صفحات التواصل الاجتماعي حيلة المعارضة للهروب من القبضة الأمنية.. الأسماء الوهمية بدأت بمقالات ضد الاحتلال في الصحف وتحولت لمثار جدل الفيس بوك ملايين الإعجابات على صفحات مجهولة.. و«معتقلين دوت كوم» و«قدم حلول كأنك السيسي» و«امسك إخوان» أبرزها
"إحنا_متراقبين_يا_جدعان" ليست تلك الجملة فكاهة أو كلمات تداولها أصدقاء بل هي اسم لصفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" يتخذها أصحابها ستارًا لنشر الآراء السياسية وخلق رأى عام معارض ضد النظام. المئات إن لم يكن الألف من صفحات "الفيس بوك" التي دشنها نشطاء مجهولو الهوية لممارسة العمل السياسي بارتياح بعيدًا عن المطاردات الأمنية، وتسعى تلك الصفحات التي تحوى إعجاب ملايين المصريين إلى تشكيل رأى عام مضاد أو مؤيد للنظام السياسي القائم. وتذكرنا حيلة الأسماء الوهمية إلى النهج الذي كان يسير عليه كبار الكتاب السياسيين في مصر أيام الاحتلال الإنجليزي إضافة إلى معارضي الأنظمة عبر كل العصور فاستخدم بعضهم أسماءً وهمية للهرب من التضييق الأمني والملاحقات، وكان من أبرز هؤلاء مصطفى أمين أحد أشهر الصحفيين المصريين في القرن الماضي الذي كان يكتب مقالاً في جريدة الأخبار باسم "ممصوص"، وكان ينتقد فيه النظام، ويكتب ما لا يجرؤ على كتابته باسمه، كما كانت توقع عائشة عبدالرحمن المفكرة الإسلامية باسم مستعار وهو "بنت الشاطئ" لتعود تلك الظاهرة مجددًا في ثوب "الفيس بوك".
فعاليات وأنشطة وتظاهرات وجدت جروبات التظاهر المعارضة للنظام من "الفيس بوك" أرضية خصبة لممارسة أنشطتها وتحريك أعضائها وأخبارهم بأماكن الفعاليات وانتشرت الصفحات لتتحول كل منطقة أو مدينة لصفحة مستقلة بذاتها لنشر الفعاليات الخاصة بها وزيادة التفاعل بين الأعضاء بعضهم البعض. صفحة "شباب كرداسة" هي إحدى الصفحات التي يتابعها عدد غير قليل من المعارضين، فالصفحة التي تحوى 61.202 تسجيل إعجاب تنشر الفعاليات التي يقوم بها المعارضون للنظام بمحافظة الجيزة كما تتناول تغطية تلك التظاهرات بشكل دائم ومستمر. "مطرية ضد الانقلاب" تعد من أبرز الصفحات التي تتناول إمكان الفعاليات بدقة فتنشر يوميًا وبشكل دوري أماكن تظاهرات المعارضين بمنطقة شرق القاهرة وتضم "الزيتون والقبة عين شمس والمطرية والمرج"، وتسعى الصفحة التي تسجل 86.355 إعجاب إلى زيادة نشاط المعارضة خاصة في ذكريات الثورة المصرية. على نهج صفحة المطرية انتشرت صفحات أخرى تشمل مناطق عدة في أنحاء الجمهورية من بينها "مدينة نصر ضد الانقلاب التي تشمل 70.592 تسجيل إعجاب وحلوان ضد الانقلاب 26.506 تسجيل إعجاب وشبرا ضد الانقلاب التي تحوى 4.477 تسجيل إعجاب، كما كانت لكل محافظات الجمهورية إن لم يكن لكل مركز ومدينة صفحة خاصة بها يتابعها الآلاف". ولم يسيطر أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وحدهم على صفحات التواصل الاجتماعي فسجل 44.082 إعجابهم بصفحات "مصر بتتكلم ثورة" كما سجل 5.852 شخص إعجابهم بها لمتابعة فعاليات القوى الثورية سواء حركة 6 إبريل أو الاشتراكيين الثورية وجبهة الطريق الثورة وغيرها. ................................ شئون المعتقلين ولم يكن نشر الفعاليات ومتابعة التظاهرات هي الاستخدام السياسي الوحيد لصفحات التواصل الاجتماعي بل كان لمتابعة أخبار المحاكمات والأنباء التي تخص المعتقلين ومتابعة أهاليهم أيضًا لها صفحات تعدى عددها المائة صفحة، كان أشهرها "إعدام ليه" وكتبت تلك الصفحة التي تحوى411.112 تسجيل إعجاب أنها عبارة عن منظمة رابطة المحكوم عليهم بالإعدام وتسعى تلك الصفحة إلى توثيق حالات الإعدام التي حصل عليها أشخاص يمارسون العمل السياسي كما تتابع أخبار المحكوم عليهم بالإعدام داخل السجون إضافة إلى التعريف بالاتهامات الخاصة بهم. كما اهتمت صفحات بأخبار المعتقلين من كل التيارات السياسية وكانت من بين تلك الصفحات "معتقلين دوت كوم" والتي تحوى 40 ألف معجب وصفحة "اعرف معتقل" التي يتابعها 55 ألف شخص إضافة إلى صفحات "رجعوا المعتقلين" و"انتفاضة السجون" التي يتابعها 73 ألفًا من الأشخاص"، وتسعى تلك الصفحات إلى تسجيل كل حالات الاعتقال والتعريف بالاتهامات الخاصة بهم كما تهتم أيضًا بأخبار الزيارات وتنشر رسائل المعتقلين من دخول السجون. إلى هذا تهتم صفحات تطلق على نفسها النشاط الخيري بجمع الكفالات الخاصة بالحاصلين على إخلاء سبيل من المعتقلين كما تتابع أسر المقبوض عليهم لمساعدتهم في بعض الأمور التي تخص ذويهم ومن بين تلك الصفحات "رابطة أهالي المعتقلين في سجون وادي النطرون" والتي يشترك فيها 11 ألفًا و"معتقلي أبو زعبل" التي سجل قرابة 15 ألفًا الإعجاب بها. .................. طلاب المدارس والأطفال دشن نشطاء مجهولو الهوية صفحات تخص الأطفال وطلاب المدارس لمتابعة الفعاليات التي يقومون بها ضد النظام وكان من بين تلك الصفحات "وجع الأهالي" التي دشنت ضد الاعتقال العشوائي للأطفال في سن المدارس وأيضًا رصد أخبار الإهانة الجسدية والنفسية التي يتعرض لها الأطفال في المعتقلات ويسجل 11 ألف شخص متابعة لتلك الصفحة. كما دشنت صفحات أخرى تخص طلاب الجامعات لمتابعة تحركاتهم وفعالياتهم من بينها صفحة "طلاب ضد الانقلاب" والتي تحوى 244.340 تسجيل إعجاب، كما سجل قرابة 50 ألفًا إعجابهم بصفحة "أزهر أونلاين" التي تهتم بمتابعة أخبار فعاليات الأزهر وأنشطة الطلاب المعارضين. ............................. كوميديا المعارضة شملت الصفحات ذات الأسماء المزورة على "الفيس بوك"، صفحات كوميدية للترفيه على المعارضة واستغلت من الفكاهة سلاحًا تحارب به النظام ومن بين تلك الصفحات "إبداع الاحتجاج" التي تحوى 294.700 تسجيل إعجاب وتعتمد الصفحة على نشر الفيديوهات والفقرات التي تبثها قناة الجزيرة، إضافة إلى صفحة "قدم حلول كأنك السيسي" والتي سجل 144.751 شخص الإعجاب بها حيث تتناول الصفحة الأزمات التي تعانى منها البلاد بشكل ساخر وتطرح حلولاً تثير ضحكات المتابعين على الصفحة. كما عاقبت إحدى الصفحات مؤيدات النظام الحالي بمصر بمطالبة المؤيدين لهم بعد الزواج من تلك الفتيات وكان شعار احد الصفحات "مش هتجوز غير ربعاوية " وحوت الصفحة على 23،763 تسجيل إعجاب. وأما أكثر الصفحات انتشارًا فهي صفحة "عطوة كنانة" التي يسجل 61.120 شخص الإعجاب بها، كما كانت هناك صفحة "قفشات على السيسي" التي تحوى 17.744 تسجيل إعجاب تسعى إلى مطاردة النظام الحالي بإبراز الكلمات التي يقع فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطاباته إضافة إلى أخطاء الحكومة والمحافظين والمسئولين بالدولة. .............................. إرهاب "الفيس بوكيون" واتخذت صفحات بالفيس بوك من العنف الحل لمواجهة النظام القائم من بينها صفحة "أربك نظام" التي يسجل 12.306 شخص الإعجاب بها وتدعو الصفحة دائمًا إلى التلاعب بالأمن وطرق التصدي لهم خلال التظاهر، كما اشتهرت في هذا الجانب صفحة العقاب الثوري التي سجلت 11.578 إعجاب وتتخذ من مقولة "الدَّمَ الدَّم، والهَدْمَ الهَدْم، إنَّا منكم وانتم منِّي، أُحارِبُ مَن حاربتُم، وأُسالم من سالمتُم" شعارًا لها لدفع المتابعين لها لانتهاج العنف بدلا من السلمية. كما دشن نشطاء صفحة تحت الرماد وسط إعجاب 65.703 شخص بها، لدعوة المتظاهرين إلى إرهاق الأمن عبر العنف وتنشر الصفحة بشكل مستمر أخبار الانفجارات والحرائق التي تضرب أنحاء متفرقة بالبلاد. ......................... معارك الصفحات شهدت صفحات التواصل الاجتماعي ساحة عراك بين مؤيدي ومعارضي النظام واستغل الطرفان من الصفحات الوهمية ستارًا لتبادل الاتهامات، فدشن مؤيدو الرئيس عبدالفتاح السيسي صفحات عدة لمحاربة معارضيه من بينها "أنا إخوان أنا مقطف بودان" والتي حوت 505.769 تسجيل إعجاب، كما تنتهج صفحة "إخوان كاذبون" التي تشمل 83.100 تسجيل إعجاب، أسلوبًا لفضح أي ممارسات معارضة تخالف السلمية وتسعى لإلحاق كل الأزمات التي تحدث بالبلاد للمعارضة. وأما صفحة "الإخوان مكس" التي يسجل حوالي 10.726 الإعجاب فتكرس جهودها لمحاربة الأنظمة في دول تركيا وقطر وتنظيم "داعش" وتحاول دائمًا متابعة أي تحركات لتلك التنظيمات لتكوين رأي عام مضاد لها. وعلى الطرف الآخر، كرس معارضون للنظام جهودهم لفضح ممارسات النظام، فسجلت صفحة "السيسي خربها" 15.191 إعجاب إحدى تلك الصفحات التي يسعى من خلالها المعارضون إلى مواجهة النظام، كما كان لتدشين صفحة "ألتراس مورسيان" التي يعجب بها 371.608 شخص هدفًا للترويج ضد النظام والمديح في نظام الرئيس المعزول محمد مرسي. ........................ إسلاميون: حلال ومباح.. ونشطاء: حيلة للهرب من الأمن اعتبر إسلاميون ونشطاء أن لجوء الشباب الثوري لصفحات التواصل الاجتماعي الوهمية، أمر طبيعي، للهرب من القبضة الأمنية والملاحقات التي تقوم بها الدولة. قال مصطفى البدري، القيادى بالجبهة السلفية، إنه في حالات القمع والتتبع الشديدة يسوغ لعموم المناضلين التخفي والتمويه، وقد فعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة حينما لقيه بعض القوم فسألوهم: مَن أين أنتم؟ فقال: نحن من ماء. وأكد البدري أن الأمر مباح طالما لم يشكل هذا سببًا في الإضرار بآخرين أو يشتمل على ترويج للشائعات والأكاذيب لأن ذلك سيضر بالثورة ولا يفيدها، فضلاً عن كونه محظورًا شرعًا. بينما قال محمود الدموكي، المتحدث باسم حركة 18، إن اللجوء إلى صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية رغبة في الهروب من الملاحقات الأمنية، مؤكدًا أن غالبية تلك الصفحات تعمل بشكل مركزي ومتفق عليها وتأخذ أسماء مستعارة. وأضاف الدموكي، أن من بين تلك الصفحات صفحة تتبع منسق حركة ثوار ببني سويف يكتب تحت شعار الثعلب أو فارس السلمية، موضحًا أن وجود تلك الصفحات يخفف من الضغط على الذي يمارس على الأكونتات الخاصة بالشخصيات المعروفة. وأما الناشط باسم الجنوبي فيؤكد أن استخدام الأسماء الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة غير مستغربة بالمرة، فقد كانت شيئًا عاديًا وربما ضرورة قبل ثورة 25 يناير بسبب التضييق الأمني على حريات التعبير ومتابعة أمن الدولة لهذه المواقع. وأضاف أن النظام الحالي يتبع نفس الأسلوب الأمني لنظام مبارك في المتابعة والملاحقة لكل مَن ينقد أو يعارض حتى لو عبر الإنترنت فهو عرضة للقبض عليه وتوجيه تهم الإرهاب له كما حدث لعشرات من الشباب المصري لذا يلجأ كثير من النشطاء إلى تغيير أسمائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي كنوع من وضع حماية أمنية للكاتب أو عائلته وحتى يواصل كتابة آرائه بحرية. بينما أشار محمد فوزي، القيادي المنشق عن تمرد والمنسق العام لحركة" تحرر"، إلى أن التخفي وراء أسماء مستعارة في هذا الوقت يعد جبنًا واعتبره ضعفًا فليس لدينا شيء نخفيه أو نخافه ولسنا مجرمين لكي نتخفى كالخفافيش، خاصة أنه في كل الحالات فإن كل شخص معارض هو ملاحق من الأجهزة الأمنية. وأوضح أن تلك الصفحات منفرة لعدم وجود ثقة فيها وأنهم مجهولو الهوية ويكون التعامل معهم بحذر لأنهم أشخاص غير معروفين وإن كان في بعض الحين يعرفهم أصدقاؤهم المقربون، إلا أن هذا يعد شكلاً غير مألوف.