ارتفاع «أسعار الذهب» اليوم الجمعة وسط ترقب الأسواق لقاء ترامب وبوتين    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 15 أغسطس في سوق العبور للجملة    انعقاد أولى جلسات الحوار المجتمعي حول التعاونيات الزراعية    أربعة أطراف ومصلحة واحدة| من يربح من لقاء ترامب وبوتين المُرتقب؟    ألمانيا تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية    الأمين العام لحزب الله: نثمن دعم إيران لنا بالمال والسلاح والمواقف السياسية    البنك الأهلي في مهمة صعبة أمام حرس الحدود بحثًا عن أول انتصار    «سيناريو متكرر».. ناشئو الفراعنة لكرة اليد يودعون المونديال    قرار من المحكمة بشأن قيام عامل بإتلاف مرايات السيارات في البساتين    «الأرصاد» تُحذر من حالة الطقس غدًا | إنفوجراف    ضبط المتهم بالتخلص من والده في قنا    تامر حسني: «محمد منير ساعدني وقت ما كان فيه ناس بتحاربني»    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم    رئيس "التخطيط القومي" يستقبل مدير المبادرة الدولية لتقييم الأثر    الاستجابة ل2923 شكوى وطلبًا للمواطنين بالشرقية خلال يوليو 2025    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    انخفاض أسعار الذهب عالميًا.. والأوقية تسجل 3339 دولارًا    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بالزقازيق وإصابة شخص    تفاصيل حبس المتهمين بمطاردة فتيات طريق الواحات 4 أيام على ذمة التحقيقات    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    ضبط مليون قطعة أدوات كهربائية مقلدة ومغشوشة فى القليوبية    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    نانسى عجرم: بقرأ أخبار حلوة عن أنغام.. أتمنى تكون صحيحة ونرجع نشوفها بأسرع وقت    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    محاضرات وتشكيل ومسرح.. "ثقافة الطفل" تحتفى ب"وفاء النيل"    الأونروا: ذوو الاحتياجات الخاصة يواجهون تحديات يومية هائلة فى قطاع غزة    غدا.. انطلاق تصفيات مسابقة دولة التلاوة الكبرى بالتعاون بين الأوقاف والشركة المتحدة    ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة    انتهاء مهلة إصدار محفظة الكاش مجانا في بنك القاهرة اليوم    في ظروف غامضة.. وفاة ربة منزل بطهطا في سوهاج    هشام حنفي يقدم نصيحة خاصة ل ريبيرو قبل مواجهة فاركو    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15- 8- 2025 والقنوات الناقلة    أمل جديد للنساء، فحص دم مبكر يرصد سرطان المبيض بدقة في مراحله المبكرة    حكام مالي العسكريون يعتقلون جنرالين وآخرين في مؤامرة انقلاب مزعومة    اليوم، الإدارية العليا تبدأ في نظر طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    لافروف ودارتشييف يصلان إلى ألاسكا حيث ستعقد القمة الروسية الأمريكية    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    مفتي الجمهورية: «إسرائيل الكبرى» أكذوبة وخرافة استعمارية لتبرير التوسع في المنطقة    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عواصف الربيع العربي!
نشر في المصريون يوم 28 - 09 - 2011

ظن الناس في مشارق الأرض ومغاربها أن الشعوب العربية لن تتحرك أبدا ، ولن تنهض لمواجهة جلاديها وظالميها ، وأنها تحولت إلى مجرد جثة هامدة لن تقوم من رقدتها ، ومن ثم كان الطغاة وخصوم الأمة يعيشون في وهم كبير خططوا على أساسه أنهم باقون وراسخون إلى الأبد ، وأن بإمكانهم ممارسة المزيد من القهر والاستلاب وسحق كرامة شعوبهم من العرب والمسلمين ..
ولكن الأقدار فاجأت الطغاة والخصوم من حيث لا يحتسبون ، وانطلقت الشرارة من بلدة في أعماق تونس اسمها " سيدي بوزيد " ، وهب الشعب التونسي ، يواجه الطاغية هناك ، وفي أقل من أسابيع محدودة انهار النظام المستبد الإرهابي الدموي المعادي للإسلام ، وهرب الطاغية مع أسرته وبعض اللصوص الكبار ، وحملوا ما استطاعوا من أموال ومنهوبات ، وانكشفت بعد رحيله مخازي وفضائح لا تليق بحاكم يحمل ذرة من إنسانية ، فضلا أن يكون حاكما مسلما !
وما لبثت الشرارة أن امتدت إلى قلب العروبة النابض ، واشتعلت الإسكندرية والقاهرة والسويس وغيرها من مدن المحروسة ؛ بهدير الشعب الثائر ، ودماء الضحايا الأبرياء الذين قتلوا في مسالخ التعذيب بالأقسام وأمن الدولة المجرم ، وفي ثمانية عشر يوما انهار النظام الدموي الفاسد الذي كذب ونهب وسرق ودمر وقتل بلا رقيب ولا حسيب ولا ضمير ، واستطاع الشعب المصري الصبور أن يدخل الطاغية وبعض أعوانه قفص العدالة ببعض التهم ، على أمل أن يواجه بتهم أخرى أشد وأكثر خطرا ..
واشتدت عواصف الدم في ليبيا واليمن وسوريا ، وأخذ الطغاة يخلعون برقع الحياء ، واستخدموا الأسلحة الثقيلة على مدى الشهور الطويلة الماضية ، تشبثا بكراسي الاستبداد والطغيان ، ولم يتورعوا عن الكذب وإخفاء الحقائق ، ومنع وسائل الإعلام العربية والدولية من نقل ما يجري للعالم ، وشوشوا على القنوات التلفزيونية المؤثرة ؛ في محاولة بائسة للتستر على ما يريقونه من دماء الأبرياء الأطهار الشرفاء الذين يعارضون حكوماتهم الإجرامية المستبدة ، ولكن باءت محاولاتهم بالفشل ، فقد كانت الهواتف المحمولة تسجل بالصوت والصورة ما يجري ، وما يحدث من جرائم تلك الأنظمة وتنقله إلى شاشات التلفزة ومن ثم إلى جميع أنحاء العالم ، وكان للشباب الذي يستخدم الانترنت أو الشبكة الضوئية دور مهم في مخاطبة العالم بالصور الموثقة لجرائم هذه الأنظمة ضد الإنسانية التي لن تسقط بالتقادم ..
الوحشية التي هبت بعواصف الدم في العواصم البائسة ، لم تبال بخُلق أو ضمير أو دين ، بل سمعنا طاغية يصف شعبه بالجرذان والقمل والحشرات ويعلن عليهم الحرب بالأسلحة الثقيلة بيتا بيتا ودارا دارا وزنقة زنقة ، وشاءت إرادة الله أن يفر مثل الفأر المذعور بعد أن قتل خمسين ألفا من الأبرياء ، وسقطت العاصمة التي كان يحتمي في قلاعها ، وصار الآن يختبئ في هذا الجحر أو ذاك ، تطارده الثورة ، ويقصفه حلف الناتو الذي وجدها فرصة ذهبية للتدخل وتحطيم البنية الأساسية أو ما تبقى منها ، كي تستأثر حكوماته بالكعكة الليبية في إعادة الإنشاء والتعمير والحصول على المقابل مالا وبترولا وحركة طليقة في البلاد.
وسمعنا طاغية آخر يصف شعبه بالعملاء والخارجين على الشرعية (!!) ، ويهددهم ويتوعدهم ، ويخصص أهم فرقه العسكرية للاقتحام والضرب والقصف ، والقتل دون رحمة ثم يدعي أنه ضحية الشعب الثائر الذي لا يمهله سنتين أخريين تضاف إلى أكثر من ثلاثين سنة قضاها على كرسي الطغيان والدم وشراء الأتباع والمنافقين والأفاقين .. ثم يسخر من شعبه قائلا : فاتكم القطار ، وكأنه يقول لهم : ثورتكم لا قيمة لها عندي ، فأنا باق رغم أنوفكم جميعا !
وطاغية ثالث لا يخجل من نفسه ولا مما يجري من دماء تراق على أرض بلاده ، ويجرد جيشه وطائراته لتقصف المتظاهرين في أرجاء بلاده الذين يقدر عددهم بمئات الألوف ، ويمنع الإعلام العربي والدولي من نقل ما يجري ، ويسمي الشعب الثائر بالعصابات المتمردة المسلحة التي تعمل وفقا لأجندة خارجية لتضعف موقف بلاده المقاوم الممانع ، وهو الذي لم يطلق رصاصة واحدة تجاه العدو ، الذي يحتل جزءا غاليا من أرض بلاده .
لقد انتهزت قوى الشر الخارجية والداخلية فرصة الثورات العربية لتحاول تحقيق أهدافها من خلال إجهاض الثورات العربية ، والتدخل في شئون العرب عن طريق القوات العسكرية أو عن طريق العملاء ، بحيث يشعر الناس أنهم لم يحققوا فائدة تذكر بعد الدم الذي بذلوه في سبيل بلادهم وأوطانهم ، وكأنهم تخلصوا من طواغيت وأحلوا مكانهم طواغيت آخرين بالإضافة إلى الطامعين من دول الاستعمار التي لا تخفي نهمها لالتهام كل شيء، والهيمنة على كل شيء ..
لقد أطلقت هذه القوى أبواقها وعملاءها لإشغال الناس عن القضايا الأساسية ، مع بث الفتن داخل دول الربيع العربي التي أسقطت الأنظمة الفاشية المستبدة ، وقد اعترفت السفيرة الأميركية في القاهرة بأن بلادها أنفقت أربعين مليون دولار ، وفي سبيل أن تنفق حوالي خمسين ومائة مليون دولار أخرى ، على الجمعيات والمنظمات التي تسمى المجتمع المدني ، وكلها موالية للولايات المتحدة والغرب ، ومعادية للإسلام والحرية والديمقراطية ..
هناك عواصف عاتية تريد إنهاء الربيع العربي وتحويله إلى خريف بل شتاء قاس، يعيد سيرة الطغاة مرة أخرى ، ويفقد المصريين والعرب كرامتهم وشرفهم وحريتهم . ويشارك الأشرار في صنع هذه العواصف ؛ كل بطريقته وأسلوبه ، ومن خلال الأقليات الثقافية و الطائفية يطلقون عواصفهم التي تتكئ على قضايا ثانوية أو هامشية أو تسعى إلى الصدام بين القوى المؤثرة في السياق العام وإرباك السلطة الضعيفة التي لا تملك رؤية أو منهجا وضحا ، وإقصاء الإسلام عن الحياة والمجتمع ، وفي مصر على سبيل المثال ، فإن بعض الأقليات احتلوا ميدان التحرير ليتخذوا منه مسمار جحا لوقف الحركة والعمل والتهديد بإغلاق المنشآت الحيوية وتعطيل مصالح الجمهور ، ومحاولة استقطاب بعض الجماعات الصوفية أو الدراويش لمواجهة التيار الإسلامي واستهدافه بالإقصاء ، وإدخال البلاد في دوامة من العنف واللجاج ، في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن إلى خطوات فاعلة لبناء المؤسسات القوية ، واستعادة قوة العمل والإنتاج وبناء اقتصاد يلبي مطالب الشعب والمستقبل ،،
ويأتي ذلك في سياق المؤامرة الكبرى التي دبرها النظام السابق لتفريغ البلاد من الأمن والشرطة ، وتآمر بعض القيادات الأمنية التي انهار سلطانها لإشاعة الفوضى الأمنية ، وإطلاق مجموعات اللصوص والمسجلين ليعيثوا في الأرض فسادا وتخريبا ، دون رادع من سلطة أو قانون ، وبعد ذلك هناك حركة غير طبيعية لتهريب السلاح من الجهات الأربع إلى داخل الوطن مما يثير كثيرا من التساؤلات والغيوم ..
ويضاف إلى ذلك تلك اللعبة غير النظيفة التي يقوم بها نفر من العلمانيين لإقصاء الإسلام بصورة مجافية للعقل ، ومنطق الأمور والواقع . فمن تشهير رخيص بقيم الإسلام ، وهجاء لا يتوقف للحركة الإسلامية إلى محاولات لرفض الحرية والديمقراطية رغبة ألا يكون للإسلام وجود في بلد الإسلام ، إلى المطالبة بتمديد الحكم العسكري وحرمان مصر من جني ثمار ثورتها وإهدار دماء الشهداء دون مقابل، إنهم لا يملون ولا يكلون من تشويه الإسلام والمسلمين ليستمر وجودهم غير المشروع ! .
العاصفة الآثمة لا تتوقف عند حد بل تمتد إلى النواحي العملية والاجتماعية كافة ، فما زالت رموز الماضي الفاسد تحتل صدارة المشهد في المؤسسات الحكومية والعامة ، فهناك مثلا وجود للأجهزة الفاسدة المجرمة التي تمنع تحرر الأزهر والأوقاف ، وتثير الفتن بين الناس وبين المسئولين ، وتوقف كل حركة نحو الإصلاح والتخلص من الفساد . وهناك رموز العهد البغيض في الصحافة الذين يصولون ويجولون ويمنعون ويمنحون ، بل إن بعضهم أتيح له أن يجد مساحات أكبر من النفوذ وإبداء الآراء الصادمة والفاسدة ضد الدين والحرية ، وهناك الحالة الثقافية التي مازالت كما هي حكرا على مثقفي الحظيرة الذين نافقوا وأفسدوا وهبروا من أموال الدولة ما لا يستحقون ، بل إنهم صاروا الآن على حجر المجلس العسكري ، يستشيرهم ويتلقى منهم النصيحة ؛ وهم الذين كانوا يركعون للرئيس السابق ويسبحون بحمده ! والأمر نفسه ينطبق على الجامعة التي لم تتخلص بعد من ذيول النظام البائد ، حيث يحاولون إعادتها إلى الوراء مرة أخرى .
إن العواصف التي يشنها أعداء الإنسانية على الشعوب العربية في ربيعها المبشر بالأمل لن يتوقفوا عن ممارسة إجرامهم ، ومحاولات إجهاض الثورة ووأدها.. وهو ما يفرض على أبناء الربيع العربي أن يتمسكوا بقوة الدفع والعمل والاستمرار ، لبناء أوطان عربية قادرة على النمو والمشاركة في الحضارة الإنسانية ، على أسس الحرية والكرامة والمشاركة التي تعم المواطنين جميعا ..
وعلينا أن نرفع شعار : إذا كان خصوم الحرية يعملون لوأدها فلنعمل نحن على إحيائها ، مهما كانت التضحيات ، ولتستمر مقاومتنا في إصرار ودأب ، حتى يأتي نصر والفتح .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.