مازال المواطن اللبناني والسوري ينتظر معرفة الجهة أو الجهات التي ارتكبت جريمة إغتيال رفيق الحريري. تقارير لجنة التحقيق الدولية أشارت إلى أن معظم الأدلة والقرائن تشير إلى احتمال تورط أجهزة أمنية لبنانية و سورية أو جهات تابعة لها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فقد كان الاحتراف واضحاً ومرعباً في آن معاً، ولاريب أن الأشهر القليلة القادمة سوف تكشف المزيد من المعلومات التي ستعزز قناعتنا جميعاً بأن من وقف خلف هذه العملية قد توفرت له إمكانيات دول لا جماعات. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو يا ترى دافع هؤلاء القتلة إلى استهداف أبرز رمز سياسي سني على الساحة اللبنانية لا يحظى فقط باحترام الطائفة التي وفد منها بل جميع شرائح وطوائف المجتمع اللبناني، ويمتلك شبكة علاقات عربية ودولية مكنته من حيازة لقب رجل الدولة الذي قلّ وجوده في ظروف كظروف لبنان القاسية والمعقدة. لا بد أن تكون الإجابة بأنه شكل تهديداً واضحاً لعدد من مراكز القوى الفاعلة على الساحة اللبنانية والإقليمية. لقد خسر لبنان كثيراً بفقد زعيم وطني ورجل دولة مثل الحريري تمكن من تجاوزالحدود الطائفية فكان أعز أصدقائه يتوزعون على مختلف فئات الشعب اللبناني ولا ريب في أن السنة في لبنان يشعرون بخسارة مضاعفة كما قال مفتي لبنان بأن اغتيال الحريري هو استهداف للمسلمين السنّة ولدورهم وكرامتهم. مرة أخرى يشعر السنّة بأنهم الحلقة الأضعف وأن رموزهم الدينية والسياسية يتخطفها الموت والاغتيال كما حدث للشيخين حسن خالد وصبحي الصالح والزعيم السياسي رشيد كرامي. هكذا كانت دوماً سياسة أصحاب العلاقات المميزة وهي ألاّ يُبقوا للبنان رجالاً كباراً بل مجموعة من الدمى السياسية يسهل التعامل معها. ومع مرور عام على هذه الخسارة وهذا المصاب الجلل، فإن الجميع في لبنان وعلى اختلاف توجهاتهم السياسية مطالبون بالتفكير العميق والسليم في سبيل مواجهة التحديات وإثبات أن الشعب اللبناني قادر على استحقاقات الحرية والسيادة والاستقلال. من حقنا كعرب وكمجموعة تنتمي إلى الدائرة الإنسانية أن نعلن وبكل وضوح أننا لم نعد نعاني من عمى الألوان السياسي والأمني، ومع كل جريمة ترتكبها أجهزة أمن الأنظمة الشمولية العربية تصبح الصورة أوضح. فلم يعد من السهولة استغفال واستغباء عشرات الملايين ممن ابتلوا بهذه الأنظمة الوبائية. فهل تتمكن شعوبنا من استئصال الوباء ليبقى الجسد معافىً ؟ كاتب سوري [email protected]