تكتمل اليوم الإثنين، الأيام العشرة، لسد الفراغ السياسي الذي عاشه اليمن على مدار شهر كامل غاب فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته عن المشهد مكرهين، وأحكم فيه الحوثيون قبضتهم "الميدانية والدستورية" على العاصمة صنعاء. شهر بكامله، وضعت جماعة "أنصار الله" المعروفة ب"الحوثي"، هادي ورئيس حكومته، خالد بحاح، قيد الإقامة الجبرية في منازلهم بصنعاء، وذلك قبل أن يقدما استقالتيهما، وتعلن الجماعة، لاحقاً "الإعلان الدستوري" الذي يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية، وهو الإعلان الذي رفضته أحزاب سياسية يمنية مختلفة، ودول عربية وغربية. يوم السبت قبل الماضي، والذي وافق 21 من فبراير الماضي، عاد هادي إلى محافظة عدن الجنوبية، لأول مرة منذ حصاره بصنعاء في 22 يناير الثاني الماضي. وفي اليوم التالي (الأحد) 22 فبراير ، ظهر هادي في عدن، على غير عادته في ذلك الشهر اليتيم، ظهر يمارس عمله كرئيس بشكل طبيعي، فتارة يصدر البيانات المؤكدة على شرعيته والرافضة ل"انقلاب" جماعة الحوثي ولكل قرار اتخذته، وتارة أخرى يعقد اللقاءات مع محافظين جنوبيين وشماليين، وأخرى يستقبل فيها أحزاباً سياسية، وضيوفاً من الخارج، وصولاً إلى مخاطبته البرلمان بسحب استقالته. فمنذ عودته إلى الجنوب، بدأ هادي يحصد تأييداً محلياً وإقليمياً ودولياً لشرعيته، فعلاوة على استقباله المحافظين، والشخصيات السياسية المحلية، بعثت دول مجلس التعاون الخليجي بأمينها العام، عبداللطيف الزياني، للقاء الرئيس اليمني، ومن ثم أعادت سفراء لها إلى عدن، بعد أن سحبتهم من صنعاء، بسبب ما اعتبرته حينها "تدهور الوضع الأمني والسياسي، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة"، فضلاً عن استقباله المبعوث الأممي لليمن، جمال بنعمر. جماعة "الحوثي" من جهتها، غردت خارج سرب التأييد والترحيب بعودة هادي إلى عدن، حيث اعتبرته "فاقداً للشرعية"، متوعدة كل من يتعامل معه بصفة رئيس دولة، بالمساءلة القانونية. ورأى الناشط السياسي، عوض كشميم، في حديث مع وكالة الأناضول، أن على هادي عدم اقتصار عمله على استقبال الوفود، واللقاء بالقيادات المشاركة في العملية السياسية فحسب، بل عليه أن يتقدم خطوات عبر ممثلي الأقاليم، والتحرك باتجاه العمل على الأرض، كالشروع في الدعوة للهيئة الوطنية للمراقبة على مخرجات الحوار (الذي أنهى أعمله في يناير من العام الماضي) لفتح نقاش حول مسودة الدستور القادم. هذا النشاط الذي بدا عليه هادي منذ فك حصاره، لا يخفي التخوف لدى مراقبين من استرخاء الأول في مقر إقامته بالعاصمة الاقتصادية المطلة على البحر العربي (عدن)، واكتفائه باستعادة سفارات الخليج وعدد من المحافظات إلى صفه، مقابل اشتعال غضب الحوثيين الذي قد ينتهي ربما باجتياحهم للمدن الجنوبية. وفي هذا الصدد، قال مصدر حزبي رفيع، قال لوكالة الأناضول، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إنه "حتى اللحظة مازال هادي يتعامل مع الأمور كما لو كانت قبل سبتمبر/أيلول الماضي (عند اجتياح الحوثيين للعاصمة)، الرجل مسترخٍ، ولا بوادر لصدور قرارات حاسمة حتى اللحظة تستعيد الدولة المخطوفة لدى الحوثي". المصدر رأى أن على الرئيس "إصدار قرارات قوية تستعيد بعضاً من هيبة الجيش الذي التهمته جماعة الحوثي، والإعلام الرسمي، وتسمية حكومة جديدة، ونقل البنك المركزي، وقيادة وزارة الدفاع من صنعاء إلى محافظة عدن". بدوره قال الكاتب جمال حسن، إن "هادي هو الرئيس الشرعي، ولا يحتاج لإثبات شرعيته، فخروجه من قبضة الحوثي أعاد له الشرعية بشكل مباشر، ويجب عليه الشروع بخطوات عملية بدلاً من الاعتماد كثيراً على الخارج ليحدد ما يجب عليه فعله". وأضاف في حديث مع الأناضول، أن "هناك أشياء ليست في صالح الحوثيين وينبغي على الرئيس أن يتعامل معها بذكاء ، كعدم شرعيتهم للحكم، وتزايد السخط الشعبي ضدهم، عليه (هادي) أن يخلق ثقة لدى الناس، وأن يخرج عليهم بخطاب وطني يتحدث فيه عن اليمن الاتحادي".