إسلاميون: إقرارات التوبة «خديعة أمنية» لن تسقط الجماعة فى فخها.. وقيادي: مستشار مرسى أبرز الموقعين عليها تراهن السلطة الحالية على توجيه ضربة قوية إلى البنيان التنظيمي ل "الإخوان المسلمين"، من خلال ما تسمى ب "إقرارات التوبة"، التي يتم توزيعها على المعتقلين بالسجون، وهي عبارة عن إقرار من "الإخواني" يتضمن اختصارًا تنازله عن القضية التي يُدافع عنها، وإقراره بالوضع السياسي الحالي، واعترافه ب عبدالفتاح السيسي رئيسًا. وينص إقرار التوبة على أنه "أتعهد بأنني لا أنتمي إلى جماعة الإخوان المحظورة ولم أمارس أي أعمال عنف وأنني أريد التصالح مع الحكومة، وأرجو من إدارة السجن توصيل هذه الرسالة للمسؤولين"، الأمر الذي وصفه إسلاميون، بأنه "خديعة أمنية" تهدف لإثارة الانشقاقات في صفوف الإخوان. "إقرارات التوبة" ليست بجديدة، لكنها فكرة صنعت قديمًا، وتحديدًا قبل عقود، إذ كان النظام الناصري أول من أعلن عن فكرة مماثلة لها، حين عمد إلى محاولة ضرب الجماعة من القلب، عندما قام بعض أعضاء وقيادات الجماعة حينها بفعل مشابه، مؤيدين النظام الحاكم مقابل إخراجهم من السجون. وتم إحياء هذه الفكرة في أكتوبر الماضي حين أجرت حركة تُسمى نفسها "شباب الإخوان المنشقين" اتصالاً بوزارة الداخلية لبحث المشاركة في المراجعات الفكرية لشباب الإخوان داخل السجون، ورحبت الوزارة بالتعاون مع الحركة. وعقب هذا الاتصال عقد المكتب التنفيذي للإخوان المنشقين اجتماعًا مغلقًا لاختيار المرشحين لوفدهم الذي سيشارك في المراجعات لشباب الجماعة، ضم عمرو عمارة منسق عام الحركة، وكريم حسن مسئول الشباب، وأحمد الهلباوي المتحدث الإعلامي وضياء الفقي مسئول المكتب التنفيذي وآخرين. وادعى "منشقو الإخوان"، أن العديد من أعضاء الجماعة داخل السجون لديهم رغبة صادقة في الاعتراف بأخطائهم والإقرار بالندم والتوبة على تلك الأخطاء، وأنهم سيوقعون على إقرارات التوبة بمجرد عرضها عليهم. وتوقع أحمد بان، أحد شباب الإخوان المنشقين، فشل تلك الإقرارات، قائلاً: "جماعة الإخوان ليست بساذجة، وبالتالي فإن معنى إقرار أحد القيادات الفاعلة بالتوبة، أن الجماعة كانت مخطئة وهو طريق مسدود لن يجدي نفعًا مع الإخوان". وأضاف، أن "قيادات الإخوان يرون أنه من الأفضل البحث حول الآليات والوسائل التي تمكن الجماعة من الوصول للحكم ومعالجة أخطاء المرحلة السابقة، بدلاً من القيام بمراجعات فكرية، حيث يرون أن أفكار الجماعة تعتبر قدس الأقداس ولا يجب أن تمس". رسائل مسربة من طره يقول أحد المعتقلين ويدعى "أ . ح "، في رسالة سربها من محبسه، إن إقرار التوبة وقع عليه قرابة 150معتقلاً، معظمهم من الذين ليس لهم نشاط حزبي، ولا ينتمون من الأساس لجماعة الإخوان المسلمون، وأكثر هؤلاء تم اعتقالهم بطريقة عشوائية أثناء فض التظاهرات. وفي حين أشار إلى أن هناك وسطاء من المعتقلين هم من يقومون بعميلة توزيع الإقرارات، مدفوعين من جهاز "الأمن الوطني" لتنظيم ندوات للمعتقلين، اتهم المعتقل وزارة الداخلية بزرع أنصار لها داخل السجون في محاولة لإرباك صف المعتقلين. وكشف عن أن "أغلبية المعتقلين فضلوا البقاء في السجن ظلما على الاعتراف بالانقلاب العسكري"، قائلاً إن "الشعار المرفوع حاليًا في السجون بين المعتقلين أن من يروج لتلك الاستمارات هو عميل مخابراتي". فيما وصف الناشط الحقوقي جمال عيد، رئيس "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" هذا الإجراء ب "غير الدستوري"، لأن "ذلك يُمثل انتزاعًا غير قانوني لاعترافات المعتقلين". وأوضح أن "إقرارات التوبة" هي حق للإخوان أن يقوموا بها إذا رأوا أنهم يسيرون في الطريق الخطأ ولكن إذا أجبروا على ذلك، فإن السلطة تكون قد تخطت جميع الأعراف الدولية، وقد انتهت أدنى حقوق الإنسان في التعامل مع المعتقلين". وقال الباحث الحقوقي، أحمد مفرح، أن إرغام المعتقلين على أي إقرارات سواء كانت سياسية أو قانونية أمر غير قانوني ونوع من التعذيب يدخل في دائرة انتزاع الاعترافات بإلحاق الأذى البدني أو النفسي. واعتبر أن "وقوف ضباط الأمن وراء الحملة دليل واضح على انهيار منظومة القضاء في مصر، وأن جميع التهم التي يحاكم عليها المعتقلون ملفقة". وزارة الداخلية، من جانبها، نفت أن تكون هي من دعت الإخوان المعتقلين إلى الإقرار بالتوبة، مؤكدة أن " 106من عناصر الإخوان المحبوسين بالسجون وقعوا على إقرارات التوبة"، بعد أن تقدموا لقطاع مصلحة السجون بطلبات من تلقاء أنفسهم تتضمن تبرأهم من أي أعمال إرهابية قام بها عناصر التنظيم، ورغبتهم في التصالح مع المجتمع". وأضافت: "اتخذنا الإجراءات القانونية بشأن تلك الطلبات، ومخاطبة الجهات القضائية المختصة التي تنظر قضاياهم بتلك الطلبات، والقضاء وشأنه في هذا الأمر". وكشف القيادي الإخواني بمحافظة البحيرة، طارق البشبيشي، أن مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي، خالد القزاز "كان من أول الموقعين"، موضحًا أن هناك العديد من الأسماء البارزة داخل الجماعة وعلى رأسها، حمدي عبيد، وإسماعيل عاشور. وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من أعضاء الجماعة وقعوا على إقرارات التوبة وخرجت من السجون فى جميع المحافظات، لافتًا إلى أن ورقة التوبة وجدت قبولاً كبيرًا في أوساط أعضاء وقيادات الجماعة في السجون. وأضاف، "وزارة الداخلية لا تقف أمام أي قيادي يوقع على الورقة ويخرج من السجن، خاصة أنها تتخذ الضمانات اللازمة لعدم الرجوع عن الإقرار". إلا أن هناك من اتهم "الإخوان" بمحاولة خداع الدولة من خلال "إقرارات التوبة"، ومن بينه هؤلاء الدكتور عبد الله المغازي، الفقيه القانوني، الذي اعتبر أن توقيع بعض أعضاء الإخوان على إقرارات التوبة داخل السجون هي محاولة من بعض أفراد الجماعة للإفلات من العقاب، وليس انفصالا حقيقيا عن جماعة الإخوان. وربط المغازي بين "إقرارات التوبة"، والمراجعات الفكرية ل "الجماعة الإسلامية" في حقبة التسعينيات، قائلاً إن عددًا من قيادات الجماعة وقعوا في عام 1997 على إقرارات التوبة ومراجعات كان من بينهم طارق الزمر وعاصم عبد الماجد. أما وزير العدل، المستشار محفوظ صابر، فأكد أن "إقرارات التوبة"، لأفراد من جماعة الإخوان المسلمين، داخل السجون، "لاتسقط عنهم تهمة الانتماء لجماعة إرهابية، وهي أمر لا يخص القضاء في شيء"، موضحًا أن "هذه الإقرارات لا تسقط العقوبة تلقائيا، ولا تقود للإفراج الفوري عن موقعها". إلى ذلك، قال أحد أعضاء "الجماعة الإسلامية"، الحليف الأقرب للإخوان، ويدعى محمد كمال، إن "إقرارات التوبة ليست جديدة على الإسلاميين"، مؤكداً أنه شهد إقرارات التوبة، عندما سجن لعشرين عامًا داخل سجون مبارك، وكانت هذه الورقة توزع على جميع الإسلاميين في السجون، عسى أن يجدوا فيهم من يوقع عليها لإثبات أن الرسالة التي يزعمون أنهم يؤمنون بها "كاذبة أمام الجميع". وأضاف: "الجماعة الإسلامية في تلك الفترة كان على "قلب رجل واحد"، ولم ينجر أحد من أعضائها اللذين امتلأت بهم سجون "مبارك" إلى الوقوع في هذا المخطط"، واستبعد أن يوقع الإخوان على تلك الإقرارات لأنها ببساطة تعنى "تخليهم عن شرعيتهم". وتابع "هناك العديد من أبناء الجماعة الإسلامية وقيادتها فى السجون لأنهم وقفوا بجانب الشرعية وبالتالي فإن تنازل الإخوان عن القضية يعنى أن الجماعة الإسلامية ستكون في الواجهة". وأشار إلى أن "الإسلاميين يعلمون جيدًا أن المؤامرات ضدهم لن تنتهي مادام هذا النظام موجود ويحكم، وبالتالي فإنهم لن يستسلموا للإقرارات المزعومة، التي تعمل وسائل الإعلام المؤيدة للنظام للترويج لها ليلاً ونهارًا ولكنها في الواقع ليست موجودة، وإن كان هناك من يزعم أنها موجودة فبالتأكيد لا يؤمنون بالقضية ويفرطون في الشرعية.