تساءلت الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، عن صدى توقيع بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على "إقرارات التوبة" لتأييد النظام الحالي، حول ما إذا كانت تمهيدًا لعقد مصالحة مع النظام الحاكم، على شاكلة ما حدث في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حين قام بعض أعضاء وقيادات الجماعة حينها بفعل مشابه، مؤيدين النظام الحاكم مقابل إخراجهم من السجون، فهل يلقى الموقعون على تلك الإقرارات اليوم نفس مصير أسلافهم؟ وهل تكون هذه الإقرارات بذرة مصالحة بين الجماعة والنظام الحاكم؟ "لا مصالحة مع من قتل" أكد اللواء مجدي البسيوني، الخبير الأمني، أنه لا مصالحة مع من قتل، مشيرًا إلى أنه لا يعتبر كل إقرار بالتوبة ذات قيمة سياسية ومعنوية، حيث يعتمد الإقرار على طبيعة الشخص وعما إذا كان ضالعا في عمل يحاسب عليه القانون أم لا. وتابع "البسيوني" ل ل"دويتشه فيله": "حين نتحدث عن إقرارات التوبة بالنسبة للذين في السجون، فيجب أن نفرق هنا، هل محكومًا عليهم أم محبوسين احتياطيًا، من هو محكومًا عليه فليقضي مدة العقوبة وحين يخرج فليتوب، وإلا يكون هذا تحايلًا على الحكم، لأن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم النية، أما إذا كان محبوسًا احتياطيًا على ذمة قضية، فأمره متروك للنيابة العامة". وأوضح "البسيوني" أن على من يعلن توبته أن يظهر دلالات على تلك التوبة، "أما من قتل ودمر وخرب، فلا توبة ولا مصالحة، فهذا ليس حقك، فأنت لم تعتدي علي.. هذا حق المجتمع، فإذا افترضنا أن أحدهم فجر عبوة وأصابت من أصابت وقتلت من قتل، هو يقول تبت وأنت تقول وأنا قبلت التوبة، لكن أين ذهب الدم؟ وأين ذهب حق أهل القتيل ؟ إذن لا مصالحة مع من أرهب المجتمع ولا مصالحة مع من روع المجتمع ولا مصالحة مع من حمل السلاح وأطلق أعيرة نارية". "للتوبة أمارات وعلامات ومنها كشف مصدر التمويل" وأكد الخبير الأمني أنه لا يمكن المقارنة بين "إقرارات التوبة" التي وقع عليها بعض أعضاء الإخوان ومراجعات الجماعة الإسلامية ولا القياس عليها، حسب تعبيره، مفسرًا: "الجماعة الإسلامية كان فكرهم فقط، بمعنى أنهم أناس كفروا أو مارسوا أعمال إرهابية هم فقط، لا بدافع من أحد ولا بتمويل من أحد، ووجدوا أن ما يفعلوه هو "كلام فاضي"، الجماعة الإسلامية لم تقل أبدًا نعمل سيناء إمارة إسلامية ونقسم مصر أبدًا، الجماعة الإسلامية تنشر فكرها، أن أنت كافر والمسيحي لا وهذا لا وهكذا، وبقوة السلاح، ثم وجدوا الموضوع "عبط"، وهنا كان العدول وكانت التوبة والمراجعة صح". واستشهد اللواء "البسيوني" بالمنشقين عن جماعة الإخوان مثل الدكتور ثروت الخرباوي والدكتور كمال الهلباوي، مؤكدًا أن هؤلاء راجعوا أنفسهم، "أما الإخوان الحاليين كان مسعاهم الحكم وتقسيم مصر والعمل على أجندات خارجية، يبقى هنا هؤلاء توبتهم إذا عدلوا أو تابوا، تبقى التوبة لها أمارات وعلامات، واعتراف أننا كنا مغيبين، ويكشفوا مصدر التمويل، التوبة نية محلها القلب لكن لها علامات لنا". محامي "مرسي": "المصالحة لا تتحقق بإقرارات التوبة" أما المحامي منتصر الزيات، عضو فريق الدفاع عن الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، فنفى إمكانية أن تكون الإقرارات التي وقعها بعض السجناء خطوة في طريق المصالحة مع النظام، قائلًا في تعليق مقتضب لDW عربية من مدينة اسطنبول التركية: "المصالحة لا تتحقق بإقرارات التوبة، المصالحة تتحقق بحوار حقيقي يحدد النقاط اللي فيها أزمة ويعمل على حلها". وأضاف: " يجب أن يكون هناك مشاركة لكل الأطراف دون حظر ودون منع"، مؤكدًا إيمانه بأن "الحوار هو اللي يحل الأزمات وليست إقرارات التوبة". "إقرارات التوبة لم تتحول لظاهرة وليست كمحنة التأييد" وفي نفس السياق، يرى أحمد بان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن قصة إقرارات التوبة أخذت وضعا أكبر من حجمها، مؤكدًا أنها "لا تؤدي في حجمها ولا طبيعتها للدخول إلى مسار المصالحة". وفسر "بان" وجهة نظره قائلًا:"موضوع إقرارات التوبة كانت بيانات أو استقالات كتبها بعض أعضاء حزب الحرية والعدالة، غير المحسوبين على الحالة التنظيمية للإخوان، الذين كان سبب انضمامهم للحزب هو اعتقادهم أن هذا سيكون الحزب الحاكم في فترة وجود الإخوان في الحكم، وبذلك ليس لديهم هذا المعتقد الأيديولوجي للجماعة، لا يشاركون الجماعة نفس تصورها الفكري، بقدر انضوائها تحت حالة حزبية أو سياسية". وأضاف: "هذا الموضوع خرج من بعض السجون على استحياء لعدد قليل من هؤلاء بسجن العقرب وسجن وادي النطرون، لكنه لم يتحول إلى ظاهرة تشبه ما جرى في الستينيات أو ما عرف في أدبيات جماعة الإخوان بمحنة التأييد، حيث أقدم بعض أعضاء الجماعة وقتها وبعض رموزها على تقديم عرائض تأييد للنظام السياسي وقتها، وهو النظام الناصري، والتبرؤ من جماعة الإخوان، فتم إخراجهم من السجون". واستطرد، في تحليله ل"دويتشه فيله"عربية: "ما جرى أو ما يجري الآن من هؤلاء الأعضاء هو شكل من أشكال الحيل القانونية لتحسين موقفهم القانوني من جهة أو عدم الرغبة في تحمل كلفة الانضواء لجماعة صراعها مع الدولة صراع ممتد وطويل".