قوبلت التعديلات التى أصدرها مجلس الوزارء على قانون مجلسي الشعب والشورى وتعديل الدوائر، بالرفض من قبل الأحزاب والقوى السياسية، والمرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية وخبراء دستوريين، محذرين من أنها تفتح أبواب البرلمان على مصراعيهما أمام فلول النظام السابق، في ظل إجراء الانتخابات على ثلثي المقاعد وفق نظام "القائمة النسبية"، والثلث بالنظام الفردي، في الوقت الذي كانت فيه القوى السياسية تطالب بإجرائها كاملة بالقائمة النسبية غير المشروطة. وفي الوقت الذي طالبت فيه ردود الفعل الحكومة بسرعة إصدار قانون العزل السياسي، لمنع فلول الحزب "الوطني" المنحل من التسلل للبرلمان القادم، وصف الخبراء الدستوريون قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية بأنه "غير دستوري"، نظرا لعدم مساواته بين المستقلين والحزبيين، من خلال تخصيص ثلثي مقاعد مجلس الشعب للحزبيين والثلث الآخر للمستقلين، باعتبار أن ذلك يشكل إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص الذي أقرته المحكمة الدستورية العليا. ومع الإعلان عن تعديل القانون ليتم تقليص عدد مقاعد البرلمان إلى 498 عضوًا بدلاً من 504 أعضاء، وخفض الشورى إلى 270 مقعدًا، مع تقسيم دوائر الشعب إلى 46 دائرة بالقائمة الحزبية و83 مقعدًا للفردي، قال الخبراء إن تقليص أعداد مقاعد البرلمان يؤثر على أدائه الرقابي والتشريعي. وأكدت الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الدستوري والجنائي بجامعة القاهرة، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقًا، أن التعديل الجديد لقانون مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص ولا يساوى بين الحزبيين والمستقلين ويتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية العليا. كما اتفق المرشحون المحتملون على رفض التعديلات المثيرة للجدل. وقال الدكتور أيمن نور إنه يعارض التعديلات التي أقرتها الحكومة كلية، معتبرًا أن المجلس العسكري لم يحترم مطالب القوى السياسية وأصر على المغايرة رغمًا عن القوى السياسية دون سند قانوني واضح. في حين اعتبر الدكتور محمد سليم العوا، أن نظام "القائمة النسبية الكاملة" أفضل من نظام الثلثين والثلث, مشيرًا إلى أن ذلك يعد نسبيًا أفضل مما سبق, مطالبًا بالإعلان عن موعد تقسيم الدوائر في موعد أقصاه اليوم. بدوره وصف الدكتور عبد الله الأشعل فأكد أن تعديلات مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية بأنها لا قيمة لها، طالما أنها لما يصحبها العزل السياسي وتفعيل قانون الغدر وإقصاء كل من أفسدوا الحياة السياسية. فيما أعربت الأحزاب والقوى السياسية عن رفضها القاطع للتعديلات على قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر والتي لم تلب مطالب القوى السياسية التي اجتمعت في الأسبوع الماضي مع الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس العسكري. وقال حزب "الوفد" إن القانون "بمثابة التفاف على إرادة الشعب المصرى وأهداف ثورة 25 يناير ويعيد إنتاج النظام السابق وكأن الثورة لم تكن"، واعتبر أنه "يتضمن عوارًا دستوريًا بحرمانه المستقلين من الانضمام إلى أي حزب سياسي بعد دخولهم مجلس الشعب مخالفًا بذلك مبدأً عامًا من المبادئ الدستورية التي تكفل حرية الفكر وحرية العقيدة السياسية". وحذر "الوفد" في بيان الاثنين من أن استمرار تعسف الحكومة وإصدارها قوانين مخالفة لإرادة الشعب يعد أمرًا خطيرًا ومؤشرًا لعدم الاستجابة للمطالب التى اجتمعت عليها الأحزاب والقوى السياسية خاصة أن الحكومة عقدت اجتماعات مع العديد من الأحزاب والقوى السياسية واستمعت إلى وجهة نظرها فى القانون السابق، وكذلك فعل المجلس الاعلى للقوات المسلحة باجتماعه مع 45 حزبًا سياسيًا أبدوا جميعًا وجهة نظرهم حول هذا القانون و رغبتهم فى اجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية غير المشروطه للاحزاب والمستقلين، ثم فوجئنا بإقرار قانون من مجلس الوزراء يتعارض تمامًا مع وجهات النظر والآراء التي طرحت وكأنه عقاب للأحزاب والقوى السياسية على رفضها للقانون السابق. في حين وصف حزب "الحرية والعدالة"، القانون بأنه جاء مخيبًا للآمال ولا يحقق آمال وطموحات الأحزاب والقوى السياسية. وأكد الدكتور محمد سعد الكتاتنى الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة" أن الحزب يرى ضرورة مراجعة كل الجوانب القانونية والإجرائية للانتخابات معًا، بما يضمن تشكيل برلمان وطني يستكمل مسيرة الثورة المجيدة ويحقق مطالبه. وقال إن القضية لا تتعلق فقط بنسبة القوائم الحزبية والمقاعد الفردية لنحكم على القانون الصادر عن مجلس الوزراء بالموافقة أو الرفض, إذ أن مطالبة القوى السياسية بإجراء الانتخابات بالقائمة النسبية المغلقة كان يهدف لمنع فلول النظام السابق والحزب الوطني من اختراق الحياه البرلمانية من خلال المقاعد الفردية. ورأى أن موافقة على لجنة الاحزاب على الترخيص لستة أحزاب من أعضاء الحزب "الوطني" ومشروع القانون الذى قدمه مجلس الوزراء ليحول دون منافسة القوى السياسية الحزبية على المقاعد الفردية يتعارض مع الهدف من منع من أفسدوا الحياة السياسية من العودة للبرلمان فى هذه المرحلة الحرجة من مسيرة الوطن. وأكد الكتاتني تمسك حزب "الحرية والعدالة" بضرورة صدور قانون العزل السياسي الذى وعد مجلس الوزراء بسرعة صدوره ثم تراجع عنه, مع ضرورة مراجعة قانون الانتخابات والدوائر بما يحقق المصلحة الوطنية. وقال الدكتور محمد البلتاجي أمين حزب "الحرية والعدالة" بمحافظة القاهرة، إن الاعتراضات على قانون مجلسي الشعب والشورى الجديد وتقسيم الدوائر من جانب الأحزاب والقوى السياسية كانت تنحصر في رفض زيادة عدد المقاعد الفردية التى يمكن أن يدخل من خلالها فلول النظام السابق إلى البرلمان القادم. وحذر من أن القانون الجديد يثير العديد من الإشكاليات خاصة وأن فلول النظام والحزب "الوطني" المنحل أصبح لديهم 6 أحزاب سياسية معترف بها كما أنهم سيترشحون على المقاعد الفردية. وطالب بالإسراع بإصدار "قانون الغدر والعزل السياسي" لمنع دخول أعضاء الحزب المنحل البرلمان الجديد. وأعرب البلتاجي عن مخاوفه من أن يتسبب القانون في إفراز برلمان لا يمثل جميع فئات الشعب المصرى تمثيلا حقيقيا وهو ما سيلقي بظلال من الشك على الدستور الجديد المزمع إصداره. وقال إن إحزاب "التحالف الديمقراطي" بقيادة حزبي "الوفد" و"الحرية والعدالة" ستجتمع الأربعاء لمناقشة المشهد السياسى والانتخابي على ضوء قانون الانتخابات الجديد وتنسيق المواقف بين الأحزاب الأعضاء في التحالف. من جانبه، أكد صبحي صالح القيادى بحزب "الحرية والعدالة"، وعضو لجنة التعديلات الدستورية، أن القانون الجديد لمجلسى الشعب والشورى يحتوي على ثغرة خطيرة وهي أنه لم يسمح للمرشحين المستقلين في إعداد قوائم انتخابية يترشحون من خلالها، بعد أن انحاز القانون للقوائم على حساب المستقلين. وأعرب عن مخاوفه من أن القانون قد يثير مشاكل كثيرة، وقد يتيح لفلول "الوطني" التمثيل بالبرلمان القادم، استغلالا للعصبيات بمحافظات الصعيد والوجه البحرى, لكنه استبعد فوزهم بأية مقاعد من خلال القوائم حتى لو تسللوا من خلال قوائم حزب "الإخوان المسلمين" نفسه لأن الشعب يعرف الفلول جيدا طوال 30 سنة. من جهته، أكد الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس لجنة التنسيق الانتخابي بأحزاب "التحالف الديمقراطي" الذي يضم 34 حزبا، أن التعديلات الحكومية على قانون الانتخابات والتي انتهت إلى تخصيص ثلثي المقاعد للقوائم الحزبية والثلث للمستقلين (الفردي) تعطي فرصة أكبر للحزب "الوطني" المنحل وفلوله. ووصف التعديلات على القانون بأنها أسوء مما مضى، لأنها تمنع أعضاء الأحزاب من الترشح على المقاعد الفردية ويجعلها للمستقلين مما يعطي فرصة أكبر للحزب "الوطني" المنحل, في حين لا يشجع الأحزاب الجديدة على المنافسة, كما أن الدوائر سيكون مساحتها شاسعة ترهق المرشحين في الدوائر الفردية.