآحقة على حد قوله لى .. وأن القوانين تفسد حين تصدر بصورة متعجلة .. وأن الرقابة السابقة كالرقابة المتعجلة، لأنها تنظر إلى القانون قبل أن يطبق ، وقبل أن تتبين الآثار الوخيمة المترتبة على هذا التطبيق.. وضرب لى المستشار د. عوض المرمثلا بعلاج مريض بدون تشخيص.. فالتطبيق هو الذى يشّخص لنا العيوب. وكان يؤكد لى دائماً : إن بعض الدول بلغ الرأى العام فيها درجة من النضج لم نصل إليها، وأن الدول الأوروبية التى استدل بها توجد فيها جماعات ضغط تحسب لها الحكومة ألف حساب. أما فى مصر وبعض الدول الأخرى فالأرضية غير ممهدة لذلك!. *** ولكن يبدو اننى سأبقى على خلافى مع د.المر بضرورة العودة مرة أخرى للنص فى دستور 2014 بعد تعديله - إن أجلاً أو عاجلاً – على إعادة الرقابة السابقة على مشروعات القوانين بسبب ضياع الوقت والجهد والمال فى اصدار قوانين يشوبها العوار الدستورى .. وتعود مرة اخرى إلى لجان الغرف المغلقة لإصلاح ما افسده جهابذة التشريع فى بلدنا بسبب التسرع فى إصدار القوانين الباطلة وكان اخرها قانون الدوائر وقانون مجلس النواب .. ونعود مرة أخرى من أول السطر فى العملية الإنتخابية .. ولله الأمر من قبل ومن بعد !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.