نريد أن نستدرك ما فات ونعترف أننا مارسنا السياسة بشىء من المراهقة والخفة ولم نع حجم الأخطار التى تواجه الثورة فمددنا أرجلنا وخلعنا " لأمة " الثورة وتفرغنا للجدل الفكرى وبهرتنا أضواء الفضائيات وانسحقنا أمام هتافات الأتباع وفى لحظة الحقيقة أدركنا أننا على شفا جرف هار سينهار بنا جميعا لذا فنحن نحاول الاستدراك ... الاستدراك اليوم لن يكون إلا بالتوافق الوطنى بين كل القوى الوطنية على خوض الانتخابات بقائمة موحدة تستوعب كل الأطياف السياسية والمذاهب الفكرية والدينية حتى نغلق الباب أمام فلول الحزب الوطنى المنحل الذين أراهم عائدين بقوة عبر خطة محكمة . فقيادات الحزب الوطنى وزعوا أنفسهم على ما يقرب من خمسة إلى ثمانية أحزاب جديدة بعد أن تم تجميد قانون الغدر حتى الآن لأسباب لا تخفى على أحد والذى كان يمكن أن يطال أعضاء الأمانات العامة والمجالس المحلية والبرلمانية ورؤساء الوحدات القاعدية وأمناء الأحزاب فى المحافظات دون القواعد العامة على الأقل فى المرحلة الأولى حتى لا نظلم بريئاً لم يرتبط بالحزب الوطنى سوى عن طريق " الكارنيه " وفقط أما المستويات التى ذكرتها فهذه أسهمت بكل تأكيد فى تزوير الانتخابات وسحق الإرادة السياسية للشعب المصرى . كل هذه القيادات وزعت نفسها اليوم على العديد من الأحزاب استعداداً لتحالف قد يتم بينها لنفاجأ أننا أمام الحزب الوطنى فى صورته الجديدة ويخوضون الانتخابات القادمة بما يملكون من خبرات تراكمية فى التزوير وإدارة العملية الانتخابية إضافة إلى المساعدة التى من المتوقع أن يتلقوها من موظفى الإدارة الحكومية التى مازال أعضاء الوطنى يتحكمون فى معظمها حتى الآن إضافة إلى جهاز شرطة مازال كثير من أفراده يعتبرون أن هناك " ثأراً " لم تجف دماؤه بعد بينهم وبين الشعب المصرى على خلفية أحداث الثورة . أما القوى السياسية الوطنية فنحن أمام أربع تكتلات فكرية واسعة : الكتلة الإسلامية ، والكتلة الليبرالية ، والكتلة اليسارية ، والكتلة القومية إضافة إلى كتلتين أخرتين وهما الكتلة القبطية وكتلة شباب الثورة وهاتان الكتلتان إذا ما استطاعت الكتل الأولى أن تغطيهما فسنرجع إلى أربع قوى سياسية كبرى . هذه القوى مدعوة إلى حوار جاد وسريع تتجاوز فيه حالة الاستقطاب السابقة والتراشق الماضية نحو بناء قائمة توافق وطنى تخوض بها الانتخابات وإن تعسر بناء تلك القائمة فيمكن التنسيق بين كتلة التحالف الديمقراطى التى تضم على رأسها الإخوان والوفد والعديد من الأحزاب المتباينة الأفكار ، والكتلة المصرية التى تضم العديد من الأحزاب الليبرالية واليسارية بحيث نتلاشى التطاحن والانقسام فيما بين هاتين الكتلتين ولن يستفيد من ذلك إلا فلول الحزب الوطنى المنحل . هذا التوافق حال التوصل إليه ينبغى أن يتبع بحالة توعية عامة للناخب المصرى بحيث نخرج المواطن من حالة اللامبالاة والسلبية التى ألمت به نتيجة أحداث الستة أشهر الماضية ويعود شريكاً أساسياً فى صنع وتشكيل المستقبل السياسى لمصر وهذا يتطلب أن يترك الجميع استوديوهات الفضائيات لينزلوا إلى الكفور والنجوع من حلايب وشلاتين إلى الإسكندرية ومن رفح إلى مرسى مطروح .. حتى ننقذ ثورتنا ونبدأ فى صنع مستقبلنا فالوطن يحتاج إلى الجميع بلا استثناء . فهل يمكن أن نبدأ من الآن ؟ [email protected]