"أتعهد بأننى لا انتمى إلى جماعة الإخوان المحظورة ولم أمارس أى أعمال عنف وأننى أريد التصالح مع الحكومة، وأرجو من إدارة السجن توصيل هذه الرسالة للمسئولين"، هذا هو نص ما يسمى بإقرار التوبة الذى يوقع عليه من يريد الإفراج عنه من داخل السجون أو المصالحة مع الدولة والتبرؤ من جماعة الإخوان المسلمين. وقد أثارت إقرارات التوبة من قبل أعضاء جماعة الإخوان لغطًا سياسيًا وجدلاً كبيرًا ما بين مؤيد ومعارض لها غير أن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء هانى عبد اللطيف، نفى أى دور للوزارة فى توزيع تلك الإقرارات داخل السجون، مؤكدًا أن دور الوزارة ليس طرح المبادرات السياسية، وإنما تنفيذ القانون، وأنها لا تمتلك سلطة الإفراج عن أحد أو حبسه. وسواء نفت الداخلية أم لم تنف، فقد وقع العديد من المعتقلين على إقرارات التوبة ولكن يبقى السؤال الأهم هل التوقيع على الإقرارات هو بداية مصالحة بين الإخوان و الدولة أم أن المعتقل يوقع عليها هروبًا من التعذيب داخل السجون؟. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء المحللين حول توقيع جماعة الإخوان المسلمين على إقرارات التوبة وهل هى بداية لمصالحة الدولة مع جماعة الإخوان المسلمين أم هروب لأعضاء الإخوان من التعذيب داخل المعتقلات؟. عمارة: بداية لتصالح شباب الجماعة مع النظام الحالى فى البداية يقول عمرو عمارة منسق حركة إخوان منشقون، إن موضوع إقرارات توبة الإخوان تعود إلى شهر أكتوبر الماضى عن طريق ترحيب الدولة بالتواصل مع شباب جماعة الإخوان وبعدها تواصلت الحركة مع بعض شباب الجماعة وهو ما أسفر عن توقيع 300 إخوانى على إقرارات التوبة. وأنه بعد هذه الإقرارات كنا ننوى تأهيل هؤلاء الشباب من خلال مراجعات فكرية نقدمها لهم بالتعاون مع الأزهر الشريف أو مع أحد الإخوان المتراجعين عن فكر الجماعة ولكن الظهور الإعلامى لبعض الأشخاص جعل كل هذا يصل إلى نقطة الصفر، فهناك بعض الشخصيات هدمت ما قمنا به من خلال إظهار الملف إعلاميًا. وأشار عمارة، إلى أن إقرارات التوبة التى حصلت عليها الحركة كانت من شباب إخوانى حر غير مسجون، ووقع عليها عدد من أهالى هؤلاء الشباب كضمانة منهم لعدم عودة أبنائهم للتظاهر، فتلك الإقرارات كانت بمثابة حسن نية من شباب الجماعة قبل خوضهم للمراجعات الفكرية، فنحن نريد عودة شباب الإخوان إلى الوطن ونبذل كل جهد لإقناعهم بالتوقف عن نشاطهم ضمن الجماعة فهذه المراجعات والإقرارات هى بداية لتصالح شباب الجماعة مع النظام الحالي. سالم: حيلة تستعملها السلطة لقهر إرادة التيار السياسى ويوافق عليها قلة هربًا من التعذيب من جانبه يقول مجدى سالم القيادى بتحالف دعم الشرعية، إن ما يعرف بالتوبة هى حيلة تستعملها السلطة لقهر إرادة التيار الإسلامى فهذه الحيلة قد استعملت مع اليسار والإسلاميين وحتى مع ما يسمى بالتيار الليبرالي. وأضاف سالم، أن الدولة تقوم بعمل ذلك لإحداث حالة من الشقاق بين السجناء ولإظهار هؤلاء بصورة ضعيفة ومهزوزة وإنهم يستجيبون للضغوط الأمنية وأنهم لا يحملون هم قضيتهم الأساسية. فمن الممكن أن يتقبل قلة إقرارات التوبة خوفًا من التعذيب ولكن الأكثرية لا يقبلون بهذا تمامًا، بل بالعكس من ذلك أنه يستمر حتى يخرج ناقمًا وعنده رغبة دفينة للانتقام، والبعض ينهزم نفسيًا وبدنيًا ويصبح إنسانًا مريضًا غير طبيعى بعد هذا التعذيب الكبير داخل السجون. مرسى: هدفها تشويه الإخوان المسلمين وهناك من يقوم بإقرارات التوبة لكنهم ليسوا من الجماعة أما طارق مرسى النائب السابق بمجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة فيقول، إن إقرارات التوبة موجودة من طرف الحكومة فقط من فترة بغرض تشويه صورة الإخوان فى الإعلام بإظهار هؤلاء الشباب داخل السجون لنقد الإخوان ومع ذلك لا يتم إخراجهم كما حدث فى حقبة عبد الناصر، وهناك معلومات تشير إلى أن هذا الضغط لم يؤتى بثماره إلا مع عدد قليل جدًا من المعتقلين من غير الإخوان، الذين تم القبض عليهم بطريقة عشوائية أثناء سير المسيرات وبالرغم من ذلك لم يخرج أى فرد من المعتقل. ويضيف موسى، أن هذه الإقرارات أو غيرها لا تشير إلى وجود مصالحة مع النظام من أى نوع وإلا ظهر ذلك فى الإعلان عن هؤلاء التائبين من وجهة نظرهم، ونؤكد أنه لا مصالحة مع نظام لا يرعى حقوق الإنسان وتعج سجونه بآلاف المظلومين. وأشار القيادى بحزب الحرية والعدالة، إلى أنه لم يذكر أى اسم فى إقرارات التوبة وحتى لو ذكر أسماء ما الدليل أنها من الإخوان ولو كانت هذه الأسماء من الإخوان ما بالك بأشخاص يمارس عليهم التعذيب. خاطر: عدد قليل من يقومون بالتوقيع على إقرارات التوبة والسبب التعذيب ويقول حازم خاطر، المتحدث الرسمى باسم حركة صامدون الداعمة للشيخ حازم أبو إسماعيل، إن موضوع إقرارات التوبة ظهر قبل ذلك مع الجماعة الإسلامية تحت مسمى مبادرات وهناك من قبلها ومن لم يقبلها ولكن الوضع الحالى اختلف قليلاً وذلك لأن من فى السجون الآن هم الشباب ونادرًا ما ستجد فى وسط آلاف المعتقلين من سيقبل بالرجوع عن معتقده. وأضاف خاطر، أن من يقوم بعمل إقرارات التوبة ليس بسبب ضغوط التعذيب فقط ولكن الضغط يكون قويًا عليهم أيضًا من الأهل وإن القول بأن إقرارات التوبة هى خطوة للمصالحة بين النظام والإخوان لن يكون حلاً لأن ليس كل من هو ضد النظام الحالى هم فقط من جماعة الإخوان المسلمين. أبو سمرة: الهروب من التعذيب سبب إقرارات التوبة أما محمد أبو سمرة الأمين العام للحزب الإسلامى فيقول، إن إقرارات التوبة التى يتناولها الإعلام فى الفترة الحالية هى ورقة ضعيفة أراد الأمن من خلالها إن يشق بها صف جماعة الإخوان المسلمين ولكنها فشلت فى ذلك. وأضاف أبو سمرة، أن الأسماء التى أعلن عنها الإخوان المنشقين عن كتابتهم إقرارات توبة هى لشباب يحاول أن ينهى تعذيبه من داخل السجون وهناك عدد قليل من قام بها، وتحدى القيادى بالحزب الإسلامى أن يكون بين إقرارات التوبة قيادة مرموقة واحدة ولذلك احترقت هذه الحيلة أو نقل إنها ولدت ميتة. محفوظ: النظام يحاول التستر على فشله من خلال نشر هذه المعلومات وتقول ماجدة محفوظ، نائبة رئيس حركة "نساء من أجل حقوق الإنسان" إنه لا رجعة للخلف ولا توجد إقرارات للتوبة فالطريق واضح ولكن النظام الحالى يبحث دائمًا عن موضوعات تشغل الرأى العام من أجل التستر على فشله، بالإضافة إلى أنه يحاول أن يهدأ من حركة الثوار فى الشارع المصرى من خلال هذه المحاولات ونشر تسريبات بهذه الأقاويل وأن المعتقلين لم ولن يساوموا على حقهم فى الحرية والكرامة. وتشير محفوظ، إلى أنه خلال حديثها المتكرر مع أهالى المعتقلين أكدوا لها أنه لا توجد أى مبادرات وكل هذا الكلام عار تمامًا عن الحقيقة وأن ما طرح مع النظام هو دعوة مقدمة للصلح مع الإخوان ورغم ذلك فقد رفضت من قبلهم وأصروا فيما بينهم على استكمال ثورتهم والقصاص للشهداء. غباشى: بداية جديدة للمصالحة مع النظام على سياق آخر يقول الدكتور مختار غباشى نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هناك عدة عوامل رئيسية تجعل المعتقلين من الإخوان المسلمين يقومون بالتوقيع على إقرارات التوبة منها أن هذا هو دليل براءة لهم عن ما تقترفه الجماعة من أفعال أو تنصل حقيقى لهم من جماعة الإخوان المسلمين، أو هو تنسيق مع الجهات الأمنية للخروج من المعتقلات أو حتى من الممكن تكون هذه الإقرارات بسبب التعذيب الذى من الممكن أن يجدوه داخل السجون فكل الاحتمالات مفتوحة وذلك لأن الأمر والمشهد مرتبك وملتبس. وأشار غباشى، إلى أن هذه الإقرارات لها انطباع إيجابى مع النظام الحالى لأنها ستعمل على خفة حدة الصراع بين النظام والمعارضين وهو دليل على أن النظام عاكف النية الإفراج عن المعتقلين داخل السجون خلال الفترة القادمة.